وصاية..

> محمد عبدالله الموس:

> ذات حوار صيفي ساخن، كسخونة صيف عدن اللافح، الذي تزيد من قساوته انطفاءات الكهرباء وفواتيرها التي ترهق جيوب مطحوني المدينة من متقاعدين ومتعاقدين وفائضين وعاطلين.

هذه المدينة النائمة على شاطئ خليجها، أسخن خلجان العالم، وأهمها، بفعل القرصنة ومكافحة القرصنة نتيجة هشاشة وغياب الدول المطلة عليه، ولاينام أهلها من حر الصيف وأشياء أخرى، عدن المدينة التي كانت ذات يوم قبلة رجال الأعمال والمبدعين في مختلف مناحي الحياة وأصبحت اليوم لاتذكر إلا بأخبار النهب والسلب وقمع صور التعبير السلمي، الذي كان متاحاً إبان عهد أعتى احتلال وأصبح في ظل السلطة الوطنية من المحرمات.

في ذلكم الحوار تباينت الآراء حول الحلول والمخارج ولم تغب عنه قدسية 22 مايو، لكنها أجمعت حول قضية أن أبناء الجنوب هم من دفع ثمن الوحدة أكثر من مرة وفي أكثر من صورة، ففي المرة الأولى تخلوا عن دولة وعاصمة ومكوناتها، وفي المرة التالية دفعوها بحرب جرت على أرضهم ورؤوسهم، وفي الصورة الثالثة دفعوها بمؤسساتهم التي تكونت بجهد ومعاناة وبيعت ذات ليل، ودفعوها في الصورة الرابعة حين وجدوا أنفسهم مجرد أعداد من الناس زائدة عن الحاجة (فائضين)، ويدفعونها في صور أخرى ليس أقلها الاستعلاء الذي يمارس عليهم من بعض ضعاف النفوس، وعصابات الفيد ووحدويي الغنيمة سلباً للأرض والممتلكات، خاصة وعامة، لم تتوقف حتى اللحظة، وبعد كل ذلك يأتي من يرفع في وجوههم التهمة (المكارثية الجديد، الانفصالية) في وجه كل من صرخ، مجرد صراخ، من الألم والظلم .

وصل الشطط بأن صرنا نسمع مقولة أن (لا أوصياء على الجنوب) وهو مصطلح نسمعه هنا وهناك وفي وسائل رسمية وشبه رسمية، ولا أدري لماذا يقفز إلى الذهن مصطلح (أرض بلا شعب) حين نسمع قولا كهذا.

عامل النظافة الذي يحمل عدته قبل طلوع شمس كل يوم جديد والصناعي في معمله والفلاح في أرضه والجندي الذي يحرس حدود الوطن وبحاره وسماءه ويحمي أمن المواطن ويصون كرامته، والمعلم والطبيب والمثقف والسياسي والداعية.. كل هؤلاء يقفون على المسافة نفسها من مسألة الوصاية على الأوطان ولا يملك أحد أن ينكر على الآخر شراكة الوصاية، تماماً كما لا يملك أحد حق نزع صفة الانتماء بالتخوين أو بالتكفير السياسي الذي أصبح تقليعة تطلق في وجه كل من يغرد في السرب الآخر.

ياهؤلاء.. هناك ضرر أصاب الناس نتيجة خلل أصبح عصيا على الترقيع والترضيات ولم يعد يجدي نبش جراحات الماضي واستدعاء صراعاته، وصلت حد المتاجرة بدماء الشهداء في سوق نخاسة رخيص، كما لم يعد يجدي تحريك (الأراجوزات) هنا وهناك تسفه معاناة الناس، في طول البلاد وعرضها، بخفة بليدة، فالأمر يتطلب وقفة ترتفع إلى مستوى وطن دون حساب لما دون ذلك، فهل نلمس حلولاً شجاعة تسمي الأشياء بمسمياتها؟ عدا ذلك فإن البدائل كارثية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى