«لولة» في محراب الجنوب

> شفيع محمد العبد:

> إزاء ما يعيشه الجنوب من وضع لا علاقة له بالوحدة منذ صيف 94م فإن الواجب يحتم على أبنائه أن يتضامنوا مع بعضهم البعض في مواجهة الظلم والاستبداد ونهب الثروة وطمس الهوية وتزييف التاريخ والعبث بالجغرافيا المفروض عليهم.

منذ تلك الحرب التي شرعن لها بفتوى مازالت سارية المفعول حتى اليوم، فالتاريخ المشترك والجغرافيا والهم والمصير الواحد يلزمهم التضامن كقيمة إنسانية ترتبط هي الأخرى بقيم التصالح والتسامح.

ويشعر أبناء الجنوب أنهم متى ما فرطوا في الحفاظ على تلك القيم التي ناضلوا من أجلها وتداعوا لها منذ تدشين دعوة التصالح والتسامح من جمعية ردفان فإنهم سيجدون أنفسهم يتسولون (وطنا) ويشحذون (مواطنة) ويفتقدون حتى (الحلم) في الحصول على شيء من حقوقهم!!.

على أن ما تعيشه ردفان مهد الثورة وحاضنة التصالح والتسامح من خلال جمعيتها، هذه الأيام من حصار عسكري واستحداثات في أعالي الجبال وفوق منازل المواطنين يتطلب وقفة واحدة للتنديد به ورفضه لما يمثله من انتهاك مباشر لحق المواطن في العيش بأمان بعيداً عن أعين (العسكر) التي ترقب التحركات وأسطح المنازل!!.

وبدورهم هبّ أبناء الجنوب بصدور عارية وبقلوب ملؤها التصالح والتسامح للتعبير الرافض عسكرة الحياة وطالبوا برفع الاستحداثات العسكرية وعودة القوات إلى مواقعها السابقة، وكعادتها - بل كأحب وأجمل عاداتها- تجاه الحراك السلمي الجنوبي، فقد مارست السلطة شتى أساليب القمع والتنكيل، بدءًا من الانتشار العسكري على الطرقات العامة والتفتيش المحكم وإطلاق الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع ومداهمة المنازل وتنفيذ حملة اعتقالات، في محاولة منها لكسر الإرادة الجنوبية التي لن تلين أمام مثل هذه الأساليب القمعية التي لن تزيدها إلا إصراراً وثباتاً حتى تحقيق الأهداف التي انطلق من أجلها الحراك .

«انتفاضة الغضب واستعادة الكرامة» ذلك هو عنوان المسيرة التي انطلقت في ردفان الأسبوع الماضي وذهب ضحيتها ثلاثة شهداء وعدد كبير من الجرحى والمعتقلين!!.

القتل والجرح والاعتقال أمور باتت من المسلمات في أي فعالية جنوبية، على أن المثير للاعتزاز والفخر أن من بين شهداء ردفان التي عودتنا على تقديم أبنائها قرابين على مذبح الحرية منذ ما قبل ثورة أكتوبر المجيدة، بينهم هذه المرة (امرأة)، نعم امرأة خرجت لتمارس حقها في النضال السلمي والتعبير عن رفضها الواقع السائد الذي استكان أمامه الكثير ممن ترتسم على وجوههم خطوط عريضة من الشعر سموها «شنباً»!!.

دور المرأة الجنوبية في الحراك إيجابي منذ بداياته الأولى، وقد وقفت إلى جانب أخيها الرجل تهتف وتلقي الكلمات وتشارك بفعالية وحيوية تعبر عن إيمانها بعدالة قضيتها، وهي تستلهم ذلك من شقيقتها التي واجهت المستعمر البريطاني وكان لها دور بارز في الكفاح المسلح وحمل السلاح في مواجهة الاستعمار ويحفظ التاريخ أسماءهن!!.

«لولة أحمد بن أحمد»، احفظوا اسمها جيداً.. هي أول شهيدة تسقط في محراب الحراك السلمي الجنوبي، وتنضم إلى قافلة الشهداء التي مازالت مفتوحة على مصراعيها لانضمام أسماء جديدة إليها مادامت السلطة لا تفكر إلا بعقلية عدوانية تجاه كل ما هو جنوبي، وتفوح من تصرفاتها روائح الكراهية لقيم التصالح والتسامح والتضامن!!.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى