ومات فارس «الفرسان»!!

> شفيع محمد العبد:

>
الكاتب مع الفقيد عادل الأعسم
الكاتب مع الفقيد عادل الأعسم
«أنا بن محمد ما انطرف شي لحد.. إلا المقادير جابتني لبوكم هدية!!». لا داعي للاعتذار للشاعر، لأنه قد مات من القهر.

تلك كلمات تزينت بها الصفحة الثانية التي ارتدت اللون الأسود من صحيفة «الفرسان» ذات يوم، وها هو فارسها وفارس القلم الشجاع (عادل الأعسم) يترجل عن جواده، ويغادرنا، وفي قلبه شيء من القهر، نتاج الزمن الرديء الذي تغيرت فيه كثير من القيم وضاعت الحقوق وانتهكت الحريات وطغت المادة على أخلاق ومواقف الرجال، إلا من رحم ربي!!.

خطأ طبي حرمنا ابتسامة وصوت ونصائح ومواقف (عادل) الذي كان بالنسبة لكثيرين- والعبد لله واحد منهم- بمثابة الأستاذ والصديق والموجه، ليس في بلاط صاحبة الجلالة فقط، وإنما في مدرسة الحياة بمختلف فصولها ومراحلها.

نصحه بعض محبيه بعدم إجراء العملية في مستشفياتنا خوفا من (الخطأ الطبي) الذي ينتشر في أروقتها وأقسامها، وبات يهدد أرواح الناس، وذهب ضحيته أعداد كبيرة، ووريت أجسادهم الثرى دون أن يفتح ملف تحقيق، وإن فتح فإنه يقيد تحت مسمى (خطأ طبي)!!.

استجاب (أبو محمد) بنفس مؤمنة بقضاء الله وقدره لنصائح محبيه، وحمل حقائبه وأخذ معه (شريكة عمره) بعد إن أنهى إجراءات سفره التي أخذت وقتا أطول من اللازم بسبب المماطلة والتسويف ومحاولة العرقلة، لكون هناك جهات لم يرق لها أن يتم تعيينه مديرا للمركز الإعلامي بسفارتنا في القاهرة، وما لايعلمه الكثير أنه كان مرشحا لمنصب الملحق الإعلامي هناك، إلا أن بعض النافذين وقفوا أمام القرار، وسارعوا بالتمديد للملحق الحالي الذي انتهت فترته!.

سافر عادل، ولم يكن يعلم أن (الخطأ الطبي) قد اندس بين حقائبه، ورافقه في رحلته ليمارس هوايته، وإن كان هذه المرة في مستشفيات الآخرين، وفي لحظة اللاوعي أدخلوه في مرحلة غيبوبة طويلة لم يفق منها.. لقد مات الأعسم!!.

يااااااااه!! كم أن هذه الدنيا رخيصة، وكم هي الجراح التي خلفها رحيل عادل في قلوب محبيه ومن عرفوه عن قرب، لعمري إن رحيله ترك ثغرة في جدار الصحافة اليمنية لن تسد ما تعاقب الكتاب والصحفيون في بلاط صاحبة الجلالة!!.

لم يكن يوما من أولئك المتلونين أو المتاجرين بأقلامهم ومواقفهم، وقد تعرض في حياته لمتاعب شتى كثمن لمواقفه، وما إيقاف صحيفته «الفرسان» إلا قطرة في بحر متاعبه وتهميشه وتجاهله، هدفوا إلى إيصاله إلى مرحلة (الانحناء) لكنه ظل واقفا، ومات واقفا!!.

«وما تدري نفس بأي أرض تموت»، لم يكن يخطر على بال أحد أن عادلا سيغادرنا بهذه السرعة، وأنه سيلفظ أنفاسه الأخيرة في بلاد (الغربة)، لكنها في النهاية مشيئة الله، ولا راد لأمره، كما أنه يصعب على المرء أن يتخيل أنه لن يشاهده بعد اليوم، لكنه (الموت) الذي يشترك فيه الناس ولايفرق بين أحد منهم!.

أتذكر آخر عهدي به قبل سفره بثلاثة أيام، التقيته وكعادته سلم علي بابتسامته المعهودة والمنعكسة من قلبه النقي، ومازالت كلماته حاضرة في وجداني.

رحمك الله أخي وصديقي وأستاذي أبا محمد، وغفر لك وتجاوز عن سيئاتك وأبدلها حسنات، وجعل قبرك روضة من رياض الجنة، وأسكنك فسيح جناته.. إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى