قصة قصيرة .. في الأفق ...!

> «الأيام» سبأ عبد الملك محمود:

> بحثت عنه طويلا، ولكني لم أجده، لقد تعبت من كثرة البحث، قلت في نفسي : سوف أرتاح ثم أعاود البحث، جلست لكي أرتاح، وأخذت أتأمل أرجاء تلك البقعة ، وفجأة لمحته عند تلك الحافة، قمت ومشيت إلى حيث كان يقعد.

وعندما اقتربت منه كان ساكنا سكونا غريبا، لقد كانت عيناه مسمرتين على النقطة نفسها .

لقد كان ينظر إلى الأفق، كان يبدو كمن يشاهد شيئا، اقتربت منه أكثر، كنت أظن أنه سينتبه لوجودي، ولكني لم أغير من حاله شيئا، جلست بقربه، ونظرت معه إلى الأفق، كنت أحاول أن أرى ماذا يرى، ولكني لم أشاهد شيئا سوى الفراغ. لم أرد أن أزعجه بالسؤال. ركزت بصري وجمعت أفكاري علِي أرى ماذا يرى إلا أني لم أر شيئا ،بعد لحظات عرفت أن محاولتي باءت بالفشل، فنظرت إليه كان مازال ينظر بالشغف نفسه ، أردت أن أسأله ،ولكني غيرت رأيي.

ظللت بقربه صامتة، إلا أنه لم يحدثني، ولم يعرني أي اهتمام، زاد فضولي ولم أستطع أن أكتم أكثر، فسألته: إلى ماذا تنظر؟! عندها توقف عن النظر إلى الأفق-نعم لقد حصل ما كنت أخشاه لقد أزعجته-ونظر إلي نظرة حنونة، و اكتفى قائلا:لا شيء فقط أنظر .

قلت في نفسي نعم أعرف أنك تنظر ، ولكن إلى ماذا؟! فسألته ما الشيء اللافت في السماء؟ فرد علي: لن تفهمي، لو كنت مكاني ستفهمين، عندها صمتُ أنا وعاد هو إلى الأفق ينظر مجددا.

لقد كانت نظرته غير عادية، لم تكن نظرة شخص عابث، بل نظرة شخص حكيم، أخذت أتأمله ، أنظر إلى وجهه، لقد بدا مشرقا وحزينا معا، كان الزمن قد أخذ منه الكثير ،ويبدو أنه لم يعطه إلا القليل .

ظللنَا على صمتنا ،حتى غربت الشمس، تأملنَا الغروب معا-هذه المرة عرفت إلى ماذا كان ينظر-ثم عدنا إلى المنزل، لم أسأله بعد ذلك اليوم إلى ماذا كان ينظر ، وهو لم يحدثني عن الأمر، حتى الآن لم أعرف، ولكن ربما سأعرف يوما ما، عندما أصبح في عمره وأنظر نظرته نفسها..!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى