فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم!

> يحيى عبدالله قحطان:

> لاريب أن من أبجديات النهج الديمقراطي احترام الرأي والرأي الآخر، وإشاعة ثقافة الحوار والتفاوض والتصالح في كل القضايا الساخنة المختلف حولها، ومهمة تكريس ذلك تقع على العلماء وعقلاء اليمن.

والأحزاب (سلطة ومعارضة)، ومنظمات المجتمع المدني، وجميع الأجهزة التربوية والإعلامية (الرسمية والحزبية والمستقلة)، بحيث يلتزم الجميع بمبدأ الحوار والتفاوض واحترام الرأي والرأي الآخر.

ذلك أن الجميع يدرك أن الحوار مع من نختلف معهم في الرأي, وفي القضايا الساخنة يعد وسيلة حضارية إسلامية يباركها منهج الحوار القرآني والهدي النبوي والسياسة الشرعية والتشريعات والقوانين النافذة، وهو الخيار الأفضل والأحكم، بدلا من خيار العنف والعنف المضاد، وسفك الدماء، والتقطع والخطف، وإخافة السبيل والشغب والسجون، واستعمال القوة المفرطة ضد التظاهرات والاعتصامات السلمية، وتبادل إطلاق النار ضد بعضنا البعض، كما حصل أخيرا في ردفان وعدن وبعض المحافظات، والذي نتج عن ذلك- للأسف الشديد- قتلى وجرحى.

وفي هذا الصدد فإننا ندين إهدار دماء اليمانيين، سواء أكانت من المواطنين أو من الجيش، أو من الأمن، فدم اليمني على اليمني حرام، ودم المسلم على المسلم حرام، وسبابه فسوق وقتاله كفر.. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا لاترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا هل بلغت اللهم فاشهد اللهم فاشهد اللهم فاشهد».

كما أن التعاطي مع قضايا المواطنين المطلبية والحقوقية بالعنف والعنف المضاد يقوّض السكينة العامة والسلام الاجتماعي، ويمزق أواصر الوحدة الوطنية ووشائج النسيج الاجتماعي.. لذلك فإن الواجب الديني والوطني يستوجب على الجميع الأخذ بمبدأ التحاور بدل التشاجر، والتفاهم بدل التخاصم، والتوافق بدل التصارع، والتواصل بدل التقاطع، ونعتقد أمام المشهد السياسي المتأزم أن التفاوض والتحاور مع الأخوة في الحراك السلمي الجنوبي يعد الخيار الأفضل، لنسمع منهم مطالبهم وهمومهم وقضاياهم العادلة، ونعمل جاهدين معا على حقن الدماء وإصلاح ذات البين، وتحقيق العدالة والمواطنة المتساوية والشراكة المتكافئة، ووضع حد للفساد والمتنفذين الذين يهدرون المال العام، وينهبون الأراضي العامة والخاصة وأراضي المستثمرين بقوة السلاح.

كل ذلك هو السبيل الوحيد الذي يرسخ الوحدة الوطنية ويزيل ما علق في النفوس من الشعور بالغبن والظلم والقهر والحرمان والإقصاء، والذي نتج عن ذلك- للأسف الشديد- بروز الاحتقانات والاعتصامات، وتشكيل وعي مغاير تشطيري.. مذكرين أننا جميعا في سفينة واحدة اسمها (اليمن الديمقراطي الموحد)، فإما أن نبحر بها جميعا إلى بر الأمان، بر العدالة والمواطنة المتساوية، وإما- لاسمح الله- نغرق جميعا، ولات حين مندم.

قال الله تعالى: (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين).

ختاما نقدر تقديرا عاليا جهود صحيفة «الأيام» الغراء ومحرريها في العمل المهني الراقي الذي تضطلع به «الأيام» ، وتكريسها لثقافة الحوار المسؤول، واحترامها للرأي والرأي الآخر الذي تميزت به «الأيام» ، وتوخيها لمنهج الوسطية والاعتدال، والتزامها بالنهج الوحدوي الديمقراطي، ومناصرتها لقضايا مواطنينا العادلة، وخاصة وقوفها مع الغلابى والمظلومين والضعفاء، وأيضا وقوفها أخيرا مع المواطنين في قرية (كود قرو) بالبريقة، ومناصرة حكم التحكيم الذي أصدره الشيخ صالح بن فريد العولقي وبتزكية اللواء مهدي مقولة قائد المنطقة الجنوبية والأخ العزيز الأستاذ طه أحمد غانم عضو مجلس الشورى محافظ عدن (سابقا)، الذي أكد لنا عدالة قضية إخواننا أهل قرية (كود قرو)، كما نحيي الأخ رئيس الجمهورية على توجيهاته المباشرة بتنفيذ حكم المحكم الشيخ صالح بن فريد العولقي.

تحية لصحيفة «الأيام» فقد أصبحت- بحق- الرئة التي يتنفس بها شعبنا، وهي تمثل المنبر الحر لكل اليمنيين شمالا وجنوبا، والتي ولدت لتبقى مع ميلاد وطن 22 مايو عام 90م.

وهنا نؤكد أن المحاكمات الكيدية التي تتعرض لها «الأيام» ورئيس تحريرها الأخ العزيز الأستاذ هشام باشراحيل لايمكن أن تنال من هذا المنبر الحر في ظل الديمقراطية الشوروية رديف الوحدة اليمنية.

ونقول لمن تضيق صدورهم من حرية التعبير وإحقاق الحق وإبطال الباطل إنه لايمكن بأية حال من الأحوال إسكات صوت «الأيام» الحر الناقد للاختلالات والمظالم والفساد، فالساكت عن الحق شيطان أخرس.. «وإذا هابت الأمة أن تقول للظالم ياظالم، فقد تودع منها»، «أبقوني في ضعفائكم، فإنما تنصرون بضعفائكم».

هكذا يرشدنا رسولنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى