راهول وصونيا غاندي يؤكدان انهما يتحملان مسؤولية هزيمة حزب المؤتمر

> باريس «الأيام» كريستيان اوتون:

> استقبل حشد رئيس الوزراء الهندي المنتخب نارندرا مودي السبت بحماسة كبيرة في نيودلهي غداة النجاح التاريخي الذي حققه القوميون الهندوس في الانتخابات التشريعية التي جرت في الهند وبعد ان القى اول خطاب اتسم بلهجة جامعة.
فقد تجمع مئات الاشخاص وهم يلوحون باعلام حزب بهاراتيا جاناتا لدى وصول الرجل القوي الجديد في الهند الى مطار العاصمة. وبدا ناريندرا مبتسما عند خروجه من المطار ورفع اشارة النصر امام مؤيديه.
بعد ذلك بدأ ناريندرا الذي كان يرتدي سترة وقميصا ازرق اللون يطوف في موكب في العاصمة حتى مقر حزبه حيث سيعقد اجتماعا مع كبار قادته.
وقال اوم دات وهو تاجر في التاسعة والثلاثين من عمره جاء لاستقبال رئيس الوزراء الجديد في المطار "مودي اسدنا، سيعمل من اجل الشعب الهندي، من اجل التنمية ومن اجل كل هندي".
وتلقى الرجل القوي الجديد في الهند الذي تثير شخصيته انقساما عميقا، الجمعة تهاني قادة العالم اجمع بعد فوز فريقه على حزب المؤتمر الذي تتزعمه اسرة غاندي والذي مني باسوأ هزيمة في تاريخه.
ومن المفترض ان يتوجه ابن بائع الشاي في وقت لاحق خلال النهار الى فراناسي (بيناريس) للصلاة على ضفاف نهر الغانج، وهي طريقة لشكر الناخبين في هذه المدينة المقدسة لدى الهندوس وحيث تقدم مودي بنجاح الى البرلمان الهندي.
وقد وعد زعيم حزب بهاراتيا جاناتا الذي لم يشغل اي منصب من قبل على الصعيد الوطني، الجمعة بتحقيق احلام 1,2 مليار هندي، وهو اسلوب لتهدئة مخاوف الاقليات وبخاصة المسلمين الذين وقعوا ضحايا الاضطرابات الدامية التي اندلعت في ولاية غوجارات في العام 2002.
وقال مودي امام ناخبيه في غوجارات مساء الجمعة "اريد معكم جميعا دفع هذا البلد قدما (...) ومن مسؤوليتي ان اصطحبكم معي لقيادة هذا البلد".
واستخدم موضوعا متكررا في خطابه معتبرا ان الهند، ثاني اكبر بلد في العالم من حيث التعداد السكاني، يجب ان تصبح قوة عالمية معترف بها واعدا بان يكون القرن الحادي والعشرين قرن الهند".
ومن المرتقب ان يتم تنصيب رئيس الوزراء رسميا الاسبوع المقبل. وقد ركز حملته على وعد باعادة اطلاق الاستثمار وقيادة البلاد بفاعلية وشفافية.
في المقابل خرج حزب المؤتمر من عشر سنوات من الحكم مضعفا بفضائح الفساد المتكررة وركود الاقتصاد وتضخم متنام. وقد اعتبر المراقبون حملة راهول غاندي نجل رئيسة حزب المؤتمر صونيا غاندي باهتة وبدون توجه.
وافادت النتائج الاخيرة التي اعلنتها اللجنة الانتخابية عن حصول حزب بهاراتيا جاناتا على 279 مقعدا من اصل 543 في البرلمان، اي اول غالبية مطلقة يحصل عليها حزب واحد في خلال 30 عاما. ويتوقع فوز هذا الحزب ايضا بثلاثة مقاعد اخرى في دوائر لم تنته فيها بعد عمليات الفرز.
وكتب رئيس تحرير صحيفة انديان اكسبرس شيخار غوبتا على الصفحة الاولى "ان الشعب منحه الصلاحية لتغيير التاريخ... وسيتعين عليه العمل بكثير من الاحتراس".
واضاف "ان الوقت ليس للاعتداد بغالبية ولا يمكن حكم امة متنوعة مثل امتنا اذا كانت اقليات كثيرة تشعر بعدم الامان وبالتهميش وسوء التمثيل".
ولفتت صحيفة تايمز اوف انديا الى انه لم يكن هناك ابدا هذا العدد القليل من المسلمين المنتخبين الى البرلمان منذ العام 1952.
وبالنسبة لمودي فمن المتوقع ان يتبع طوافه في نيودلهي اجتماع مع كبار قادة حزب بهاراتيا جاناتا المفترض ان يدخل معظمهم الى الحكومة.
وهكذا فاسم ارون جايتلي مطروح لتولي وزارة المالية. وقد يصبح رئيس الحزب راجناث سينغ وزيرا للداخلية.
اما المهمة الرئيسية الملقاة على عاتق مودي فستكون تحريك الاقتصاد مع تدهور النمو من 9% الى اقل من 5% في خلال سنتين، وتضخم متعاظم فيما يعاني ملايين الشبان من البطالة او يشغلون وظائف دون مؤهلاتهم.
وقد رحب رؤساء الشركات وبخاصة الكبرى منها بفوز مودي الذي يعتبر نصيرا لاوساط الاعمال.
في المقابل لا يتوقع ان يستقبل القادة الغربيون مودي بحماسة بعد ان قاطعوه خلال ما يقرب من عشر سنوات على اثر اضطرابات 2002.
ومن جهته اعلن راهول وصونيا غاندي اللذان يقودان حزب المؤتمر الهندي يوم الجمعة انهما يتحملان مسؤولية الهزيمة الساحقة التي مني بها في الانتخابات التشريعية بعد عشر سنوات في السلطة.
وقالت رئيسة الحزب صونيا غاندي للصحافيين ان "الفوز والهزيمة جزء لا يتجزأ من الديموقراطية (...) اتحمل مسؤولية هذه الهزيمة".
وعبر ابنها راهول غاندي (43 عاما) الذي قام باولى حملاته الانتخابية "اريد اولا ان أهنيء الحكومة الجديدة. لقد تلقوا تفويض شعب هذا البلد. نحن سجلنا نتيجة سيئة". واضاف "بصفتي نائب رئيسة الحزب اتحمل المسؤولية".
و راهول غاندي وريث اشهر عائلة في الهند، كان يفترض ان يساعد حزب المؤتمر على البقاء في السلطة بسحر اسمه فقط لكن حملته للانتخابات جاءت مخيبة للآمال بينما يواجه انتقادات بسبب ضعف شخصيته.
وقد كانت شقيقته الصغرة بريانكا اكثر حضورا خلال الحملة الطويلة التي يفترض انه كان يقودها. واثار غيابه عن عشاء وداع رئيس الوزراء مانموهان سينغ الاسبوع الماضي انتقادات جديدة.
وكانت والدته ووالده وجدته ووالدها قادوا جميعا الحزب الى انتصارات كبيرة.
ولم يشغل راهول غاندي (43 عاما) اي منصب حكومي سابقا. وهو يرى ان السلطة تشبه "السم". وهو جديد على الساحة السياسية لكن معلقين يرون ان هزيمة انتخابية يمكن ان تعقد مستقبله.
ويرى الخبير السياسي في حزب المؤتمر كاي بينيديكت "قد يكون رجلا يتمتع بالحكمة والنوايا الحسنة. لكنه فاشل في السياسة".
وكان راهول يرفض في العلن توقع هزيمة في مواجهة الحزب الوطني الهندوسي بهاراتيا جاناتا (حزب الشعب الهندي) وزعيمه المثير للجدل ناريندرا مودي. لكن غالبية المعلقين السياسيين قالوا انه لا يعتقد ان الفوز ممكن. ويتساءل بعضهم حتى عن رغبته الفعلية في تسلم السلطة.
وولد راهول لدى عائلة سياسية معروفة لكن فترة شبابه شهدت المآسي. ففي سن 14 عاما اغتيلت جدته انديرا غاندي في 1984 على ايدي حراس شخصيين من السيخ كانوا يريدون الانتقام لمهاجمة المعبد الذهبي في امريتسار.
واضطر والده راجيف لتولي الحكم وقد اغتيل بدوره بعد سبع سنوات على ايدي انتحارية من التاميل. وقال في الاونة الاخيرة "لقد شهدت جدتي تموت ووالدي يموت، وشهدت والدتي تدخل السجن ولحظات من الالم الشديد خلال طفولتي".
وفيما كان يتلقى دراسته في جامعة هارفرد، تولت والدته صونيا الايطالية الاصل رئاسة حزب المؤتمر وقادته الى الفوز في العام 2004 لكنها رفضت ان تتولى منصب رئاسة الوزراء.
وعندما عمل في لندن وبومباي، دخل راهول معترك السياسة واصبح في 2004 نائبا عن دائرة بدلا من والدته التي اصبحت رئيسة لحزب المؤتمر.
وتولى لفترة قيادة قسم الشباب في الحزب، وتولى منصب نائب رئيس الحزب في يناير 2013 لكنه واجه صعوبة في فرض نفسه كزعيم من الصف الاول حتى في صفوف حزب المؤتمر. واختار الحزب راهول في وقت شهدت فيه الولاية الثانية لمنموهان سينغ صعوبات ظنا بان "سحر" عائلة غاندي يمكن ان يحسن الاوضاع مجددا.
واعتبر ام جي اكبر المدير السابق لمجلة انديا توداي "بالنسبة لقسم من حزب المؤتمر فان العائلة لا يمكن ان تكون على خطأ" لكن غاندي "يواجه صعوبة فعليا في تحديد افكاره وفي فهم ما تريده القاعدة الناخبة".
وبعدما اصبح نائبا لرئيس الحزب، اثار راهول غاندي التساؤلات حين اعلن ان السلطة التي يسعى اليها الكثير من الناس "هي مثل السم".
ورفض الدخول الى الحكومة مفضلا الالتزام بقضايا مختلفة مثل القانون حول حقوق الاعلام الذي يعتبره تقدما اساسيا لمكافحة الفساد المستشري في البلاد وقانون المساعدة الغذائية.
وبدا حازما ايضا في دفاعه عن العلمانية على الطريقة الهندية التي جسدها والد جدته جواهر لال نهرو، اول رئيس وزراء للهند ومهندس النموذج الاشتراكي الذي طبع الاقتصاد الهندي بعد الاستقلال.
واعتبر غاندي ان هذه الانتخابات تتلخص "بمواجهة بين فكرتين عن الهند" وندد بعدم تحرك خصمه ناريندرا مودي خلال الاضطرابات الطائفية التي وقعت عام 2002 في ولايته واسفرت عن اكثر من الف قتيل غالبيتهم من المسلمين.
لكن موهان غوروسوامي المحلل في مركز البدائل السياسية (بوليسي الترناتيفز) الفكري الذي يتخذ من نيودلهي مقرا له انه "لم يكن قادرا على التعبير عن افكاره خلال الحملة ولم يتحدث بوضوح".
وقد وصف في برقية دبلوماسية اميركية كشفها موقع ويكيليكس في 2007، راهول غاندي الذي قلما يحضر الى دائرته او في البرلمان، بانه "يفتقد الى الصلابة".
وحاليا يلتف مسؤولو حزب المؤتمر حول راهول غاندي معتبرين ان النتائج أتت ردا على اداء الحكومة التي لم يكن عضوا فيها.
لكن خلافات بدأت تظهر داخل الحزب. وقال بينيديكت ان "الكثير من اعضاء الحزب يتساءلون عن قدراته".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى