متى تقتصُّ العدالة للشهيدين أمان والخطيب؟!

> أحمد ناصر حميدان :

>

متى ننتقل من الشعارات إلى العمل؟، ألم نتحاور؟ وتجادلنا واتفقنا وتوافقنا، وخرجنا بمخرجات خطوط عريضة لعملنا نحو النهوض وبناء الدولة المنشودة، ما المطلوب إذاً غير العمل والعمل الجاد والصادق؟.
الجماهير لا تريد غير عمل ملموس تشعر به يغير من واقعها السيئ، الواقع الذي انتفضت ضده تريد أن تحسِّن حياتها وتشعر بالأمن والأمان وتوفير الخدمات العامة، وتسهيل أمورها وشؤونها العامة.. كل هذا بحاجة إلى عمل صادق وأمين نابع من روح وطنية خالصة.
حجر الزاوية في معضلتنا كلها هي العدالة الاجتماعية، فإذا توفرت واستشعر الناس بها عملا ملموسا هانت عليهم كل مشاكلهم، بل ممكن للعدالة أن تودي إلى الانفراج لكل القضايا.. شبعنا شعارات رنانة تدغدغ مشاعرنا وتلاعب أحاسيسنا، لكنها لا تقدم لنا شيئا يلبي طموحاتنا وآمالنا.
إذا كان قد مرَّ عام كامل على استشهاد الشابين الوديعين البريئين (أمان والخطيب) في وسط شوارع صنعاء، العاصمة التاريخية، من قبل غول الجهل والتخلف.. مشائخ الموت وسفك الدماء، من يرون أنهم فوق القانون والنظام ميزوا أنفسهم عن العامة بالتكبر والتسلط، لا يحبون من يعترض طريقهم في الطريق العام، وعلى الجميع ترك الطريق للأسياد ثم الرعية، يعيشون وهم الارستقراطية في نسختها المتخلفة والإقطاعية والعبودية التي تم القضاء عليها نهائيا من كل مجتمعات العالم قبل ألف عام، وهم مجرد رعاع متخلفين متزمتين للعرق والطائفة التي اليوم ندرس كيفية القضاء عليها نهائيا.
مرَّ عام والقاتل طليق والعدالة لم تحقق، لأن القتلى شباب طاهر من أسر عريقة مدنية لا تحتمي بالقبيلة أو الطائفة، تشبعت ثقافة مدنية وتمارسها سلوكا ملجئها وحاميها هو القانون والنظام، الذي لم يستوعبه البعض إلى هذا اليوم، ممن تربى وسط مجتمع متخلف، أوعظ إليه أنه سيد القوم، والقانون والنظام للرعاة، وأن السيد فوق القانون.. هذه الثقافة المتخلفة التي يسعى الجميع لاستئصالها من المجتمع لنرسي العدالة والمساواة.. وكان أبو القاتل أحد المتحاورين للوصول إلى هذا المبتغى، كيف له إذاً أن يرسي مع العدالة والمساواة والحرية القيم السامية التي نادى بها الإسلام قبل الدساتير والقوانين الوضعية، هذه القيم التي نافق المعني بها كثيرا على العامة في خطبه وأحاديثه في المسجد وخارجه، وعندما اخترقها حفيده أو أحد أبنائه أدخل لسانه في فمه ولم ينطق بكلمة حق، بل دافع عن الباطل بشراسة.
أليس هذا هو النفاق بذاته؟ وللأسف الدولة بكل ما تملكه من مؤسسات وقوات لا تستطيع أن تضبط القاتل والحرامي من قتل الأبرياء في الشارع العام، لتجعله عبرة يعتبر بها المجرمون وقطاع الطرق، أين العدالة؟ وأين نبحث عنها في القانون الغائب والمصادر والضعيف؟ ونتحدث عن مستقبل منشود في ضل غياب العدالة.
إن ما حدث هو عار في جبين الحزب الذي ينتمي إليه هذا الشيخ والقبيلة التي ينتمي لها أيضا، والأمن في أمانة العاصمة والقضاء والدولة والحكومة، ونحن جميعا الذين تواطأنا ونتواطأ مع هؤلاء القتلة والجهلة الذين يعيشون في القرون الوسطى .
هناك فرق بين كثير من القبائل.. لاحظوا الموقف البطولي والوطني للشيخ علي القبلي نمران، أحد مشائخ مراد آل صياد محافظة مأرب، الذي قام بتسليم ابنه المتهم بالاشتراك في جريمة خطف المواطن الإيطالي (بيير فرسيسكو كوتسلفو)، هذا الشيخ نفتخر به، لأنه مع الحق وإن كان هذا الحق ضد ابنه أو أحد أسرته، وعلى الجميع أن يقتدوا بهذا الموقف الشجاع الذي يغلب مصلحة الوطن على كل المصالح الشخصية.. والمرحلة التي تمرُّ بها البلد لم تعد تحتمل أية مداهنات أو مجاملات لأي شخص يخالف أنظمة وقوانين المجتمع، مثل هؤلاء نعوِّل عليهم في المستقبل.
هنا نطالب رئيس الجمهورية والحكومة ومجلس النواب والأجهزة الأمنية بتقديم المجرم للعدالة والقصاص للشهداء منه في ميدان عام، حتى يكون عبرة يعتبر بها مثل هؤلاء، كخطوة صحيحة نحو بناء مجتمع عادل خالٍ من الظلم والظلمة.. هذا إن كنتم صادقين فيما تقولونه وتنادونه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى