وزارة الإيلام وصحيفة «الأيام»

> د.محمد عبدالملك المتوكل:

> صحيفة «الأيام» صحيفة يمنية عريقة، عايشت قضايا اليمن وهمومه لما يزيد على نصف قرن من الزمن وكانت واحدة من تلك المنابر التي فتحت صفحاتها لليمنيين المناضلين في سبيل الحرية والانعتاق من الظلم والقهر في شمال الوطن وجنوبه.

صحيفة «الأيام» تشكل اليوم الرئة التي يتنفس من خلالها أبناء الجنوب الحبيب، ومن خلال صفحاتها يتنسمون أخبارهم ويتابعون قضاياهم.

قد لاتجد بيتا في المهرة إلى عدن ليس لـ«الأيام» فيه موقع، في صباح كل يوم في المقاهي والمطاعم والحارات يتحلق من لايقرؤون من المواطنين حول من يقول لهم ماذا نقلت «الأيام» من أخبار عن همومهم ومعاناتهم وحراكهم، عن رفض أبناء الجنوب للاستضعاف ومقاومتهم السلمية للظلم والقهر والحرمان.

صحيفة «الأيام» ومؤسستها- شاءت وزارة الإيلام أم لم تشأ- أصبحت رمزا وطنيا، ورقما يصعب تجاوزه، وأي إساءة تتعرض لها صحيفة «الأيام» يعتبرها أنصار الحرية وأبناء الجنوب -بشكل خاص- إساءة لهم وجزءا من الانتهاك الممارس ضدهم، ومن يتابع التأييد والتضامن الذي يصل إلى مؤسسة «الأيام» يدرك بوضوح المكانة التي تحظى بها صحيفة «الأيام» وناشراها في نفوس الناس.

وحين يناقشك أبناء الجنوب عن معاناتهم وتعنت سلطة 7/7 ضدهم لاينسون ما تعانيه مؤسسة «الأيام» ومؤسسوها من عنت وجرجرة إلى المحاكم، واعتداء سافر على أرضية ومنزل آل باشراحيل في صنعاء، واعتقال ابن رئيس التحرير لأنه كصحفي أراد القيام بتحقيق عن معاناة مواطنين فقراء في حي من أحياء عدن التي كانت حاضرة اليمن وزهرة المدائن، ويختمون نقاشهم بتساؤل مفعم بالألم والأسى: ألا يكفي سلطة 7/7 أنها صادرت الأراضي، واقتسمت الثروات، واحتكرت السلطة، وعلت في الأرض، وأحالت أبناء الجنوب مدنيين وعسكريين إلى الفائض، وتحكمت في الإعلام المسموع والمرئي الذي ينفق الشعب عليه من قوته ودموعه وآلامه، ألا يكفي كل ذلك حتى تعمد سلطة الإيلام إلى مضايقة صحيفة «الأيام» التي تنقل أخبارنا، وتعبر عن آهاتنا- حسبنا الله ونعم الوكيل-.

من ناحية أخرى هذه المكانة التي تحظى بها صحيفة «الأيام» في نفوس الناس تحمل مؤسسة «الأيام» مسؤولية وطنية وأخلاقية تتعلق بدعم الحراك الشعبي وترشيده وتعويد شباب الحراك على القبول بالرأي والرأي الآخر، وتعميق مفهوم أن الرأي الآخر هو الرأي الذي قد يتناقض مع رأيك، ولنا في القرآن الكريم أسوة، فالله -عز وجل- حين دعا الآخر إلى الحوار ترك الحق مفتوحا للحوار وللحجج المطروحة «وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ظلال مبين»، والإمام الشافعي وبتواضع العالم يقول «رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب».

أنا أعلم أن صحيفة «الأيام» تنطلق من مهنية عالية تجعلها حريصة على توصيل المعلومة للقارئ بحيادية ودون تدخل وهذا منهج إعلامي صحيح، لكن المكانة التي تحتلها «الأيام» في نفوس الناس والظرف الحرج الذي يمر به الوطن يفرض على «الأيام» وطنيا وأخلاقيا أن تتدخل، وللصحافة فنون متعددة تجمع بين المهنية وبين واجب التدخل ومن ذلك فتح صفحات للحوار للرأي والرأي الآخر.

إن ما نخشاه أن يفرز القهر تطرفا يغيب العقل والحكمة ويخلق نسخة جديدة من ديكتاتورية ديماغوجية يكتوي بنارها الوطن وأهله، وتجاربنا وتجارب شعوب أمثالنا حية في الأذهان، والمناضل الذي لايقبل الرأي الآخر وهو في ساحة النضال مجرد من السلطة وملاحق من الأجهزة كيف يكون به حين يستلم السلطة؟

لتمض «الأيام» منارا يهتدى به غير آبهة بسلطة الإيلام، وليكن شعارها «وتلك الأيام نداولها بين الناس» صدق الله العظيم.

30/3/2009

عن الزميلة «صوت الشورى» العدد (89)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى