الإعلام العربي .. ونحن ..والأحداث في الجنوب

> أحمد عمر بن فريد:

> ما أسوأ وما أصعب على النفس من أن تتعسف الحقيقة ويتم تزويرها وتلفيقها وتقديمها في شكل ومضمون آخر, يتناقض تماما وبالمطلق مع جوهرها وهدفها الرئيس الذي قامت وخلقت من أجله وعلى أساسه.

وما أبغضه من عمل إعلامي ذلك الذي يتنافى مع شرف المهنة وقيم وأخلاق الإنسان الحر النبيل, وما أبشعها من كذبة تلك التي تبنى وتؤلف تفاصيلها من قبل الكذابين على حساب دماء تسفك, وأرواح تزهق, وتضحيات تسطر على الأرض نصرة للحق والأرض والكرامة, وتلبية لنداء الواجب تجاه الوطن واستحقاقاته المقدسة قداسة الدم نفسه.. وقداسة الحقيقة نفسها التي تغتال كما يتم اغتيال الأبطال بدم بارد, وبرصاص قاتل وضمير منتحر.

إذن .. هذا هو حال (قضية الجنوب) مع مختلف وسائل الإعلام العربية والدولية إلى حد ما .. وهذا هو حال تضحيات الحراك الجنوبي العظيم مع وسائط الإعلام العربية الحرة!! التي تقوم - وهي تعلم بحقيقة الحدث وأهدافه - بتزوير الوقائع والأحداث وأسبابها ومراميها وأبطالها..!! إذ يتم تضليل الرأي العام العربي والعالمي (عيني عينيك) حينما يجري الحديث (كذبا ووهما وإيهاما) عن احتجاجات يقوم بها أنصار أحزاب اللقاء المشترك في ردفان أو الضالع أو غيرها من مناطق الجنوب!! إيهاما للمشاهد والقارئ العربي الكريم, بأن ما يحدث في الجنوب إنما هو نتاج ديمقراطية اليمن التي سارت وتقدمت إلى هذه الدرجة من الحرية !! بينما الحقيقة التي يصعب قولها تشير بجلاء إلى أن الجنوب هو المنتفض ولا سواه .. وأن الجنوب هذا في (الجنوب) وأن المشترك ذاك في الشمال .. وأن القضية ببساطة شديدة تتعلق بهوية وطن وليست قضية ديمقراطية ورأي .. ورأي آخر.

إن غياب الإعلامي العربي ... أو تغييبه من قبل السلطة, هو أفضل وأشرف ألف مرة ومرة من ظهوره بهذه الشاكلة المخزية التي تشوه الحقيقة وتقلب نتائجها, وتعمد إلى تغليفها في قوالب أجهزة المخابرات ثم تصديرها إلى وعي المشاهد العربي, قبل مبادلتها بمظاريف الدولارات الجاهزة.. فما أبشعها من تغطية إعلامية , وما أرخصها من مهنة , تلك التي حولت دماء أبطال ردفان التي تدفقت فداء للجنوب يوم الأربعاء الماضي, الى مجرد مواجهات عنيفة مابين قوات الأمن وأنصار أحزاب اللقاء المشترك! إن دماء الشهيد الشاب ثابت لم ترق إلا من أجل نصرة الجنوب وقضيته العادلة المشروعة كما تراها جماهير الجنوب, وليس كما تراها وترغب في فهمها وإفهامها للآخرين أجهزة السلطة .

لكن عزاءنا الوحيد , أنه إذا كانت وصية البطل العقيد حيدر في لحظات صراعه مع الموت في ذلك اليوم الحزين قد ضلت طريقها إلى وسائط الإعلام العربي والمنابر الحرة.. ومنابر من لا منبر له !! فإنها - على الأقل- لم تضل طريقها إلى مسامعنا وضمائرنا, حينما اصطادتها كاميرات الهواتف الجوالة وتناقلتها بعد ذلك في لحظات سريعة كتعويض إعلامي شعبي منصف, لقصور إعلامي مجحف و مسيس بكل تأكيد .. ويبقى الأهم والأمل فيما يخص هذه الوصية المعمدة بالدم , هو ألا تتوه كثيرا في الوصول إلى صالونات الحوار للجنة العشرين شخصا! الموكل إليها لملمة مكونات الحراك الجنوبي الأربعة.

وعلينا التذكير بهذه المناسبة, بأنه من صميم وواجب كل قيادي في هذا الحراك فتح مقطع هذه الوصية , قبل أن يشرع في حديثه وتنظيراته تجاه الحوار ومستقبله وأهدافه ومراميه والأخطار المحيطة به .. لأني على يقين تام بأن الاستماع إلى تلك الكلمات بضمير جنوبي (يقظ) سوف يرشد صاحبه إلى حقيقة أكيده يتعسفها القيادي الجنوبي تماما كما تتعسف وسائل الإعلام العربية حقيقة حراكنا, وهي أن الخطر الداهم الذي يواجه الحراك هو الخطر القادم من خارجه وليس من داخل مكوناته, كما يظن البعض ويعتقد ويلف ويدور في حواره ومحاوراته.. وإن كانت لدى أحد منا شكوك فيما قلنا في هذا المقال أو فيما قاله صديقنا الردفاني البطل فما عليه سوى التمعن في مقاصد ومرامي نقل العاصمة من صنعاء إلى عدن !!

وحتى لا أتهم بأنني قد أخرجت نفسي من المسئولية .. أو من محيطي الذي أوجد فيه حاليا, فإنني أقدم هذه النصيحة وهذا التحذير إلى قيادات الخارج كما هي مقدمة للداخل , خاصة بعدما ثبت وبالملموس أن سرعة الحراك الجنوبي وما ينتجه من وقائع على الأرض لا تقارن بسرعة تفاعل قياداته معه ومواكبتها سرعته.

وإن كان في هذه المسألة خطورة وتقاطع مع المفترض أو المتوقع من قبلنا, فإن الخصم السياسي هو الآخر يتحرك كما ينبغي له أن يتحرك ويتفاعل وفق الظروف وبما يرتقي إليها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى