شريعة الغاب وثقافة الفساد

> الشيخ محسن بن علي المفلحي :

> من خلال معاناتي كمواطن ومعايشتي لواقع الأوضاع في المحافظات الجنوبية توصلت قناعاتي، بل ويقيني بأن ماهو مثار في الشارع الجنوبي نتاج حتمي لاعوجاج في النهج المتبع ترجم من قبل النافذين والفاسدين.

بممارسات مشينة على مدى ومنذ مابعد حرب 94م بما يحقق مصالحهم وأطماعهم الذاتية وبالاستقواء بصميل السلطة ونفوذها أداروا أوضاعنا وبما يتنافى مع شرع الله والقانون ومع ما هو متعارف عليه ومعمول به في المحفاظات الشمالية، الأمر الذي معه بلغت المظالم بالأطنان وبلغ الجور والباطل حد جعل من ديارنا ضيعات يتقاسمها النافذون مغانم ومناصب، ونجنيها نحن مظالم ومغارم فالقانون شبه معطل، والقضاء منبر العدالة والإنصاف شبه مهمش، ومهام وولاية القاضي توجه بتعاميم بعدم قبول دعاوى المواطنين بالأرض.

وأي دعاوى بمواجهة هيئة الأراضي وليس ذلك، بل جعلت من القاضي عضو بلجان السلطات التنفيذية التي هي بالأصل خصم تسعى لمصادرة أراضي المواطنين وتهجيرهم منها، فتراكمت المظالم إلى حد أثقل كاهل المواطنين وحقن الأنفس والقلوب بالغبن والإحباط والحيرة ليفرض السؤال الآتي نفسه: هل نحن شعب واحد لكل منا ما لأخيه من حقوق شرعية ووطنية؟

وهل توحدنا ليستملك ويستبعد القوي منا الضعيف يصنفه مدعي لأملاكه ويعامله كأجير ومستأجر لأرضه التي هو من نبت ترابها تنهب ويهجر منها بالقوة وبأعذار وحجج ما أنزل الله بها من سلطان لتمنح وتملك بالمجان بآلاف الفدانات وملايين الأمتار للوافدين إليها من ذوي النفوذ لإشباع أطماعهم وأطماع المؤلفة قلوبهم في الوقت الذي أراضي المحافظات الشمالية ملك لمواطنيها الأصليين وساكنيها يحرم منح الوافدين إليها من الجنوب (سم) واحد، ولاخلاف لنا معهم كمواطنين، وهذا حقهم الشرعي والوطني ولايجوز المساس به فأفيدونا وأفتونا ياخبرة رحمكم الله بأي شرع وثقافة ومنطق تدار أوضاعنا؟!.

فمبادئ العدالة تترجم بسلوك وتعامل وتقاس بمدى التقيد والاحتكام للثوابت الشرعية والمتوارثة باعتبارها مرجعا فيما يختلف عليه وكذا بمدى العمل وبمبدئ الثواب والعقاب وبمدى معاقبة ولي الأمر للحثالة والسفهاء من فاسدي الأنفس والأخلاق .

ومعيار الأمانة والإنصاف يقاس بما تفرزه الولاة والساسة وبما تمارسه قواعدهم المنفذة أكانت فردا أو جماعات، فمتى أخلت بأماناتها ومهامها وسكت عنها المجتمع وغض عنها الطرف ولي الأمر تحول الإخلال والخطأ مع الوقت إلى عادة تتضاعف أضرارها على المجتمع الضعيف، ومتى بلغت مداها تثار الفوضى الهدامة وتسود شريعة الغاب لتشعل الفتن وتسفك الدماء وتنهب الحقوق وتزهق الأنفس كما هو عليه اليوم .

هل قدر علينا نحن بالذات أبناء المحافظات الجنوبية، فعلى مدى المراحل ومنذ ما بعد خروج المستعمر البريطاني ونحن نعاقب وندفع ثمن أخطاء وأطماع السفهاء وساسات الكراسي، وثمن ضعفنا واحترامنا للنظام والقانون المعطل على الرغم من عدم العمل به من قبل القائمين عليه إلا بما يحقق مصالحهم الذاتية ويلحق بنا الضرر.

فهل حان الوقت لمواجهة الظلم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقوة المجتمع، فالإنسان قليل بنفسه، كثير بقومه، ضعيف بمفرده، قوي بجماعته، ورحم الله شاعرنا المحضار حين قال:

أنا سبب نفسي بنفسي

جبت صبعي صوب عيني

فكل ما ولي علينا خلف لسلف تحملنا ظلمه وجوره نكاية بسلفه لنعيش الحاضر بظلمه وغبن الماضي، مخيرين بين السيئ والأسوأ، فلا السلف الهالك رحمنا ولا الخلف المالك أعدل فينا، فهالك قضى بالأرض لزارعها ونفى مالكها، فلا ملكها لزارعها ولا تركها لمالكها.

ومالك «اليوم» نفاهم جمعا وقضى بالأرض كاملة للسلطان فأتعس المتعوس وخائب الرجاء لا ذا لاقى ماتمنى ولا ذا أصابتهم ذنوب هالك وجشع مالك، فمن مخالب هالك إلى فك مالك قذفا.

قال الشاعر:

إذا جار الأمير وحاجباه وقاضي الأرض داهن في القضاء

فويل ثم ويل لقاضي الأرض من قاضي السماء

ونقول نحن إليك قاضي السماء نرفع أكفنا فولي الأمر يأبى إنصافنا نستغيث به فيردنا لمن ظلمنا وعلينا يولي عتاتنا مِن مَن لا يخاف الله فينا ولايرحمنا غلبت مصلحة وأطماع الأقلية على حساب حاضر ومستقبل الأغلبية ترى نخبة المؤلفة قلوبهم وإفقار وطن وأمة المغضوب عليهم وتمام يافندم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى