(الكهرباء) خارج نطاق الخدمة .. مواطنون يطالبون بإنهاء ربط عدن بالشبكة الوطنية

> استطلاع/ سليم المعمري:

> يتواصل مسلسل انقطاعات الكهرباء عام تلو آخر رغم سيل الوعود الرسمية بتنفيذ مشاريع لتطوير قطاع الكهرباء وتوفير الطاقة اللازمة وانهاء الانقطاعات. معاناة المواطنين في عدن وباقي المحافظات الجنوبية بلغت حدا لم يعد لهم قدرة على تحمله جراء تفاقم الانقطاعات في التيار الكهربائية لساعات طوال نهارا وليلا في ضل مناخ قائض الحرارة.
مرضى وكبار في السن يفقدون تسوء حالاتهم الصحية بل ويفقد أعداد منهم أرواحهم بسبب انقطاعات الكهرباء واجبارهم على مكابدة لهيب صيف عدن فيما لا حول ولا قوة لهم على مكابدته.
خسائر مادية تلحق بالمواطنين بإعطاب أجهزتهم الكهربائية التي لا يقوون ماديا على شراء البديل عنها، إضافة إلى تعطيل أعمال ومعايش الناس.
«الأيام» أجرت هذا الاستطلاع الميداني لاستعراض أراء مواطنين بعدن حول انقطاعات الكهرباء.
بدأنا جولتنا الاستطلاعية لمعاناة المواطنين جراء الانقطاعات المتكررة والطويلة للتيار الكهربائي بمختلف مديريات عدن بالنزول إلى شوارع وأسواق المحافظة، حيث التقينا بعدد من المواطنين المتضررين جراء الانقطاعات المتصاعدة للكهرباء في مدينة تتسم بصيف قائض الحرارة.
* وهناك في مديرية الشيخ عثمان، أكثر المديريات كثافة سكانية وحركة تجارية،التقينا بالمواطن باسم الكبيبي يعمل في
محل ألعاب (بلاستيشن)، والذي أوضح لنا جانبا مع معاناته قائلاً: “أنا أعمل بمحل لبيع ونسخ السيديهات وبرامج الكمبيوتر، وبدلا من التركيز في عملنا أصبحنا نفكر كثيرا بالأوقات التي تنقطع
فيها الكهرباء دون سابق إنذار، وهذا ما سبب لنا حالة من الإرباك والقلق في عدم قدرتنا على إتمام عملنا، بل وساعدت هذه المشكلة المستمرة على زيادة المتاعب مع زبائننا، لعدم قدرتنا على الوفاء بكل طلباتهم في أوقاتها المحددة”.
وأضاف: “المشكلة الأخرى التي نواجهها هي ظاهرة التلوث البيئي الناجم عن كثافة استخدام المواطير والمولدات من قبل معظم البيوت والمحلات التجارية، نتيجة ما تنفثه من أدخنة سامة، بالإضافة إلى الضوضاء التي تخلق أجواء كئيبة، لكننا نجد أنفسنا مضطرين على تكبد خسائر فادحة في شرائها ودفع قيمة مستلزماتها”.
ويختتم: “القلق يساورنا حاليا كعاملين ملزمين بالحفاظ على مصالحنا مع زبائننا، من شبح الانقطاعات المستمرة الذي يطل علينا كل موسم، ونحنُ نضع الآن أيدينا على قلوبنا، ونتوقع هذا الموسم أن يحل علينا ظلام قاتم”.
* أما المواطن المعتصم بالله سعيد – صاحب محل للنت - بالشيخ عثمان، فقال:“إشكالية الكهرباء مازالت مستمرة، ولم تطرأ أية حلول أو معالجات جذرية لإنهائها، ونتوقع هذا الموسم أن تكون سياسة (طفي لصي) هي السائدة كسائر الأعوام السابقة”.
وأضاف: “نحنُ في المحل نعاني من قلق دائم إزاء هذه الانقطاعات التي تؤثر سلبا على أجهزة الكمبيوتر، كونها حساسة جدا وتتأثر سريعا بأوضاع الضغط والضعف اللذين يسببهما الانقطاع المفاجئ للتيار الكهربائي في كل لحظة، وما ينجم عنه من التماس وأعطاب تعرضت لها الكثير من أجهزتنا، والحال نفسه تعاني منه بقية المحلات التجارية”.
ويناشد سعيد الحكومة العمل بروح المسؤولية على إيجاد معالجات ملموسة في حفظ استمرار الطاقة الكهربائية، وضمان إيصالها دون انقطاع أو ضعف، رأفة بحال وأوضاع المواطن في عدن، الذي من المتوقع أن يعانيه من أوقات مظلمة وأجواء ساخنة في غضون الأيام القليلة القادمة، حين يسدل فصل الصيف كامل ستاره”.
* وتحدث المواطن أحمد عبدالله الزريقي (صاحب محل للطباعة) بالقول: “كالعادة نترقب الانقطاع القادم للكهرباء، لاسيما ونحن مقبلون على مشارف موسم الصيف، مضيفا:ً “هذه المشكلة المتكررة أصبحت مسألة لا بد أن نعاني منها ونتجرع ويلاتها كل عام، دون أن نلمس أي تحسن، باستثناء ترقب ساعة الانقطاع”.
واختتم: “نحن الآن نحسب ألف حساب للظلام الذي سيداهمنا قريبا بالتزامن مع ارتفاع درجة الحرارة، ونتمنى على الجهات المعنية أن تسعى إلى معالجة هذه المشكلة المؤرقة بالشكل الذي يبعث على الراحة والسكينة للمواطن المغلوب على أمره”.
* وعود كاذبة ومستهلكة
وأشار المواطن إبراهيم عبدالحميد (صاحب محل للإنترنت) إلى غياب أعمال الصيانة والتحديث للمحطات الكهربائية،وقال: “لم نسمع حتى الآن عن تجهيزات أو صيانة حقيقية للمحطات
الكهربائية المركزية، في ظل الانطفاء المتواصل”.
وأضاف: “كل موسم صيف يحل في عدن تزداد حرارته عن السنة التي تسبقه، ونحن كمواطنين لا نطالب بمحطات كهربائية جديدة لمواجهة العجز في توفير الطاقة، وإنما على الأقل العمل على صيانتها وفصلها عن الشبكة العامة، فالمحطات التي تتواجد في عدن بالكاد تستطيع توفير طاقتها للمدينة وحدها”.
ويكمل: “بالنسبة لنا كأصحاب محلات نتعرض لخسائر فادحة بسبب ما تشكله هذه المشكلة الدائمة التي تتلف سنويا أجهزتنا ومعداتنا، كما أنها تكبدنا الكثير من رسوم الفواتير نتيجة استهلاكنا المستمر للمكيفات التي نضطر إلى تشغيلها لتبريد محلاتنا أثناء فترة الحر”، مضيفا:ً “المشكلة أن الجهات المختصة توعد المواطنين كل عام بموسم خالٍ من انقطاع الكهرباء، ونتفاجأ أنه يحدث العكس، حتى أصبح المواطن محبطا من كثرة وعودها”.
* ويتحدث المواطن محمد علي مرعي (عامل على باب الله) قائلا:ً “انقطاع الكهرباء في عدن أصبح من الأمور المقلقة جدا،ً لأن عدن تختلف عن بقية محافظات الجمهورية، والسبب أنها
مدينة ساحلية ونسبة الرطوبة مرتفعة فيها”.
ويواصل حديثه:“لهذا تجد اعتماد سكانها على الكهرباء يمثل نسبة عالية من الاستهلاك، وكذلك الإقبال على أجهزة التكييف، لأن هذه المكيفات لا تساعد فقط على تلطيف سخونة الجو، وإنما أيضا في التخفيف عن معاناة المرضى الذين يعانون من أمراض السكر والضغط والربو”. ويختتم بالقول: “لهذا تظل الكهرباء بالنسبة لسكان عدن بمثابة حياة مستمرة تتعلق بكل تفاصيل يومهم، وتنقذ أرواح الكثير من المرضى، وبالأخص حياة الأطفال الخُدَّج الذين يوضعون في حاضنات لا تعمل إلا بالكهرباء”.
* شبح الانقطاع يحوم عدن
إبراهيم العكيم وهو مواطن متطوع ضمن اللجان الشعبية بمديرية الشيخ عثمان، نبهَ إلى موعد اقتراب شهر رمضان الكريم، وقال:“كل دول العالم تستقبل الشهر الفضيل بفرحة وسرور، وتعمل على شراء الكماليات والمأكولات والتجهيزات المتعلقة به، إلا سكان اليمن فهم يستعدون لشراء المواطير والشموع وبطاريات الشحن،ليتمكنوا من مواجهة أزمة الانطفاءات المتكررة للتيار الكهربائي”.وأضاف بقوله:“معروف أن نسبة الفقر مرتفعة في كل محافظات اليمن، وخصوصا في محافظة عدن، التي تزداد فيها نسبة البطالة بين أوساط الشباب، ولا تستطيع معظم العائلات فيها من شراء “المواطير” لمواجهة شدة الحرارة”.
ويستطرد مختتما:ً “المؤلم هو ما نسمعه من أن الكثير من البيوت والمحلات التجارية تعرضت للحريق بسبب حالات الالتماس الكهربائي الناجم عن كثرة الانقطاعات، إضافة إلى ما تتعرض له هذه المساكن من مخاطر عند تشغيل المولدات المشغلة بالبترول داخلها، دون أن تحرك الدولة ساكنا في معالجة هذه الأزمة المتضاعفة سنويا”ً.
* واعتبر المواطن إيهاب المقطري (مهندس مولدات) أن مشكلة تكرر انقطاع الكهرباء يدل على ضعف مؤسسات الدولة، وعدم استشعارها بالمسؤولية إزاء توفير احتياجات مواطنيها من المتطلبات والاحتياجات العامة، وفي مقدمتها الكهرباء.
وقال مضيفا: “الدولة بمختلف مؤسساتها عاجزة حتى الآن عن توفير الطاقة الكهربائية الكافية لمواطنيها، ومواجهة مستوى العجز المستمر لمحطات توليد الطاقة”.
وأكمل قائلا: “المؤشرات التي نشاهدها الآن تنم أن هذا العام سيكون كسابقه من الأعوام التي عانينا فيها من شدة الانقطاعات، في ظل استمرارية الوعود الرسمية السرابية التي نسمعها موسمياً دون أن نرى لها تطبيقا عمليا على الواقع”.
* فيما أبدى المواطن وليد حسن الريمي تشاؤمه أن يكون هذا الموسم من أسوأ مواسم السنوات المنصرمة انقطاعا للتيار الكهربائي، وقال: “بدأت الانطفاءات تطرق الآن ساعة الصفر، وشبح الظلام أصبح يخيم على معظم حارات عدن، والتي يبدو أنها مقبلة على أوقات صعبة ومضنية سوف تضاعف من حدة الضيق والضغط والمعاناة لدى السكان القاطنين فيها”.
* استقلالية كهرباء عدن
يشير الكاتب أحمد ناصر حميدان، إلى أن قضايا مدينة عدن، كإقليم اقتصادي، من أبرزها قضية الكهرباء، التي ستظل واحدة من المعظلات الأساسية التي لن تمكن أجهزة ومؤسسات الدولة من فرض سلطتها، ما لم تقم أولا بتوفير الخدمات التي تفي باحتياجات المواطن.. وأضاف : “ما يؤرق المواطن اليمني اليوم هو مشكلة الكهرباء، خصوصا عند سكان المناطق الساحلية والحارة التي تعتبر الكهرباء واحدة من أهم متطلبات العيش بالنسبة لهم”.. واستطرد قائلا:“تعشمنا خيرا بإعلان وزارة الكهرباء عن استعدادها لمواجهة أزمة الكهرباء خلال فصل الصيف الراهن، وحديثها عن أعمال ترميم وإعادة تأهيل محطات الكهرباء في عدن، منها محطات: الحسوة، خور مكسر والمنصورة، لدرجة توقعنا أن يكون حالنا في هذا الصيف أفضل من سابقه”.
وقال متسائلاً: “كيف سيكون وضع المرضى وكبار السن والأطفال، وما سيعانونه أثناء فصل الصيف الذي ستزداد فيه حرارة أشعة الشمس؟”.
وأردف مستفسرا:ً “لماذا لا يتم فك ارتباط مدينة عدن عن منظومة الشبكة الوطنية للكهرباء، حتى تستطيع تغطية احتياجات كل مناطقها وما يحيطها من مدن مجاورة، بدلا من التذرع بإرجاع أسباب الانقطاعات المستمرة إلى الأعمال الإرهابية المستهدفة لأبراج وخطوط الكهرباء المركزية في مأرب، والتي تتحمل وزرها مدينة عدن، حد قوله”.
ولم يخفِ الصحافي بلال الصوفي، تفاؤله بوعود مسؤولي السلطة المحلية بمحافظة عدن في وضع معالجات لهذه المشكلة، وقال: “برغم وجود بعض القلق إلا أننا نتوقع هذا العام أن يكون أفضل من الأعوام الماضية، وأملنا من المسؤولين المعنيين في عدن أن لا يخيبوا ظن المواطنين فيهم، لأنه إذا خاب الظن وجاء هذا العام بعكس المتوقع، فإن ردة الفعل ستكون صاخبة وغاضبة، وسيفقد
المواطنون الأمل فيهم”.
* حكومة تورد الكهرباء بالقطارة وتحدث المواطن جلال جميل سعيد (موظف) ساخرا:ً «لا يوجد في العالم كله حكومة تورد الكهرباء لمواطنيها بنظام الورديات، كما هو حادث عندنا (ساعتين بساعتين)”.
ويواصل: “قضية الكهرباء أصبحت في كل المجتمعات من القضايا الثانوية، لكن في بلادنا مازالت تعتبر الكهرباء مشكلة أساسية ومعضلة حقيقية، يكتوي بها كل مواطن في اليمن ومدينة عدن تحديدا .»ً
ويضيف: “أأمل أن تبذل الفرق المتخصصة في مؤسسة الكهرباء قصارى جهدها لضمان توريد الكهرباء إلى منازل المواطنين، خصوصا في الأسابيع القليلة القادمة قبل حلول شهر رمضان المبارك، وإصلاح المولدات المتهالكة والتغلب على إشكالية الضعف والانهيار اللذين مازالت تعاني منهما المحطات الكهربائية المحلية المرتبطة بالمنظومة الوطنية للشبكة الكهربائية”.
* وتطرقت المواطنة أم رضوان إلى أوقات الضيق التي تنتابها وعائلتها مع كل ساعة تنطفئ فيها الكهرباء، متحدثة بلهجة غاضبة «لقد أضحينا نعيش لحظات كئيبة في منازلنا وسط العتمة، حيث تنقطع الكهرباء عنا لعدة ساعات متتالية ومتواصلة على مدار اليوم الواحد .»
وحملت أم رضوان أجهزة الدولة التنفيذية مسؤولية ما يعانيه سكان مدينة عدن، قائلة: «حالات العذاب والمعاناة والقلق التي نتكبدها ليلا ونهارا،ً تتحمل الدولة مسؤليتها في ذلك، وعلى رأسها قيادة محافظة عدن وقيادة وزارة الكهرباء، باعتبارهما المسؤول الأساسي في الإشراف على توفير الخدمات الإنسانية العامة وتوصيلها سليمة للمواطنين، وعليه إذا لم تتمكن هاتان القيادتان من القيام بواجبها، فعليها تقديم استقالاتها بسبب قصورها في تأدية وظيفتها .»
* ويختتم المواطن شبيب الطاهر، الناشط الشبابي في منظمات المجتمع المدني، حصيلة الاستطلاع بالقول: “مناخ مدينة عدن معروف عنه شديد الحرارة صيفا،ً وسكانها يعتمدون بشكل أساسي على الكهرباء”.
ويضيف: “كلما زادت الانقطاعات زادت معاناة المواطنين البسطاء، والدولة والحكومة لم تقدم حتى الآن أية جهود ملموسة تراعي خلالها ظروف وأوضاع مواطني عدن، ونحن نطالبها بالعمل على بذل كل الجهود الممكنة التي تسهم في رفع كفاءة توليد الطاقة، وتجنيب المدينة ويلات الانقطاع المستمر، حتى ينعم المواطنون البسطاء بالخير والرفاء والأمان، بعيدا عن المنغصات والمعاناة التي تلاحقهم كل عام”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى