جامعة عدن .. صرح يتهاوى في غياهب الإهمال (8).. السكن الطلابي.. الجامعي أوضاع مؤسفة وقضايا طلابية متفاقمة

> استطلاع: سليم المعمري:

> يعيش طلاب السكن الجامعي التابع لجامعة عدن في ظل ظروف صعبة وأوضاع إنسانية معقدة، تنعدم فيها أبسط الخدمات الأساسية والمتطلبات الضرورية، وهو ذات الحال الذي وجدناه قائما في كليات عدن
في هذا الاستطلاع تسلط "الأيام" الضوء على جانب من معاناة وقضايا طلاب السكن الجامعي في منطقة الشعب، حرصا منها على إعطاء أكبر مساحة ممكنة لطلاب جامعة عدن للتحدث عن مشكلاتهم وهمومهم العامة، عبر سلسلة استطلاعات قامت بها، وذلك في إطار ملفات سوف نتطرق إليها وتتعلق بهذه المؤسسة الأكاديمية التي أضحت تعيش واقعا من الفساد والإهمال والتدهور.
في زيارتنا للسكن ألمح الطالب علي المعلم - كلية الحقوق (مندوب الطلاب) إلى أن ما يحدث في نطاق السكن الطلابي قد يكون استهدافا ممنهجا للسكن الجامعي لتدميره.
ويضيف: "لقد تحول هذا السكن إلى كابوس يلاحق كل طالب، بسبب تردي وانعدام الخدمات الأساسية مثل الماء الذي يعد أساس الحياة، ويصل انقطاعه لمدة ثلاثة أشهر، ما يجعل الطالب يعيش في زاوية ضيقة".
وقال: "أصبحت حياتنا في خطر بسبب تشققات المباني التي باتت آيلة للسقوط في أية لحظة على رؤوسنا بسبب تسرب المياه وملامستها لبالوعات مياه الصرف الصحي من كل جوانبه".
مواصلاً: "طرقنا أبواب الجامعة عشرات المرات، لكنهم كانوا يبتدعون الأكاذيب ويحددون لنا مواعيد لا يلتزمون بها، لكن إصرارنا على مقابلتهم جعلهم يقولون لنا و(بالفم المليان) بأنه لا يوجد عندنا في لوائح الجامعة سكن داخلي لكم".
ويستطرد الطالب علي قائلاً: "إذا صح هذا الكلام فعلى أي أساس يتم توظيف مدير المساكن وصرف ميزانية التشجير وتسليم عامل النظافة (المسكين) 6000 ريال".
احد غرف الطلاب ويظهر فيه تسرب الماء
احد غرف الطلاب ويظهر فيه تسرب الماء

واختتم محملا الجامعة المسؤولية ممثلة بجميع الموظفين المختصين أو بمن تربطهم وظيفة بالسكن عن أي تهديد قد تتعرض له حياة الطلاب في حال لو قدر الله وسقط السكن المهدد بالانهيار في أية لحظة على رؤسهم.
* وضع السكن كارثي
الطالب عبدالكريم البرحي ـ كلية الهندسة (تكنلوجيا ومعلومات) وصف الوضع الذي يعيشه السكن الجامعي بالكارثة الإنسانية، "بل وإهانة بحق العلم وطالب العلم".
وقال: "هناك كلمة مؤلمة ما زلت كل يوم أتذكرها، وهي كلمة مؤلمة جداً بالنسبة لي، سمعتها من أحد كبار السن الذين قدموا لزيارة السكن الجامعي، الذي قال متألماً: "السكن لا يكاد يصلح حتى للأغنام"، مضيفاً:" الأكثر ألماً أن ذلك الرجل لم يعلم أن الأغنام بالفعل تشاركنا مساحة السكن، فأصحابها يقومون بالرعي داخل أسوار السكن الجامعي".. وأضاف: "المسؤولون قد تخلوا عن مسؤوليتهم تجاه هذا السكن، وتركونا نصارع مصيراً مجهولاً وخطرا يهدد حياة الساكنين داخل ذلك السكن المتهاوي، الذي قد يسقط في أية لحظة فوق رؤوس الطلاب بعد أن بدأت المياه تتسرب من فوق أسقفه، دون أن تكون هناك صيانة أو إصلاح لإيقاف ذلك التسرب".
ويواصل: "هناك تقارير ورسائل تم تجاهلها وفيها نداء واستغاثة لجميع المسؤولين المعنيين في الجامعة، ما تنقله صحيفتكم اليوم عن معاناتنا سيكون من ضمن الرسائل التي سوف يتم تجاهلها ورميها داخل الأدراج".
ويضيف مستغربا: "ورغم النداء الذي وجهناه لأكثر من مرة لكن لم نجد أدنى تفاعل أو تجاوب من قبل قيادة جامعة عدن، وأستغرب هذا التجاهل المتعمد، والهادف إلى تدمير كل القواعد والأسس التي تقوم عليها الدول المتقدمة، والتي تحرص كثيراً على تسليح أبنائها وأجيالها بالعلم".
ويكمل الطالب عبدالكريم كلامه: "ما تشهده جامعة عدن اليوم يبدو أنه واحد من نتائج قبول الطلاب أنفسهم للعبث في الجامعة، التي تعد من أكبر الجامعات وأهمها على مستوى الجزيرة العربية والوطن العربي، بحكم تاريخها العريق الذي حمل الكثير من الذكريات والأحداث".
ووجه عبدالكريم رسالة لجميع المسؤولين عن السكن ـ والذي قال إن الكثير منهم لا يعرف أسماءهم قال فيها: "إذا كنتم تفاخرون بتعذيب الطالب الجامعي في جامعة عدن، وتدمير سكنه وعدم الاهتمام به، فإن الله معنا وثقتنا به كبيرة، ولن يخذلنا كما خذلتنا الجامعة والمسؤولون فيها".
احد غرف الطلاب ويظهر فيه تسرب الماء
احد غرف الطلاب ويظهر فيه تسرب الماء

كم وجه رسالته إلى جميع منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية والمحلية المعنية بهذا الأمر التوجه إلى حيث يقع السكن الطلابي التابع لجامعة عدن، للاطلاع عن أحواله عن كثب، ومعرفة مدى المعاناة والأوضاع التي يعاني منها الطلاب، "يمكن ذلك يساعد في سرعة تلبية مطالبنا التي كفلها الدستور ولوائح الجامعة .
* الجامعة تتجاهل مطالبنا
ولخص الطالب ماجد الجيلاني ـ كلية الحقوق - مستوى رابع حقوق، الوضع الذي يعيشه طلاب السكن، حيث قال: "موسف حقا أن نعيش في أوضاع تنعدم فيها أبسط الخدمات والمتطلبات الأساسية، ونكتوي بمرارة الانقطاعات المتواصلة للمياه التي تستمر لفترات طويلة".
ويكمل: "والحال نفسه ينطبق على مشكلة الحمامات التي لا يوجد لها أبواب أو محابس للمياه، كما أنها تتعرض دائما لانسداد مجاري الصرف الصحي، والذي فاقم من تكاثر الحشرات، وعلى الرغم من كثرة الشكاوى والمطالب التي قدمناها لإدارة السكن وقيادة الجامعة، إلا أننا لم نلمس أي شيء يستحق الذكر والاحترام".
* السكن تحول إلى (فرزة)
من جانبه تحدث الطالب مفرج حسين الجرامي - كلية الهندسة - مستوى خامس بالقول: "منذ قدوم النازحين والسكن الجامعي في حالة سيئة جداً جداً، فأوضاع الفوضى تعم المكان بأكمله، ولا أعرف كيف أصف هذا الوضع بصورة أكثر تفصيلا".
ويضيف: "ليس للسكن حراسة أمنية وبوابته مفتوحة لكل من هب ودب، إلى درجة أصبح سائقو سيارات (البيجوت وباصات الأجرة) يدخلون ساحة السكن لتحميل الركاب".
ويواصل: "كذلك التشجير والحدائق التي كانت تزين ساحة السكن انتهت وتحولت إلى ركام من النفايات وجمع الأحطاب، أما النظافة فحدث ولا حرج، فهي منعدمة للغاية، فالقمامة والبالوعات منتشرة في كل مكان لتعكس مدى الوضع المزري الذي وصل إليه السكن".
وقال: "دورات المياه هي كذلك تعتبر بالنسبة لنا معاناة صعبة وكبيرة، ففي السكن لا توجد حمامات صالحة للاستخدام باستثناء واحد يرتاده جميع الطلاب الساكنين ويتزاحمون عليه في طابور طويل".
وأختتم حديثه: "من كثرة الوعود الكذابة التي سمعناها من مسؤولي الجامعة أصبحنا نعرف معظم موظفيها الذين كانوا يوعدون ويخلفون وعودهم".
خزان فوق سطح احد المباني ويظهر فيه تسرب الماء
خزان فوق سطح احد المباني ويظهر فيه تسرب الماء

* وضع مزري للغاية
وأشار الطالب علي بلعيد بن لمير - كلية الحقوق، إلى أوضاع الصرف الصحي، التي اعتبرها مأساة حقيقية يعيشها طلاب السكن، وقال :"السكن تحيطه المستنقعات من كل جانب، وهناك الكثير من بؤر البالوعات التي تحتوي على الكثير من الجراثيم الناقلة للأمراض والأوبئة".
ويواصل: "كذلك أوضاع التشجير في إطار الكلية مهملة، فالكثير من الأشجار التي كانت متواجدة في الساحة قد يبست، وبعضها التهمتها الأغنام".
ويتحدث الطالب سمير عمر بن وبر - كلية الحقوق - مستوى رابع،
قائلاً: "هناك كارثة حقيقية فرض علينا التعايش معها في السكن الطلابي، الذي تنعدم فيه كل المتطلبات والخدمات الأساسية التي يحتاجها الطالب المقيم".
ويوضح بالقول: "في السكن حمامات بلا ماء وأخرى بلا أبواب، حيث يوجد حمامان فقط صالحان للاستخدام، أما عن الوضع العام فهو مزرٍ للغاية، فالنفايات وأكوام القمامة منتشرة في كل الممرات، كما أن وسائل الترفيه لممارسة الرياضة معدومة، وأسقف السكن شبه منهارة ومياه الأمطار والخزنات تقطر إلى الداخل".
ويضيف بقوله: "كثيراً ما يصطدم الطالب بالمشرف القائم على المبنى الذي أصبح يساوم بعض الطلاب "كم تدفع لكي تسكن"، وكأن السكن الطلابي التابع للجامعة الحكومية أصبح فندقاً، بالإضافة إلى السرقات المتكررة التي يتعرض لها المبنى".
وناشد في ختام كلامه رئيس جامعة عدن، بـ "اتخاذ وقفة جادة وقرارات حقيقية لصالح تنظيم أوضاع السكن، ورفع المعاناة عن كاهل الطلاب الساكنين فيه".
* رسوم مزاجية
ويعبر الطالب عبدالله العمودي - كلية الحقوق، عن أسفه حيال الوضع الراهن والمؤسف الذي يشهده السكن الطلابي الجامعي بمدينة الشعب.
وقال: "الغرف الطلابية غير مجهزة بالمكيفات، والأضواء والمراوح تحتاج إلى صيانة دورية، كما أن طلاء الجدران قديم وفيه الكثير من الخدوش والكتابات التي خلفها النازحون عندما سكنوا فيه".
ويضيف: "أيضاً فرش النوم قديمة وبالية ورثة، والساحات العامة غامرة بمياه المجاري الحاضنة للجراثيم والبعوض التي نقلت الأمراض للطلاب".
ويشير إلى ما يعتري الجانب الإداري في السكن من أوضاع مهملة، قائلا: "الرسوم تؤخذ من الطلاب بطريقة غير قانونية، فبعض الطلاب يدفعون 4000 ريال، والآخر 7000 ريال، وأحياناً تصل إلى 10000 ريال، يعني أن المسألة كلها تخضع للمزاج ولا توجد لها ضوابط قانونية تحدد الأسعار الخاصة بالسكن الداخلي وفقا للقانون الذي حددها بــ 3000 ريال".
وقال: "الكثير من طلاب السكن قد اشتكوا مراراً وتكراراً ونقلوا ما يعانونه من ظروف وأوضاع بالتفاصيل والصور إلى الجهات المعنية.. لكن لا حياة لمن تنادي".
* دعم مجهول
وتحدث الطالب محمد عبدالله علي ـ مستوى ثان - كلية الهندسة، بكل حسرة وحزن، قائلا: "للأسف السكن أصبح عبارة عن مقلب للقمامة، بل أيضاً تحول إلى زريبة أغنام".
ويواصل: "كل وسائل الدعم التي تقدم للسكن لا نعلم إلى أين تذهب، في الوقت الذي تزداد فيه الظروف الإنسانية صعوبة".
وناشد الطالب محمد عبر صحيفة "الأيام" الجهات المعنية في جامعة عدن، بـ "النظر إلى أحوال الطلاب الذين يعيشون في سكن غير ملائم ولا تتوفر فيه أدنى الخدمات والمتطلبات الإنسانية".
أما زميله الطالب مازن محمد أحمد - كلية الاقتصاد - مستوى رابع، فقال: "بالنسبة لنا كطلاب فإننا نفتقر إلى الكثير من الخدمات الأساسية والضرورية، وهذا وضع يزيد من معاناتنا ومشقتنا، لكننا نجد أنفسنا مضطرين إلى تحمل ذلك في سبيل مواصلة الدراسة والتخرج".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى