إنها ملتوية!!

> عبدالقوي الأشول:

> سألني بشغف عن إمكانية الاستثمار في مجال الإعلام فهو كما قال يمتلك تجربة ثرية في هذا المجال تحديدا بحكم ارتباطه العملي لسنوات خلت مع كبريات الصحف في المهجر وتحديدا مجال التوزيع, مؤكدا أنه في هذا المجال يدرك جيدا من أين تؤكل الكتف.

ثم أخذ في إلقاء أسئلته الاستفسارية التي اعتبرتها توطئة طبيعية لمن يريد اقتحام هذه المجاهيل الزلقة, وحين سألني عن الحريات الصحفية لم أجد بدا من أن أورد له هذه الحكاية الطريفة لـ(آينشتين) صاحب النظرية النسبية حينما اقتربت منه امرأة طالبة منه أن يشرح لها النظرية النسبية فروى لها القصة التالية:

كنت مرة مع رجل مكفوف البصر فذكرت له أني أحب الحليب.. فسألني: ماهو الحليب؟ قلت له سائل لونه أبيض.. فقال إنني أعرف ماهو السائل, ولكن ماهو اللون الأبيض؟ فقلت له: بلون ريش البجع, فقال: أما الريش فإنني أعرفه, ولكن ماهو البجع؟

قلت له: طائر رقبته ملتوية. فقال أما الرقبة فإنني أعرفها ولكن ما معنى ملتوية؟ عندها أخذت ذراعه ولويته.. وقلت له: هذا معنى الالتواء, فقال الرجل: آه الآن عرفت ماهو الحليب! ثم قال آينشتاين للسيدة: والآن هل تريدين ياعزيزتي أن أشرح لك النظرية النسبية؟

حكاية لم توصل إلى صديقي الطموح فكرة الكف عن الأسئلة، عندئذ قلت له: الحرية طريقها ملتوية.. فهل تجيد الوقوف أمام المحاكم بدعاوى متصلة ونكايات شتى.

وهل لديك رؤية مسبقة عن اتجاه الوسيلة الإعلامية التي تزمع إنشاءها.. علما أن مبدأ الربح والخسارة في مجال كهذا لايمكن قياسه سلفا إذ بمقدورك أن تمتلك مطبوعة تصب في اتجاه ماهو متوفر منه الكثير في واقعنا وهنا يكون الحال مختلفا تماماً عن فكرة وسيلة إعلامية تربطها بصوت مختلف وأداء مهني.. وفكر يرنو إلى الحرية الإعلامية ورسالتها التي ينبغي أن تلتزم مبادئ وقيما كثيرة وتضحيات جساما.

مهلاً صديقي الطموح بإمكانك امتلاك صحيفة يكون حجم توزيعها عند كل صباح لا يتعدى عدد أصابع يدك والكمية نفسها تكون مرتجعة عند المساء, المهم أن يكتب اسمك بالبنط العريض على ترويستها الرئيسة كصاحب امتياز ورئيس تحرير, حضور بمقدورك من خلاله تحقيق أحلام كثيرة, وربما الوصول بسرعة قياسية, عليك قلب الحقائق رأسا على عقب, كأن تصف القاتل بالضحية, وأن تطلق العنان لمخيلتك أن ترى الفقراء هم سبب فقرهم ونكبتهم وبؤسهم, المهم أن ترى الأمور معكوسة تماما.

عندها أبشر فالخير سيأتي إليك من كل حدب وصوب حتى إذا لم توزع من مطبوعتك ثلاث نسخات يوميا، فأنت رابح بمقاييس كثيرة.

حذار أن تضع نفسك على النقيض، عندئذ لا تلومن إلا نفسك، فالمسألة ليست لعب عيال.

عندها كف صاحبي عن إطلاق عنان أسئلته التي لا جواب شافي يشبع فضولها.

فلم يجد بدا من الرد بظرافة لذيذة: صحيفة لونها أصفر فاقع وهي في مثل هذه الحال لا تكون متشابهة مع نظيراتها بأي حال, لأنها ببساطة لا تصدر, فالصحافة ليست تجارتها شطارة وعلى رأي المثل الحضرمي (ادخل شين يخرج زين) أو إنه العكس هنا (ادخل زين تخرج شين) هذا إذا أنت خرجت من كثبان رمالها المتحركة وسرابها الخادع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى