حرابة.. وربُّ الكعبة

> د. هشام محسن السقاف:

> لن نوجه الحديث والعتب على عاق مارس فعل التقطع لسيارة «الأيام» وصادر ونهب ما فيها، حسبنا الموقف الرجولي لوالده ولأبناء ردفان البطولة والثورة الذين أدانوا هذا الفعل المشين.

وإن كان الاستغراب أن تشكل الدولة منظمات وجمعيات للدفاع عن الوحدة اليمنية ينضوي فيها أمثال هذا المتقطع، ولكن أية وحدة! الوحدة التي ناضل من أجلها الشعب اليمني وطلائعه الثورية ومنهم المناضل الوحدوي الكبير عمر عبدالله الجاوي، أم الوحدة الأخرى التي تضحي بالوطن في سبيل 15 من المتنفذين وردت أسماؤهم في تقرير باصرة - هلال؟! لكن المستغرب - أكثر من ذلك - الموقف الرسمي من صحيفة «الأيام» الذي بدا جليا في التحريض الذي يصل حد الاستعداء، في مواجهة ظالمة لا يتساوى طرفاها بحال من الأحوال: الدولة بكامل جبروتها وغطرستها، وصحيفة أهلية مهنية قامت بحرِّ مال أصحابها، لا تتجاوز في نطاق النشر ما تنشره صحف أخرى تصدر من صنعاء وتعمل ضمن نطاق الدستور والقانون اليمني، وفي سبيل إسكاتها كانت الأجهزة تفرخ صحفا على شاكلة أخلاقيات القائمين عليها ذهبت حد التعرض للأحياء والأموات بلغة يترفع عنها السفهاء والبلاطجة.

وعندما تشق «الأيام» طريقها باستمرار ودأب إلى قلوب المواطنين- غير عابئة بأصوات التحريض والبغي- وتصل إلى شرق البلاد وغربها، شمالها والجنوب تتحول عدوانية السلطة إلى منكر آخر يتجاوز إرث المستبدين في كل بقاع الديكتاتوريات الظالمة، بممارسة إرهاب الدولة مباشرة أمام الملأ، وفي حركة تنم عن السقوط المريع للدولة أو ما تبقى من هياكلها بإقدام نقاطها العسكرية على التقطع لسيارات المؤسسة صبيحة يوم 3 مايو الحالي (اليوم العالمي لحرية الصحافة) ومصادرة 50 ألف نسخة ومنعها من الوصول إلى المحافظات الأخرى بما في ذلك احتجاز السيارات وسائقها.. ولعلها من المصادفات العجيبة أن تنشر «الأيام» في الصفحة الأخيرة من عدد ذلك اليوم مقالا للمفكر العربي الكبير أبوبكر السقاف موسوما بـ(لجان الدفاع عن حرية الكلمة) جاء في مقدمته: «كان إحراق الصحف والمجلات والكتب في 30 مايو الماضي عملا يوميا للسلطات الفاشية والنازية في أوروبا وكان ذلك بداية سقوطها في بداية الحرب الثانية، واليوم إذ تتعرض «الأيام» للنهب والإحراق في الطرق العام فإن الرأي العام يجب أن لا يقف صامتا بل وأن لا يكتفي بالاحتجاج العابر والمتقطع إذ إن علينا جميعا أن ننظم لجانا للدفاع عن حرية الكلمة في كل أنحاء البلاد في الشمال والجنوب وفي الشرق والغرب».

والخلاصة، إن مقومات البقاء لسلطة تمارس كبت أنفاس الديمقراطية أو ما تبقى فيها من نفس بإصرار وتجبر وغطرسة تسقط تماما ولا تجعلها مؤتمنة على إدارة وطن، مهما حلا لها أن تتغنى كذبا وبهتانا بالوحدة والديمقراطية، فلا ديمقراطية بدون الحريات والمواطنة المتساوية والتداول السلمي للسلطة، ولا وحدة بدون الديمقراطية، وإن صيانة الوحدة ليس بالإرهاب المنظم وخنق الحريات واستخدام القوة المفرطة ضد المواطنين، بل بالديمقراطية الكاملة والعدالة عملا بقول الفاروق (رضي الله عنه) مخاطبا والي مصر :«سورها بالعدالة» عندما أراد أن يسيج حيا من أحياء الفسطاط.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى