مقتطفات خاصة من حياة الأعسم.. الشيخ أحمد الفهد لم يف بوعده والأمل كبير في العيسي والزوكا

> «الأيام الرياضي» مختار محمد حسن :

>
من يصدق أنني لم أبكِ على فراق الأعسم..من يصدق أن عيني لم تذرف دمعة واحدة عندما نظرت إلى جثمان الأعسم؟..أتدرون لماذا؟..ذلك لأنني حتى اللحظة لم أعِ و لم أستوعب حقيقة أن أستاذي العزيز عادل الأعسم قد فارق الحياة من شدة الصدمة والفاجعة.

نعم..حتى الآن وأنا أشعر بوجود أخي الأعسم بجانبي..وأنه ما زال يمدني بنصائحه ويوجهني ويأخذ بيدي!!.

ولا أدري متى سأعترف بحقيقة موت الأعسم..ولم أقرر بعد متى سأبكي، وما سيكون مقدار بكائي وحزني ومقدار دموعي التي ستذرفها عيني.

ولكن ليعذرني الكل..فعادل الأعسم إن كان حقا قد مات فإنه سيظل حيا يرزق في قلبي وفي وجداني وفي حياتي كلها..وإنه لم يمت أبدا..وقد يكون الشعور هذا هو سبب عدم استيعابي لحقيقة وفاة الأعسم وسبب عدم حزني وبكائي عليه، خاصة أنني عشت معه فترات رائعة في هذا الزمن الرديء.

البداية مع الأعسم

كانت بدايتي مع الأعسم عندما التقيت يوماً ما الأخ خالد وهبي مدير عام مديرية صيرة، الذي كان يعرف ميولي ناحية الصحافة والتصوير لكونه عمل مع نادي التلال كإداري للفريق في الفترة التي لعبت فيها مع التلال، ومعه المرحوم عادل الأعسم، وقد طلب الأعسم من الوهبي أن يبحث له عن لاعب يحب مهنة الصحافة، لأن اللاعب تكون كلمته أو نقده مقبولا عند القراء ، ويومها رشحني الأستاذ خالد وهبي للأعسم ، واتصل بي الوهبي لكي أحضر في اليوم الثاني لمقابلة الأعسم في مقر صحيفة «الأيام» ويومها كان اللقاء الأجمل لي في حياتي، لأني قابلت الأعسم من جهة..وتعرفت على صحيفة «الأيام» من جهة أخرى.

وخلال الفترة التي عملت فيها مع الأعسم في صحيفة «الأيام» تعلمت منه الكثير والكثير ، وكان العمل معه من النوع الذي لا يعرف الروتين الممل، وكان كل كلامه معي كالحكم، ويكفي أن الأعسم يوم ترك العمل في الصحيفة أوصاني بمواصلة مسيرته مع الناشرين هشام وتمام باشراحيل، وأوصاني بهما وبالصحيفة خيراً.

الأعسم سندنا

ومن خلال الفترة التي عمل فيها الأعسم في صنعاء وبحكم قربه من أعضاء الاتحاد نجد أنه عمل على تسفير الكثير من الصحفيين ممن ليس لديهم أي سند..وللعلم فقد سافرت مع المنتخبات ثلاث سفرات فقط إلى ماليزيا، المالديف ، وعمان وكلها بواسطة الأعسم (رحمه الله)، وحتى سفرتي مع التلال إلى الجزائر كان له النصيب الأكبر فيها، لأنه اتصل بالأستاذ القدير هشام باشراحيل رئيس تحرير «الأيام» الذي قدم لي قيمة تذكرة السفر - مشكوراً - إلى إدارة التلال من أجل أن نغطي مباراة التلال والمولودية الجزائري، ولم يقم الأعسم بخدمتي أنا فقط، فقد قام بمساعدة الكثير من الزملاء في السفر مع البعثات الرياضية ، ولنا الفخر أن الأعسم - طيب الله ثراه - كان وسيطنا في هذا الأمر.

عندما ضحك القطريون وأفحمهم الأعسم

ومن قصص حياة الأعسم (رحمه الله) التي لا بد أن يعرفها الناس عنه أنه كان في قمة التواضع ومحبا للخير، ففي دورة الخليج التي أقيمت في قطر وقبل وصول الوفود المشاركة تم توزيع سائقي السيارات الخاصة على المشاركين في الوفود الإعلامية ، وعند التوزيع ضحك السائقون عندما وزع عدد من زملائهم على الوفد اليمني ، لكن الأعسم أفحمهم خاصة عندما وصل إلى الفندق فكان يتعامل مع السائق وكأنه أخوه.

كان الأعسم - رحمه الله- عندما يخرج إلى أية فعالية يرفض الجلوس في الكرسي الخلفي ، بل يجلس بجانب السائق الذي استغرب في البداية ثم ما لبث أن أصبح صديقا وفيا للأعسم الذي بادله الوفاء، حتى عندما يخرج الأعسم إلى أحد المطاعم تجده يعزم السائق ويقوم بخدمته وسط ذهول كبير منه (أي السائق)، وكم تكون سعادته وهو يذهب مع الأعسم إلى أحد الأسواق الكبيرة وتجده يتمشى مع الأعسم وكأنه صديقه.

بل أن (أبو محمد) المعروف عنه حب الشراء يقوم بشراء هدية خاصة للسائق الذي تجده في قمة السعادة وهو يتحدث مع زملائه الذين لا يجدون أية راحة مع المشاركين من الدول الأخرى.

الشيخ أحمد الفهد لم يفِ بوعده للأعسم

حادثة يعرفها القليلون وهي أن الأعسم كان يتمنى أن يجري لقاء خاصا مع الشيخ أحمد الفهد الصباح رئيس الوفد الكويتي في خليجي 19 بعمان ، وعندما التقاه بالصدفة في فندق رؤساء الوفود قال له بالحرف الواحد:«التقيتك أنا ومحمد عبدالله فارع في الدورة العربية في بيروت عام 1997م، وقد توفى الله الفارع، ثم التقيتك أنا وعلي الأشول في خليجي 15 في السعودية عام 2002م ، وبعدها توفي الأشول أيضا، والآن قابلتك لوحدي فهل سأموت قبل أن أجري معك هذا اللقاء الذي أحلم به؟» ، فرد عليه الشيخ أحمد الفهد:«ربنا يعطيك طولة العمر» .. فهل سنجد من يوصل هذه الرسالة إلى الشيخ فهد الأحمد؟

رسائل خاصة

الرسالة الأولى أوجهها إلى (أم محمد) زوجة العزيز والغالي عادل الأعسم عليه رحمة الله، وأقول لها:«إن عادل ألف رحمة ونور تنزل عليه لم يمت فقيراً، إنما مات ولديه كنز على الأرض، فقد عمل معروفا مع أناس كثر، ولم يبخل على أي شخص طرق بابه حتى الأغنياء منهم، ولا أظن أن رجالاً مثل الشيخ أحمد صالح العيسي أو أخانا عارف عوض الزوكا سيبخل على أولاد عزيزنا حياً وميتاً عادل الأعسم..فلا تخافي على مستقبل أولادك ، فهم في يدي المولى عز وجل أولاً وأخيراً، ثم سيكونون في أيدي رجال الخير الذين كان الأعسم في عونهم في المشورة».

الرسالة الثانية أرسلها إلى إبن الأعسم الأكبر محمد عادل الأعسم، وأقول له:«لقد رأيناك في العزاء ، وكنت كما كان والدك يحدثنا عنك، فقد وقفت وقفة رجال رغم صغر سنك ، وما عليك الآن إلا مواصلة مسيرة والدك الأعسم رغم صعوبتها، فوالدك كان دائماً يشيد بأخلاقك وبصبرك وقدرة تحملك ، وبالفعل من شاهدك منذ وصول جثمان والدك حتى آخر يوم في العزاء سيعلم أن الأعسم موجود بيننا».

الرسالة الثالثة إلى حسن عادل الأعسم الولد الذي لا تجلس مع الأعسم إلا وهو يتذكره ويتذكر القصص الكثيرة التي يعملها أكان ذلك في المدرسة أو في البيت أو في الشارع، فقد كان والدك يحبك كثيرا، لكن الحركات التي كنت تقوم بها لا تسعده كثيراً..الآن وقد توفي والدك فإن عليك الانصياع لأخيك محمد، وتذكر والدك في كل موقف كان والدك لايحبه.

الرسالة الأخيرة إلى الأخوين الشيخ أحمد صالح العيسي وعارف الزوكا، وأقول لهما:«الأعسم توفي ولا يملك أي شيء في هذه الدنيا، فأولاده الآن حائرون.. هل يعيشون في صنعاء أو في عدن؟..هل سيكون لديهم منزل جديد أم سيعيشون في المنزل المتهالك في (عمر المختار)؟ وهل ستستمر مطبعته المتواضعة في العمل أم ستتوقف؟..والكثير والكثير من الهموم التي تحوم على رأس عائلة الأعسم.

وداعاً أخي الكبير

ذكرت في بداية حديثي أنني لم أبكِ على رحيل الأعسم ، وقد نصحني أحد زملائي بقوله إذا أردت البكاء عليك أن ترى وجه الأعسم وهو ميت، ففعلت ذلك وحاولت قدر المستطاع أن أرى وجه الأعسم، وأحمد الله أنني استطعت بمساعدة رجال لا أعرفهم الوصول إلى جسد الأعسم ، وبصراحة شديدة لم أبكِ بل كنت سعيداً!!.

ومصدر سعادتي أني رأيت جسد أستاذي ناصع البياض، ورأيت وجهه صافيا وحليقا ونظيفا جداً يشع النور منه وكأنه استعد للقاء ربه، وعندما قبلته على جبينه وعلى خده وجدت أنه بارد جداً وكأنه ثلج..فحمدت الله أني رأيت الأعسم بأحلى صورة وعلى أتم هيئة لملاقاة ربه..ولذلك لم أستطع البكاء..والحمد لله على كل حال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى