ويسألك عن القتيل والنقير والقطمير

> أحمد عبدالله امزربة:

> نصح عالم إسلامي واليا على أمة قائلا له: إن الله تعالى قد حلك محلا عاليا شامخا، وأنزلك منزلا شريفا باذخا، وملكك على طائفة من ملكه، وأشركك في حكمه، ولم يرض أن يكون أمر أحد فوق أمرك.

فلا ترضَ أن يكون أحد أولى بالشكر منك، وليس الشكر باللسان، وإنما هو بالفعل والإحسان، قال تعالى: (اعملوا آل داود شكرا) سبأ 13. واعلم أن هذا الذي أصبحت فيه كان لرجل قبلك وهو خارج عنك بمثل ما صار إليك، فاتق الله فيما حولك من هذه الأمة، فإن الله تعالى سائلك عن أدق الأشياء، قال تعالى: (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) الحجر 93/92، وقال تعالى: (وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) الأنبياء 47، واعلم أن الله تعالى قد أتى ملك الدنيا بحذافيرها سليمان بن داود عليه السلام، فسخر له الإنس والجن والشياطين والطير والوحش والبهائم، وسخر الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب، ثم رفع عنه حساب ذلك أجمع فقال له: (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) ص 39، فوالله ما عدها كما عددتموها، ولا حسبها كرامة كما حسبتموها، بل خاف أن تكون استدراجا من الله تعالى ومكراً به فقال: (هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر) النمل 40.

والسلطة في بلادنا اليوم تقول: 19 عاما من الرخاء، والأمن والأمان، والثوابت الوطنية ودولة القانون والنظام، والوحدة خط أحمر، ومعمدة بالدم و..و..وغيرها من المسميات التي لاتحل قضية ولاتجدي نفعا، والثأر عصف بالأمة ومن مسبباته الاختلالات الأمنية وغياب دولة النظام والقانون، والتدخل في سلطات القضاء، حتى أصبح ضحايا الثأرات إذا ما أحصيناهم خلال الـ 19 سنة الماضية أضعاف ضحايا الصراعات السياسية والحروب خلال الـ 23 سنة التي سبقت الوحدة، فهل أجـساد ضحايا الثأر لاتوجد بها قطرة دم؟!

وضحايا خمس سنوات حرب في محافظة صعدة من الجنود والضباط الذين معظمهم من أبناء الجنوب، ومن المواطنين الأبرياء من أبناء صعدة من النساء والأطفال والشيوخ قتلوا خلال هذه الحروب، لاتوجد بأجسادهم قطرة دم؟!

والشهداء الذي سقطوا برصاص قوات الأمن في عدن وحضرموت وردفان والضالع وباقي مناطق الجنوب خلال العامين الماضيين، وهم يمارسون حقهم وفق ما يقره القانون والدستور، واتفاقيات حقوق الإنسان الدولية.. هل كل هؤلاء لاتوجد بأجسادهم دماء؟!

وتشريد أهالي كود قرو والاستيلاء على أملاكهم التي ورثوها أبا عن جد من مئات السنين، ورمي أطفالهم ونسائهم في السجون، والمظالم الأخرى التي تحصل هنا وهناك في محافظات الجنوب، هل هي من الثوابت الوطنية التي تدعون؟ وتقييد حرية الناس واعتقالهم دون مسوغ قانوني، هل هو من الحفاظ على الوحدة؟

والسجين الإنسان أحمد المرقشي ظلما وبهتانا، وهو يدخل عامه الثاني دون ذنب اقترفه سوى دفاعه المشروع عن الأمانة وعن النفس والعرض الذي أقرته كل الشرائع السماوية والقوانين الوضعية والأعراف القبلية، والمعتدون يسرحون ويمرحون أمام أعين أجهزة الأمن والسلطة، فهل هذا هو الأمن والأمان الذي تدعون؟!

سموا الأمور بمسمياتها واتقوا الله، واعلموا، سلطة ومعارضة وحاكما ومحكوما، أن الله تعالى سائلكم يوم القيامة عن القتيل والنقير والقطمير. والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى