كركر جمل

> عبده حسين أحمد:

> من الطبيعي جداً أن يحرص الإنسان على أن يرى كيف يعيش الناس.. وأن يراه الناس أيضاً وكيف يكون في عيون الآخرين.. ومن الضروري أن تختلف رؤية الناس إليه ونظرته إلى الناس.. ولا أحد يعرف من نظرته أعمق وأدق وأصح إلى الآخر.
وعلى سبيل المثال فإن نظرة الرجل إلى المرأة هي نظرة خاصة به.. فمن المؤكد أن كل واحد ينظر إليها من جانب واحد أو أكثر.. ولا يمكن أن يتفق معه كل الناس على نفس النظرة.. قد يتفق معه واحد أو اثنان أو ثلاثة.. ولكن من المستحيل أن يكون كل الناس على رأيه في نظرته إلى المرأة.
ومن المؤكد أيضاً أن هموم الناس ليست واحدة.. كل واحد له همومه الخاصة.. وقد تختلف هموم فرد عن هموم فرد آخر.. مع أنها كلها هموم تقتل حياتهم.. وتخرب بيوتهم.. وتطحن طموحاتهم وآمالهم.. وفي النهاية يكون الجميع ضحايا هذه الهموم التي تجعلهم ضائعين بين الذي كان في الماضي والذي هو في الحاضر.
وأنت تستطيع اليوم أن تمشي في الشارع وتتفحص وجوه الناس.. ولكنك لن تخرج بنتيجة واحدة.. فليس من المعقول أن يكون كل الناس على شكل واحد.. أو على نمط واحد في الحياة.. أو بزي واحد.. حاول رئيس الصين (ماوتسي تونج) أن يفعل ذلك بعد الثورة الثقافية في الصين.. كانت الملامح واحدة.. والمقامات واحدة والأزياء واحدة أيضاً.. ولكن هذه التجربة فشلت بعد ذلك مع تطور الحياة وثقافة الإنسان وازدهار الحضارة في العالم.. وأصبحت الصين اليوم نموذجاًَ رائعاً للنمو والتقدم في العالم.
وقد حاولنا نحن في الماضي أن ننقل هذه التجربة.. وفرضنا على طلبة وطالبات المدارس والجامعة زيّاً واحداً كالعساكر تماماً يرتدون الملابس (الكاكي)، وكانت نهاية هذه التجربة الفشل الذريع .. فليس من حق أي أحد أن يفرض على أي إنسان زيّاًَ واحداً أو طعاماً واحداً أو سلوكاً معيناً.. فمن حق أي أنسان أن يلبس الزي الذي يريده.. وأن يأكل الطعام الذي يحصل عليه أو يرغب فيه.. وأن يقرأ الصحيفة التي تعجبه ويحبها.. ولا نستطيع أن نجعل الناس بالحديد والنار على صورة واحدة.. أو سلوك واحد.. أو في حزب واحد.. أو على رأي واحد.
ومن البديهي أننا في زمن آخر.. كل شيء فيه جديد.. ثقافتنا.. وعادتنا.. وسلوكنا.. وقد انتهى عصر ركوب الحمير والجمال.. وانتقلنا إلى ركوب الطائرة النفاثة والصاروخ.. وكل العالم أصبح عند أطراف أصابعك.. الكمبيوتر.. والتلفزيون.. والراديو.. واللابتوب.. والتلفون الجوال.. وكل الأجهزة الإلكترونية الأخرى.
ولابد أننا قد أصبحنا في عالم جديد.. فإذا أردت أن تعرف نفسك.. فمن الصعب أن تفعل ذلك.. ولم نعد نعرف إلى أين نحن سائرون؟.. وما هو مصيرنا في المستقبل؟.. وقد نسينا آلامنا في الماضي.. ونتألم من ضياعنا في الحاضر.. وكيف سيكون عذابنا في الآتي والقادم؟.
وأنت لن تعرف الراحة أبداً إلا إذا عرفت من أنت؟.. وما هي قيمتك في وطنك؟.. والأهم من كل ذلك ما هي هويتك؟ ..فلن تنفعك بطاقتك الشخصية..ولا جواز سفرك..إلا عندما ينتهي كل هذا الهوان.. وكل ظالم.. وكل الطغيان فوق الأرض.
نريد أن نشعر بآدميتنا وأن نعيش في النور لا في الظلام!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى