يا قهوة الصباح

> عبد القوي الأشول:

>
رغم غيابها عنَّا لخمس سنوات خلت إلا أن علاقتنا بها لم تنقطع، نستمد من إرشيف ذاكرتنا ما كان لـ«الأيام» من حضور إعلامي مميز ظل يحافظ على الألق نفسه، وبثبات لا مراء فيه إلى جانب البسطاء، وحالة دفاع مستميتة عن حقوقهم المشروعة النهج الذي تكبدت جراءه كل ما واجهة.
"الأيام" دون ريب ظلت حاضرة في ذاكرة من أحبوها، وعند من كانت قهوتهم الصباحية مضمخة بشيء من عبير حقات، كانت الأيام بِطَلَّةِ شهيدها وحامل لوائها المرحوم هشام باشراحيل - طيب الله ثراه - نمطاً مهنياً لا يمكن أن يتكرر، وثبات وثقة في النفس كان ذلك مردَّه لتلك القناعات الراسخة التي مثلت لدى الناشرين إيماناً بالحق، والدفاع عنه.
والثابت أن صبر الأستاذ هشام يفوق الوصف، بل هو صبر بحجم مكانته الاجتماعية، وملكاته الفكرية السياسية، هكذا عهدناه حتى في لحظاته الأخيرة، وهو يُصارع المرض؛ إذ لم يغب عن باله فكرة مبادلة محبيه الابتسامة، والتسليم، وبعث الأمل في النفوس.
ربما أستحضر شذرات مما مضى والأيام تستعد، أو هي في محطتها الجديده المتجددة متجاوزة كل ما أحيط بواقعها.
تأتي "الأيام" وسط تلهف محبيها على امتداد الساحة الجغرافية التي كانت تنتشر على ربوعها مع لحظات الشروق الأولى فما أن يعلن الفجر حضوره، وما أن يستقر قرص الشمس في إفق الصباح حتى تكون "الأيام" قد بلغت تلك الأثمار البعيدة بطريقة توزيع غاية في الدقة والإتقان.
عودة ينطبق عليها قول الشاعر : (كأنك شمس والملوك كواكب)، فشمس شروق "الأيام" الآتي من ثنايا المعاناة، وربما الألم والقهر لابد أن يحمل في طيه ما يشبه (الطمي) الذي هو مبعث التجدد في الأرض، وإن كان طمي "الأيام" من لدن المعاناة، وكل ما واجهت على مدى سنوات خلت، فلكل شيء (طميه) وإن جاز التعبير، وقديماً قالوا: "الضربة التي لا تُقسم الظهر تقويه"، كما لا ننسى وعد الرب وتبشيره للصابرين.
مدرسة "الأيام" دون ريب مثلت لنا الكثير، فهي مدرسة قيمية مهنية في واقع وزمن مختلف.
عموماً احتفاؤنا بمطبوعة "الأيام" أو هي المؤسسة الصحفية "الأيام" بحكم ما شهد وضعها من تطور على مختلف المستويات .. ربما هو نمط من الوفاء وتقديراً لنهجها المهني وكل ما قدمت من تضحيات بمعنى إننا نشير إلى صحيفة لا إلى حزب سياسي يمثل اتجاهاً بعينه .. ومثل هذه الوسيلة الإعلامية لابد أن تواجه ما تواجه من عدم الرضا والكيد، بمعنى إن فكرة إرضاء الجميع متعذر على إي كان.
خصوصاً على من يختار لنفسه هذه المسارات الشاقة، فبين ما تملك من قناعات ومحافظتك على علاقتك بالقارئ لابد أن تواجه صعوبات شتى وعراقيل لا أول لها ولا آخر.
هنيئاً للإساتذة تمام ولابنه محمد وكافة الكِرام من آل باشراحيل عودة «الأيام» .. وهنيئاً للقارئ الكريم لمعاودة العلاقة مع صحيفته "الأيام" بكل تاريخها الحافل بالتضحية والإباء وقول الحق، ففيها وفق كافة المعطيات روح خير سلف لخير خلف ومِن نهلوا من مدرستها العتيدة من الأبناء في أسرة باشراحيل، هم أقدر دون ريب على تجدد يتدفق، ونفس "الأيام" الذي عهدناه، ولا أنسى تهنئة نفسي لمعاودة صلتي بالقراء ممن جمعتنا وعرفتنا بهم «الأيام» في السنوات الخوالي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى