في يوم تلب

> أحمد يسلم صالح:

> بداية ليس لي إلا الاستهلال بالقول العربي المأثور ..إذا احتربت يوماً وسالت دماؤها ..تذكرت القُربى فغاضت دموعها.

يوم الخميس 18 من مارس شهدت منطقة تلب بمديرية يافع حشود غفيرة للآلاف من الرجال الذين توافدوا إليها منذ الصباح الباكر من كل حدب وصوب، ولقد هالني ذلك الحضور الأخوي والشعبي القبلي والرسمي المهيب، في بادرة قل نظيرها عكست، بل مثلت لوحة بانورامية إشراقية مذهلة وترجمة لرغبة قوية صادقة وأكيدة في وأد وإطفاء نار الفتن ومظاهر الاقتتال الأخوي حين لاحت بوادرها للأسف في وقت قريب مضى فكان يوم تلب بحق وحقيقة من الشواهد الحية بما يحمله من دلالات ومعانٍ عبرت عن نفسها بأروع صورة في حفظ دماء أخوة لهم وللناس جميعاً من آل فليس وآل الحسني في ذلك الواد العتيد.

ومن الدلالات التي حملها ذلك اليوم الحاجة الملحة التي تفرضها تقوية أواصر المحبة والسلام والإخاء والجيرة في زمن تتهاوى فيه الشيم والقيم.

وجاء ذلك اليوم بكل تأكيد ثمرة لجهد جهيد وطول صبر لرجال لهم منا جليل التقدير وعظيم الامتنان فرداً فرداً واسماً اسماً، وليجعل الله تعالى ذلك في ميزان حسناتهم وهم من الشيوخ والوجهاء والعراف ورجال أعمال ولا يفوتني هنا أن أشيد باللجنة المشكلة القادمة من المهجر ناهيك عن الرجال الذين كانوا من وراء هذا العمل الإنساني الخيري النبيل وفضلوا أن يكونوا بعيدين عن الأضواء وقريبين من الفعل حينها، أدركت أن الدنيا مازالت بخير.

ومن المشاهد اللافتة أن ذلك الحضور الباهر وغير العادي مثل مكانة كبيرة وتقدير للمتصالحين الجانحين للسلم والمودة عسى أن يكونوا في مستوى هذا التقدير الذي نالوه ويعودوا كما كانوا أخوة وجيرة وأحباء.

وعلى هامش الحدث تتراءى على جنبات مسار الطريق السالك إلى مناطق يافع مظاهر عمرانية مثيرة للانتباه تعكس حساً حضارياً وعمرانياً بالاتكاء على الموروث والتراث المعماري اليافعي الأصيل، ويأتي تأكيداً لقوة الانتماء والوفاء لمسقط الرأس والمهد الحاضن عند الذين ابتسم لهم الحظ وطاروا إلى بلاد الهجرة والاغتراب، ومقصدي من هكذا إشارة إلى أن أجواء التنافس العمراني الشريف في المنطقة فرضته أسباب عدة منها قوة الحنين إلى الوطن والتعبير عن الذات، وبالتالي البعد عن الضغائن والفتن والحروب الأهلية التي يعرف شرورها كل من اكتوى بنارها، وهذا ما ينبغي إدراكه واستيعابه.

كما أنه من حسن القول الإشارة إلى أن هذا الحس العمراني سليل ثقافة تدل على أن أصحابها جديرين بإدراك أهمية الوئام الاجتماعي الذي لابد أن ينعكس في الاهتمام بجيل النشء والشباب وتوجيههم صوب مناهل العلم والدراسة والمعرفة وفي هذا قوة ومنعة لاتقدر بثمن والنأي عن التمنطق بالسلاح، ذلك أن سلاح العلم والمعرفة أمضى وأرقى في عصر المعلوماتية والثورة الرقمية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى