الحـــمَّـــادون

> علي عبدالله الصبيحي:

> قال الله سبحانه وتعالى: (واختارموسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لوشئت أهلكتهم من قبل وإياي، أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء، أنت ولينا فاغفرنا وارحمنا وأنت خير الغافرين، واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة إنا هدنا إليك، قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون، الذين يتبعون النبي الأمي.. الآيات).

إلى أن قال: (ويضع عنهم إصرهم والأغلال) الأعراف (107-100) جاء في تفسير الإمام البغوي رحمة الله عليه: قال نوف البكالي الحميري: »لما اختار موسى من قومه سبعين رجلا قال الله تعالى لموسى: »أجعل لكم الأرض مسجدا وطهورا، تصلون حيث أدركتكم الصلاة إلا عند مرحاض أو حمام أو قبر، وأجعل لكم السكينة في قلوبكم، وأجعلكم تقرؤون التوراة عن ظهر قلوبكم يقرؤها الرجل والمرأة، والحر والعبد، والصغير والكبير»، فقال موسى رضى الله عنه ذلك لقومه فقالوا: »لا نريد أن نصلي إلا في الكنائس ولا نستطيع حمل السكينة في قلوبنا، ولا نستطيع أن نقرأ التوراة عن ظهور قلوبنا ولا نريد أن نقرأها إلا نظرا»، فقال الله تعالى:(فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة) إلى قوله (أولئك هم المفلحون) فجعلها الله لهذه الأمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم».

قال موسىرضى الله عنه :»يارب اجعلني نبيهم» فقال الله:»نبيهم منهم» قال: »رب اجعلني منهم» قال: »إنك لن تدركهم»، فقال موسى »يارب إني أتيتك بوفد بني إسرائيل فجعلت وفادتنا لغيرنا» فأنزل الله:(ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون)».

وأخرج الدارمي في المقدمة باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم - والبغوي في المصابيح عن عبدالله بن خمرة بن كعب قال:»أجد في التوراة »محمد صلى الله عليه وسلم لا فظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، أمته الحمادون يحمدون الله في كل منزلة ويكبرونه على كل نجد، يأتزرون على أنصافهم، ويوضئون أطرافهم، صفهم في الصلاة وصفهم في القتال سواء، مناديهم ينادي في جو السماء لهم، في جوف الليل دوي كدوي النحال».

وقال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة، وابن جريج : »لما نزلت (ورحمتي وسعت كل شيء) قال إبليس:»أنا من ذلك الشيء»، فقال الله تعالى (فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة وهم بآياتنا يؤمنون)، فتمناها اليهود والنصارى وقالوا: »نحن نتقي ونؤمن ونأتي الزكاة» فجعلها الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم فقال:(الذين يتبعون الرسول النبي الأمي)». فقد شرف الله هذه الأمة وأكرمنا أن جعلنا منها ويسر لنا الدين فقال سبحانه: (ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم)، لقد كان على بني إسرائيل تشديد في الدين مثل: قتل الأنفس في التوبة وقطع الأعضاء الخاطئة وقرض النجاسة عن الثوب بالمقراض وتحريم أخذ الدية وأن صلاتهم لاتجوز إلا في الكنائس وغير ذلك، وقد شبهت بالأغلال التي تجمع اليد إلى العنق».

وفي الختام ألا يجدر بنا أن نحمد الله أن جعلنا ننتمني لهذه الأمة وفتح لنا به وبالقرآن أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا، وجعلنا أكثر أهل الجنة وضاعف لنا الحسنات أضعافا كثيرة وأخر لنا شفاعة نبينا عليه الصلاة والسلام في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، ولذلك سميت هذه الأمة أمة الحمد، فلتكن ألسنتنا وقبلها قلوبنا عامرة بالحمد لله دائما.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى