صفاط أمّ العيال

> عياش علي محمد

>
الصفاط في معناه اللغوي أقل من المشاجرة، وأقل من العراك ولا يدخل في نطاقه سداد الأفق، ويكون بعيداً عن التلاسن بالألفاظ القبيحة، ويقترب المزاح من هذا المعنى الذي يتفوق فيه خفاف الظل عن غيرهم في مُمارسة الصفاط.
وحكاية أم العيال حكاية لازالت تتناقلها الألسن من جيل إلى آخر ولها تأثيرها الاجتماعي، فقد وقعت فيه إحدى النسوة، حيث حاولت المزاح مع صديقتها فاستخدمت عالي المطحن لتبعدها عنها فإذا بها تشق رأس صديقتها إلى نصفين نقلت على إثرها إلى المستشفى، ولا ندري فيما إذا استعادت الضحية صحتها أم فارقت الحياة وظلت عبارة (أم العالي)
عبرة للصفاط الثقيل.
والعالي هو الذي تطحن به الحبوب، ولا يدخل في نطاق الاستخدام في المشاجرة الخفيفة أوالثقيلة، وفي أيامنا هذه تطورالصفاط بعالي المطحنة إلى صفاط باستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وكواتم الصوت، وإذا كانت أم العالي قد أضرت بحياة كائن بشري واحد، فإن عالي المطحن الحديث قد أودى بحياة المئات من الضحايا وانتشرت أجسامهم المذبوحة في الطرقات والشواطئ وأزقة الحارات.
وإذا كانت المطحنة قد انتهى دورها التاريخي في الطحن إلا أن العالي لايزال يبث الرعب والفجيعة في البلاد، وسيظل هذا العالي يواصل دوره الرهيب دون أن تطاله الموانع وأيادي الحماية.
التحليلات السياسيه تشيد إلى انتقال عالي المطحنة إلى مرحلة أخرى من التطور في أدوات المزاح الثقيل، وتشيد تلك التحليلات إلى مسببات هذا التطور العجيب فنقول إنه عندما انتقلت عادة التصفيق للثنائية من مُدرجات الحفلات الموسيقية ووصلت إلى أروقة الحياة السياسية فنال السياسي حصته الكبيرة من التصفيق ليضاهي نجوم الفن الذي ينجحون في تأدية وصلاتهم الفنية.
وقد شعر السياسي عند التصفيق له بأنه محل إعجاب محبيه فزادته نشوة الفخر والاعتزاز، فجمع حوله عدد من محترفي السلب والنهب والملتحقين بوظيفة أم العالي لتعبث بحياة المجتمع وتحيل الواقع السياسي المرير إلى كارثة قومية قد تزلق البلاد إلى ما يشبه الحرب الأهلية وتود تصفية الحسابات وجلب الانتقام على أتفه الأسباب، مستغلين غياب الحضور الأمني والتدهور المعيشي وغياب حكم النظام والقانون
مزاح أم العالي ليس فقط موجه نحو تدمير الحياة البشرية وحسب، بل امتدت إلى تبديد الموارد المالية والاقتصادية والمتاجرة بالأموال العامة واستهلاك المخزون النقدي للبلاد والاستمرار في غسيل الأموال التي تأتي من أعمال غير قانونية.
وستظل أم العالي وعاليها كوابيس تؤرق حياة المواطنين ليلاً ونهاراً وغولاً يفعل فعلته دون أن يجدوا له أثرا، فمعظم أفعال من يحملون العالي تمر مرور الكرام، وفشلت كل المحاولات التي ترمي إلى إيقاف نموهم وانتشارهم، ولكن في الأخير سيجد المجتمع طريقة في محاربتهم والقضاء عليهم وسيحكم على أم العالي وعاليها حكماً عادلاً عسى ما اقترفته أياديها من آثام وعن الأيام السعيدة التي عاشتها في فترة من مرور البلاد انتقالها من مرحلة إلى أخرى.
لا سامح الله (العالي) وأم العالي التي ورّثت لنا البلاوي وجعلت من العالي وحشاً، ومن المطحنة طعماً، ونحن البشر طحيناً بين العالي والمطحنة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى