قد تسقط الأقلام كراهية

> جلال عبده محسن:

> قد تسقط الأقلام كراهية من أيدي أصحابها لسبب أو لآخر ولفترة من الزمن، ولكنها تظل على أهبة الاستعداد لالتقاطها مرة أخرى والمعاودة في إشهار سلاح الكلمة للدفاع عن حياة الإنسان وحريته وكرامته، طالما بقي فيها قلب ينبض وروح تتوهج، وهذا ما تفعله صحيفة "الأيام" وهي تعاود الصدور من جديد بعد غياب قصري دام خمسة أعوام، والذي يعد التوقف الثاني بعد التوقف الأول الذي دام أكثر من 20 عاماً، وبعد أن تعرض ناشروها للمضايقات والتوقف الإجباري للصحيفة، حال دون مزاولة ونشر رسالتها الإعلامية من قبل النظام السابق، وهو الثمن الذي تدفعه وستظل تدفعه، طالما بقي الحساب مفتوحاً، من حساب الكلمة إلى حساب فاتورة الثمن.
وقد لا أكون مبالغا إذا ما قلت بأن غياب صحيفة "الأيام" خلال الفترة الماضية، كمورد ثقافي ومعلوماتي مهم، قد ترك فراغاً كبيرا في نفوس الكثيرين من قرائها ومحبيها، وفي الساحة الإعلامية بشكل عام، لم تستطع معها أية صحيفة أخرى ـ في اعتقادي ـ أن تملأ ذلك الفراغ.. كيف لا؟!، وهي ألأوسع انتشاراً من بين جميع الصحف الأهلية والحزبية في اليمن، وأكثر من خمسين عاماً من التألق والتميز مضت على تأسيسها، تطالعنا مع إشراقة كل صباح، فلا مرتجع ولا فائض في المخزون ولعشرة إصدارات في الأسبوع، وذلك لا يشكل مفاجأة للجمهور، بل هي شهادة تقدير وتميز من قرائها والعموم من بسطاء الناس، ممن يحرصون على متابعتها وتصفحها مع فنجان الشاي، بإطلالتها في كل صباح وهي تتفجر جمالا ورونقا في شكلها وإطارها الجمالي والمميز، والذي لا يقل أهمية عن مضمونها في التحليل والتحقيق، من خلال جمع المعلومات ومواكبة الحدث ورصده، معتمدة على الخبرة والشخصية لعميدها ومن بعده الناشران الأستاذان هشام، رحمه الله تعالى، وتمّام، أطال الله في عمره، وأبناؤهما وأسرة "الأيام" كافة، وبطاقتها الإبداعية من كتّاب ومحررين ومراسلين وفنيين وإداريين، أبت إلا أن يكون دأبها وسلاحها الفعال هو وضوح الرؤية وسلامة التفكير، كل تلك العوامل ساعدت في تألقها يوما بعد يوم، ما أعطتها روحا جديدة وطعما للصحافة اليمنية بل والعربية أيضاً، وجعلتها مثار إعجاب الكثيرين، لتعيش حالة من العشق الخاص في نفوسهم، ليجدوا فيها صحيفتهم المفضلة وبامتياز، ليروا فيها منبرا حرا وصادقا في نقل الأخبار والأحداث والوقائع، في مقدمتها قضية الجنوب الأولى "القضية الجنوبية".
تعود لنا "الأيام" اليوم وتعود معها روحها وعبقها وأريج عطرها، لتجدد العهد لقرائها ولكل محبيها لمواصلة مشوارها الصحفي، وبعودتها تكون قد حسمت الإجابة كما حسمها سقراط من قبل ومنذ عشرات القرون، عن سؤال كان قد طرحه على نفسه، عندما رد على أولئك الذين أعدوا له وسيلة الهروب خارج البلاد حتى لا ينفذ فيه حكم الإعدام، فرفض بناءً على قناعته، بأن من يعمل من أجل الوصول إلى الحقيقة والحكمة ولايخالف القانون ولا يهرب من تبعات أعماله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى