فضيلة الشيخ عبد العزيز أحمد بن سقاف: ننصح بعدم نبش القبر لأنه يتنافى مع تعاليم الدين وعلماء وخطباء مساجد عدن يستنكرون محاولة طمس قبر الشيخ عبداللطيف العراقي

> مندوب «الأيام»:

> نحذر من محاولة طمس قبر الشيخ عبداللطيف العراقي.. كان هذا عنوان سطر في الصفحة الأخيرة من صحيفة «الأيام» العدد (5701)، حمل في مجمله تصريحا لإمام وخطيب مسجد الجيلاني بكريتر، يستنكر فيه التوجه الحالي لتوسعة مسجد العراقي، الذي سيكون من آثاره هدم وطمس قبر الشيخ عبداللطيف العراقي رحمه الله.

وهذا المسجد رغم صغر مساحته إلا أنه يعد من المواقع التاريخية الدينية التي اشتهرت بها مدينة عدن، ويقع في ساحل صيرة، وكثير من المواقع الدينية ضاعت تحت مسمى التجديد، طمست خلاله قبور علماء كانت تقع بداخل أو بالقرب من هذه المساجد، ومن هذه المواقع الدينية والمساجد مسجد الهاشمي بمديرية الشيخ عثمان، ومسجد شيخان بمديرية دار سعد، كما تم تغيير بناء مسجد ديني عريق له تاريخ ديني لايمحى ألا وهو مسجد أبان الذي حمل تاريخا دينيا لمدينة عدن، ومع التجديد محيت ملامحه القديمة فلم يبق منها غير اسم سجل في ذاكرة الإنسان.. واليوم يسأل علماء وخطباء الجوامع هل جاء الدور على مسجد عبداللطيف العراقي؟.

فكما هو معروف عن مدينة عدن القديمة بأنه دفن فيها الكثير من الرجال الذين عطروا الزمان وتخرجوا من يمن الإيمان، ومن هؤلاء الرجال الرجل الصالح الشيخ عبداللطيف العراقي الذي أثنى عليه بعض المؤرخين من أعلام القرن التاسع الهجري، مثل العلامة عبدالوهاب بن عبدالرحمن البريهي في كتابه المسمى (صلحاء اليمن) بقوله: «كان الشيخ عبداللطيف بن أحمد العراقي (رحمة الله عليه) رجلا صالحا، عابدا، زاهداً، مفتوحا عليه بالمعارف، وله مناقب عديدة مشهورة بين الخاصة والعامة ومكانه محترم، وجاره لايهتضم، مأوى لكل فتاوى».

وقال بعض من يعرفه: «لما رقت شمائله، وعذبت كلمته، انجذبت القلوب إلى حبه، وحسن ظن الناس به».

العلامة الشيخ عبداللطيف بن أحمد العراقي- رحمه الله- توفي سنة 809 هـ ودفن بجوار مسجده القريب من ساحل صيرة، ويقع قبره داخل غرفة مساحتها حوالي 4 أمتار مربعة.

وفي شكوى وصلت لـ «الأيام» حملت توقيعات الكثير من الشيوخ وخطباء وأئمة مساجد عدن استنكروا فيها محاولة طمس قبر الشيخ عبداللطيف- رحمه الله- بحجة توسعة المسجد.. ولمعرفة المزيد عن هذا المسجد التاريخي كان لنا هذا اللقاء:

يتحدث الأستاذ عبدالقادر المحضار رئيس قسم التاريخ والأنساب بمركز الإبداع الثقافي بعدن عن بعض تواريخ هذا المسجد قائلا: «يرجع بناء المسجد الصغير في حجمه ومساحته، الكبير في تاريخه إلى أكثر من 630 عاما، ولنختصر الحديث عن تاريخ عمارته في الفترة الأخيرة (القرن الرابع عشر الهجري)، حيث جدد عدة مرات في القرن الماضي، منها سنة 1352هـ / 1931م وآخرها سنة 1388هـ / 1987م، وبلغت تكلفة بنائه مائة وعشرين ألف شلن، وآخر من تولى الإمامة في هذا المسجد المبارك الوالد المعمر المتواضع الشيخ رشيد محمد عبدالله الحريري- أطال الله في عمره في طاعته ورضاه- وذلك منذ عام 1373 هــ / 1953م».

ويوضح الأستاذ المحضار أن «أكثر المصلين بالمسجد من الصيادين حتى الأمس القريب، واليوم المسجد- ولله الحمد- ممتلئ بالمصلين في الصلوات الخمس، وجزى الله خيرا كل من ساهم في بناء وعمارة المسجد، ووفق الجميع لما يحبه ويرضاه».

وحول سؤالنا فضيلة الشيخ عبدالعزيز أحمد بن سقاف عضو مجلس الإفتاء بعدن في ما يخص توسعة المسجد ونبش القبور، أجاب فضيلته قائلا: «لقد حفظ الإسلام لكل ذي حق حقه، وحرم الاعتداء على النفس والعرض والمال، والاختصاص من ما يتيح للإنسان التمتع بما يملك، وبما أعطاه الله من معنى ومادة، ولم يكن هذا الحفظ لحقوق الإنسان وحريته في حياته فقط، بل وعند موته وبعد وفاته، فهو يغسل ويكفن ولايرمى أو يسحب ويصلى عليه ويدفن دفنا طيبا».

ويضيف: «هناك آداب وأسس في الشريعة، من أبرزها أنه إذا دفن الميت فلا يجوز لأحد نبش قبره إلا إذا تعلق ذلك بحق إنسان آخر، كأن تكون المرأة حاملا وتحتمل حياة جنينها أو دفن مع الميت مال للورثة، ونحو ذلك مما نصت عليه الشريعة».

ويوضح «أما العمل الذي يريد الإقدام عليه بعض المسلمين- هداهم الله للحق- من نبش قبر الشيخ عبداللطيف- رحمه الله- بحجة توسعة المسجد، فهذا لا يجوز، علما أن الشيخ عبداللطيف قد كان زاهدا ورعا، وأوصى أن يدفن في أرض هو يملكها، وهذا أمر تكرر في حياة العلماء كثيرا، بل والأنبياء عليهم السلام، وإذا توسع المسجد واضطروا إلى أخذ البقاع المجاورة للغير فإنهم يسورون هذا القبر ولا ينبشونه، ولهذا نشاهد قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما في وسط المسجد النبوي الشريف، لأن القبر ليس من حقوق المسجد بل من حقوقهم، ولهذا ننصح بعدم نبش القبر لأن ذلك يتنافى مع تعاليم الدين، وهو تصرف لا شرعي و لا أخلاقي ولا حضاري، فالشريعة بمضمونها لاتتنافى مع حفظ المعالم التاريخية، خصوصا لمن كان لهم دور بارز في خدمة الأمة الإسلامية دينا ووطنا».

وحصلت «الأيام» على وثيقة (التعاون على الخير) التي وقّع عليها الجمع الغفير من المصلين المعلقة قلوبهم بالمساجد وكبار الشخصيات البارزة بعدن يتقدمهم أئمة وخطباء المساجد بعدن الرافضون لطمس معالم عدن التاريخية التي يقوم بها قلة من الناس تحت مرأى ومسمع الجميع، مؤكدين أن تلك الأعمال تتنافى مع ديننا الحنيف الذي كرم المؤمنين من عباده الصالحين أحياء وأمواتا، وحرم كل ما من شأنه المساس بهم.

فهل يعي أصحاب القرار والجهات المعنية حتى لاتتكرر مأساة طمس معالم تاريخية وقبور علماء كما حصل من طمس لقبر الهاشمي والعلامة محمد بن شيخان اللذين طمست قبورهما بحجة التوسع، وحتى لايردد المواطنون: لقد أسمعت لو ناديت حيا ** ولكن لا حياة لمن تنادي

ونار إن نفخت فيها أضاءت ** ولكنك تنفخ في الرماد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى