من الذي يزرع ثقافة الكراهية؟

> د.عيدروس نصر النقيب:

> ثقافة الكراهية يرددها المسئولون هذه الأيام كثيرا، ويهددون من يزرع ثقافة الكراهية بالويل والثبور وعظائم الأمور، من دون أن يقولوا لنا شيئا عن مضمون هذه الثقافة ولا عن مظاهرها ومن الذي يزرعها؟

الكراهية هي شعور داخلي يتولد عن الغضب والاستياء وعدم الرضا ورفض منهج ما ومسلك ما ووضع ما تجاه هذا المنهج وصاحبه وهذا السلوك وأصحابه وتجاه الوضع ومن تسبب فيه.

وفي بلادنا التي ابتلاها الله بحكام لا يتقنون سوى زرع الأحقاد واستنساخ الآلام وتنميتها وبعثها حتى بعد أن تجف وتضمحل وتغيب عن الوجود، ما تزال ثقافة الكراهية تستنبت وتستزرع وتنمى، وترعى وتسقى وتكبر برعاية رسمية من قبل القائمين على شئون البلاد، حتى إذا ما غابت بعثوها من العدم.

أجل، لم يكن أحد يعرف الكراهية إلا مع إطلالة يوم السابع من يوليو الذي قسم البلد إلى منتصر ومهزوم، سالب ومسلوب، ناهب ومنهوب، وتبعا لهذه الثنائيات المقيتة صار المنتصر (السالب، الناهب) هو الذي من حقه أن يحدد من هو الوطني والوحدوي والشريف والمخلص، حتى وإن كان هذا الأخير من أكبر اللصوص والقتلة والمرتشين، ومن هو الانفصالي والخائن والعميل، حتى وإن كان من أشرف وأنبل الناس وأكثرهم إخلاصا ووطنية، وصار على المنهزم (المنهوب، والمسلوب) أن يتقبل التصنيفات والتسميات وأن يقنع بكل ما يقال له من أسماء ومسميات وأن يصفق لكل ما يقوله المنتصر حتى وإن كان باطلا وظلما وعدوانا وإهانة كبيرة.

ثقافة الكراهية تبدأ حيثما يبدأ القهر والسلب والنهب والظلم والإقصاء والاستقواء، ومن حقنا أن نسأل السادة الذين كثيرا دائما ما يرددون القول بثقافة الكراهية، من الذي يزرع ثقافة الكراهية أهو الذي يدخل عليك منزلك ويسلبك حقوقك ويحبس (وربما يقتل) بعض أبنائك وينهب ممتلكاتك، ويطلب منك أن تصفق له وتعتبره بطلا ونبيلا وشهما لأنه سمح لك أن تبقى على قيد الحياة؟ أم أنت الذي تطلب العدل وترفض اغتصاب حقك ونهب أملاكك وقتل أبنائك، وعودتك إلى عملك وإعادة أرضك المنهوبة؟ من الذي يزرع ثقافة الكراهية؟ هل الذي يحتكر حق العمل وحق التملك (حتى غير المشروع)، وحق الاستثمار وحق الانتفاع بالثروة (وغالبا بصورة غير قانونية) وحق إنشاء المؤسسات وتكوين المصالح والأعمال له ولأولاده وعلى أرضك وبثروتك، وباستخدام ما استولى عليه من حقوقك؟، أم أنت الذي ترفض هذا وتطالب بحقك في العمل والتملك المشروع، وتدعو إلى إعطائك حصتك من الثروة الوطنية؟ باختصار من منا يزرع ثقافة الكراهية: السالب أم المسلوب؟ الناهب أم المنهوب؟ الغاصب أم صاحب الحقوق المغتصبة؟ الجلاد أم الضحية؟ القاتل أم ذوو القتيل؟ إنها مفارقة عجيبة تلك التي يتحدث بها مسئولونا، فإذا ما رفضت الظلم والنهب والإقصاء والاستبعاد والاستعلاء والاحتقار فأنت تزرع ثقافة الكراهية أما إذا شاركت في النهب والسلب والعبث بحقوق الناس فأنت تساهم في زراعة الحب والحنان والحميمية بين القاتل والقتيل وبين الغاصب وصاحب الحق المغتصب، وبين الجلاد والضحية.

أيها السادة! ازرعوا حبا تحصدوا حبا مضاعفا، وازرعوا الكراهية فلن تحصدوا إلا أضعافها من الكراهية وتلك هي سنة الحياة وهذا هو قانونها، فهل تعون؟؟

إضاءات:

> الحديث عن تشكيل لجان لحل المشكلات في المحافظات الجنوبية، ترى بماذا تختلف تلك اللجان عن سابقاتها؟ أم إن اللجان تحولت إلى مسكن مؤقت لامتصاص الغضب وخداع الضحايا؟

> استئناف محاكمة المجموعة التي يقال بأنها من أنصار جماعة الحوثي من بني حشيش هل تعني استعداد الحكم لحرب جديدة سادسة في صعدة؟

> قال الشاعر الأموي نصر بن سيار:

أرى خلل الرماد وميض نارٍ ويوشك أن يكون لها ضرامُ

فإن النار بالعودين تـــــذكى وإن الحرب أولـــــــها كلامُ

فإن لم يطـــــفها عقلاء قومٍ يكون وقودها جــــثث وهامُ

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى