ما أحلى الرجوع إليها

> علي سالم بن يحيى:

>
تمثّل صحيفة «الأيام» المستقلة وجبة دسمة للقارئ اليمني بصفة عامة، وتمثّل للقارئ (الجنوبي) وجبة لا غنى عنها.
طوال خمس سنوات ماضية غابت الصحيفة عن الأنظار بإيقاف قسري، عانى خلالها المتابع فراغا كبيرا يصعب ملؤه، رغم تعدد الإصدارات الصحفية في الشمال والجنوب، ومحاولات البعض لتقليدها، حتى في مانشتاتها، فشلت الاستنساخات، وبقيت «الأيام» وحيدة على كرسي حب القارئ الجارف.
يعلم عتاولة هدم «الأيام» خطورة العلاقة الحميمية بينها والقارئ الحصيف، فراحوا يغدقون الأموال على صحف بعينها (حبني بالغصب)، لعمل خلخلة وتشتيت في أذهانه، والقبول بها كأمر حتمي، في ظل غياب الصحيفة الأولى الطويل، نجحوا في محاولات، وفشلوا بامتياز في محاولات أخرى، لكون طعم ومذاق «الأيام» غير.
تجلس مع كثير من القراء ويتساءلون عنها، وعودتها المرتقبة بعد ليل طويل حالك سواد الإبعاد، تلك الأسئلة محملة بآهات وأوجاع وآلام، كمن فقد بوصلة الحقيقة في تيه البحر، وتجلياته تحمل:
"يا ليتني كنت الطبيب المداويا"!
أدرك النظام السابق، وجحافل حكمه، أهمية ما تنشره الصحيفة من حقائق دامغة بطلها الشارع الجنوبي، فأراد إسكاتها بالترغيب والترهيب، وعندما لم يجد آذانا صاغية لترهاته، وجه عشاق الظلام، وعبدة (الريال)، للتحرش بها، وأسرتها، وتوجيه الذخيرة الحية لمبناها، ومسكن ناشريها، لم يأبهوا لوجود النساء والأطفال، لم تلجمهم ضمائر معلقة في الهواء، لم يضعوا اعتبارا لحقوق الآخرين، وحرية التعبير، في وطن يدنس بـ "أقدام" حكامه وجلاوزته!.
ابتسم الرئيس.. أطلق الضحكات، وهو ينتصر في حرب (قذرة) بين طرف يحمل كل أنواع الأسلحة الفتاكة، وطرف سلاحه ورأس ماله مداد كلماته، مشفوع بحب الآلاف من الناس، لكن الابتسامة لم تدم طويلا، فالجزاء من جنس العمل، وشرب (الحاكم المستبد)، من كاس الظلم والظلمات، وتقهقر من كرسي الرئاسة إلى كرسي (الذل والهوان)، كقعيد على كرسي متحرك، و (زعامة) ورقية ولفظية، تلوكها ألسنة من تسببوا (بنفاقهم) إلى انتكاسة مهبط الهاوية السحيقة!.

لم تكن «الأيام»- الصوت الشامخ- (انفصالية)، ولم تدع للمناطقية، ولم تحرّض على إثارة البغضاء وثقافة الكراهية والحقد بين أبناء الوطن، بل صنعته تصرفات وحماقات وشطط وطيش من يشربون (سكار) الوحدة كذبا وتزلفا، ويتقيئونه ظلما وغرورا وعدوانا بنشوة المنتصر في حرب صيف 1994م، مدعومون بفتوى دينية أباحت لهم القتل والفيد والنهب، وشرعنت لإلغاء اسم وتاريخ (الجنوب)، وطمسه، وفقا لشعار الخزي والعار: "عودة الفرع إلى الأصل"!
لم يستطع أولئك المزايدون بحب الوهم من حماية سلطتهم المهترئة المتهاوية، ولم يحافظوا على (وحدتهم) المذبوحة بسكاكينهم، والمسحولة (بأقدامهم)!
«الأيام» صحيفة الغلابى، وصوت المظلومين، تعود من جديد وسط غياب فارسها وصنديدها، ورئيس تحريرها الفقيد الأستاذ هشام با شراحيل- رحمه الله- وما نتمناه على هيئة تحريرها العض بالنواجذ على مبادئ وقيم ومسارات فارسها، والعمل بروح الفريق الواحد من مراسلين وكتاب، لعودتها لمكانها الطبيعي، و(دحر) ذلك الغثاء المتفشي من صحف (الغفلة)...هنا «الأيام»!!!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى