لينا لارسن رئيسة المجلس الإسلامي السابقة في النرويج:الغرب يفتقد الداعية الإسلامي المسلح بالعلم المنفتح على ثقافة الآخر.. الحرية الدينية في أوروبا لا تعني التسيب.. لكنها موقف ورؤية للحياة

> «الأيام» عن «الشرق الأوسط»:

> بداية نريد التعريف بالدور الذي يقوم به المجلس الإسلامي في النرويج لخدمة الإسلام والمسلمين؟ ـ يضطلع المجلس الإسلامي في النرويج بدور كبير دعويا واجتماعيا وثقافيا وهو عبارة عن هيئة دينية سياسية تعمل لمصلحة المسلمين وتدافع عن حقوقهم في النرويج، كما أن المجلس يعمل كحلقة وصل بين المسلمين والحكومة النرويجية.

ويشكل مظلة رئيسية تعمل في إطارها نحو مائة جمعية إسلامية، وكما أنه هو الممثل الرسمي للمسلمين في النرويج، ويقوم بتنظيم اللقاءات التي تتعلق بالحوار مع الأديان الأخرى، فضلا عن الخدمات الأخرى التي يحتاج إليها المسلمون مثل توفير الأطعمة الحلال وخاصة اللحوم، وبناء المقابر والدفن، حسب الشريعة الإسلامية.

> ما هي الأسباب التي دفعتك لاعتناق الإسلام؟

ـ أولا أنا اعتنقت الإسلام منذ أكثر من 25 عاما وكان وقتها عمري 17 سنة وكنت مسيحية وكان إسلامي على يد امرأة مسلمة، رأيتها ذات يوم تصلي المغرب، ولم أكن أعرف ما هي الصلاة، فسألتها: ماذا تفعلين؟ فقالت: إنني أصلي لله تعالى، فأعدت عليها السؤال: ما هي الصلاة؟ وأي دين تتبعين؟ فأجابتني: إنني مسلمة، وهذه هي فريضة الصلاة على كل مسلم.. وأخذت تشرح لي ما هو الإسلام، والصلاة، والكثير من السلوكيات الايجابية التي يأمر بها الإسلام أتباعه. ثم اتجهت من يومها إلى القراءة عن الإسلام في الكتب، ومن خلال اللقاء بالعلماء حتى هداني الله إلى دينه القويم، والحمد لله سبحانه أنا متزوجة من مسلم أردني وهو مهندس كمبيوتر ويعمل مسؤولا عن الرابطة الإسلامية في النرويج.

> ماذا كان رد فعل أسرتك أثناء اعتناقك الإسلام؟

ـ أفراد أسرتي لم يعترضوا على اعتناقي للدين الإسلامي لأن في أوروبا الناس يقدسون الحريات ومنها الحرية الدينية، حتى أنه لا يوجد إنسان يقول لأبنائه وزوجته تعالوا للكنيسة أو العبادة، وعشت مع أسرتي وأنا كنت أعترض على أنواع معينة من الطعام وكنت أرفض تناولها مثل لحم الخنزير، وهم أيضا أي أعضاء الأسرة اعترضوا على ارتدائي للحجاب وبالرغم من ذلك أصررت على موقفي بحجة أنه حرية ولا أحد يستطيع سلبي هذه الحرية.

> كيف تخدمين دينك خاصة في ظل ما يتعرض له الإسلام الآن من حملات للتشويه في المجتمع الأوروبي؟

ـ أنا نذرت حياتي للدعوة إلى الله تعالى وتعلمت اللغة العربية من أجل قراءة الكتب والمؤلفات العربية وغيرها من مصادر الثقافة الإسلامية التي أحصل منها على المعلومة الدينية، والحمد لله قد توليت رئاسة المجلس الإسلامي في النرويج لمدة عامين ونصف وأديت خلال فترة رئاستي للمجلس الإسلامي العديد من الخدمات للمسلمين، والذي ساعدني على ذلك كوني نرويجية الأصل وأتفهم ظروف المجتمع وثقافته، أيضا ربما أكون المرأة الوحيدة في تاريخ العالم التي تتولى رئاسة مجلس بهذا الشكل، ولتجديد الدماء وإفساح المجال أمام الأفكار الجديدة في خدمة الدعوة والمسلمين في النرويج رفضت إعادة انتخابي مرة أخرى، رغم إصرار المسلمين هناك على أن أتولى مسؤولية المجلس مرة أخرى، وأنا الآن أعمل كناشطة بالرابطة الإسلامية بالنرويج وأقوم بتدريس العلوم الشرعية للنساء المسلمات في المساجد وتثقيفهن إسلاميا، أيضا أقوم بترجمة بعض الكتب الإسلامية للغة النرويجية، فضلا عن عملي كباحثة بالدراسات الإسلامية في جامعة أوسلو، لكن كل شغلي الشاغل هو تبليغ الدعوة الإسلامية التي كرست لها حياتي منذ أن اعتنقت الإسلام لان الدعوة إلى الله تعالى هي مهمة الأنبياء، فالمرأة مثلها مثل الرجل مطالبة بتبليغ كلمة الإسلام والدعوة بالحسنى.

> هل ترين فكرة المرأة الداعية فكرة ناجحة؟

ـ نعم كما قلت إن الرجل والمرأة مطالبان بتبليغ رسالة الإسلام، وبالتالي فإن المرأة عندما ترشد النساء وتعلمهن الدين في المسجد فهذا عمل عظيم وهذا ما نحتاج إليه نحن المسلمين بأن تعمل المرأة في الدعوة وبيان أحكام الإسلام للنساء كما كن يفعلن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا والحمد لله أقوم بهذا الدور في مساجد النرويج، فالمسجد في النرويج يلعب دورا كبيرا ومهما جدا لتجمع المسلمين والمسلمات وبالتالي فإن دور المسجد مهم لدينا لأنه يعتبر الرابطة الوحيدة التي تجمع المسلمين الذين يمثلون أقلية ضعيفة لا يتجاوز عددهم 140 ألف مسلم، وكافة شؤون حياتهم الدينية والدنيوية تتم في المسجد، ففيه يتم الزواج والطلاق وتلقي دروس العلم والفقه، وأنا أقوم بإلقاء مواعظ وتوجيه للنساء ودوري هو دور تثقيفي للمسلمات، ولكن لا أفتي لأنني غير مؤهلة للفتوى، وفي حالة ما تعرض على بعض الأسئلة من النساء وكثيرا ما يحدث هذا، أقوم بالرد عليهن من خلال الكتب التي وضعها علماء المسلمين في فتاوى المرأة وأقرأ لهن الفتوى بنصها، ذلك لان واقع المسلم في الغرب يحتاج إلى ذلك العالم الفقيه الذي يستطيع قراءة وفهم النصوص الدينية بوعي وبصيرة، حتى يمكنه إسقاط هذا الحكم على الواقع.

> كيف ترين ظاهرة الدعاة الجدد التي انتشرت عبر الفضائيات الإسلامية، وهم في الغالب أناس ليسوا تابعين للمؤسسات الرسمية في بلادهم، لذلك يطلق عليهم «الداعية الحر». وهذه الظاهرة أصبحت مثيرة للجدل في عالمنا الإسلامي فالبعض يؤيدها ويثني عليها والبعض الآخر يرفضها بحجة أن هؤلاء غير متخصصين في الدعوة إلى الله؟

ـ نعم أنا أؤيد هؤلاء الدعاة لأنهم ظاهرة طيبة تستحق التشجيع، وهم دعاة موهوبون لديهم القدرة الفائقة على فهم ما يحتاج إليه الناس وبالتالي فهم يتحدثون في قضايا تهم المجتمع خاصة الأخذ بأيدي الشباب وتعريفهم بالإسلام الصحيح، لكن يجب على هؤلاء ألا يثيروا قضايا خلافية حرصا على وحدة المسلمين، وأن ينصب نشاطهم على التعريف بمحاسن الإسلام وجماله، والقيم النافعة التي جاء بها وأثرها في حياة الفرد والمجتمع، ونحن حقيقة نحتاج إلى الداعية العصري القادر على فهم الواقع والعمل على علاج المشكلات الحياتية التي يعاني منها المسلمون بأسلوب مبتكر وجذاب.

مسلمون في صلاة الجمعة بالمسجد المركزي في لندن
مسلمون في صلاة الجمعة بالمسجد المركزي في لندن
> من واقع تجربتك، ما هي أكثر المشكلات التي يتعرض لها المسلمون في النرويج، وكيف تعالجونها؟

ـ بداية أريد أن أوضح لكم أن النرويج بلد متقدم والدعوة فيه تحتاج إلى دعاة مؤهلين أكفاء لكن للأسف نلاحظ أن مستوى الدعاة الذين يأتوننا من العالم الإسلامي خاصة في شهر رمضان غير الذي كنا نتوقعه، وهذا يؤكد لنا تراجع دور المؤسسات الدعوية في العالم الإسلامي في القدرة على بناء الداعية الإسلامي العصري القادر على القيام بأعباء الدعوة في عصر العولمة، ومن هنا فإننا نطالب الدعاة المسلمين الذين يأتون إلى أوروبا سواء كانوا من العالم العربي أو الإسلامي بالإلمام بثقافة الآخر، بجانب معرفتهم بفقه المقاصد وربطه بالواقع والمستجدات العصرية والاعتماد على عرض جوانب من الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية كأمثلة على صدق رسالة الإسلام وكوسيلة من وسائل الإقناع، خاصة أن الغرب يقدس العلم والعقل والإسلام هو دين العلم والعقل فضلا عن الإلمام بقوانين وثقافة البلد الذي يذهبون إليه لتبليغ واجب الدعوة إلى الله عز وجل، وأنبه إلى أن المجتمعات الغربية تمثل الآن أرضا خصبة لنشر الإسلام بالرغم من حملات التشويه التي يتعرض لها الإسلام هناك، لكن إذا ما وُجد الدعاة المؤهلون لحمل أمانة الدعوة وتبليغها فسينقلب الحال، لذلك نجد أن دولة مثل النرويج لا تحبذ كثيرا استقدام دعاة من العالم الإسلامي بل إن الدولة تقيم معاهد خاصة للدعاة من المسلمين وغيرهم من أبناء البلد ليتلقوا من خلالها برامج خاصة في الدين لأن الفكرة الشائعة أن هؤلاء الدعاة الذين يأتون من الخارج يعملون على نشر الإرهاب. وأيا كان الأمر ففي النرويج هناك حرية دينية كبيرة وللأسف المشكلة لدينا في ندرة الدعاة المؤهلين للدعوة في هذه المجتمعات.

> في رأيك ما الدافع وراء الحملات التي تشنها بعض وسائل الإعلام والصحافة في أوروبا ضد الإسلام والإساءة للرسول الكريم؟

ـ كما قلت الغرب عموما يقدس شيئا اسمه الحرية هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا توجد في الغرب ثوابت حتى في المسيحية، نجد أنهم يسيئون للسيد المسيح عليه السلام، فمنظومة الثوابت الدينية والأخلاقية عندهم مضروبة، وأرى أن مواجهة الحملة المسيئة للرسول يكون عن طريق الحوار الهادئ، وبالتالي فالعالم الإسلامي مطالب بتفعيل الحوار مع الغرب وبناء جسور من التواصل بينهما من خلال إبراز الدور الذي لعبته الحضارة الإسلامية وروادها في مختلف المجالات، وكذلك بيان موقف الإسلام من كثير من القضايا التي يخاف منها الغرب وتوجد لديه معلومات خاطئة عن الإسلام في هذا الخصوص، مثل موضوع الإرهاب، للأسف نجد كثيرا من الناس يعتقدون أن الإسلام يدعو أتباعه إلى التشدد والإرهاب وكراهية غير المسلمين وكراهية الحضارة الغربية، وبالتالي فإن رد الفعل هو كراهية الإسلام والخوف منه، ومن الضروري أن يعمل المسلمون على بيان موقف الشريعة الإسلامية من الآخر، ومن الإرهاب والتعايش السلمي بين الحضارات وذلك من خلال الحوار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى