الربيع الذي لم يأتي بعد!!

> عامر علي سلام:

>
لم يأتِ بخلد أحدنا أبدا أن هناك فصل من فصول السنة الأجمل فيها ستكون له ثورة تحمل اسمه (ثورة الربيع العربي)، وأن شابا يحرق جسده اختناقا من أنظمة عربية سلبته حتى الأنفاس، وأن موجة الغضب ستطيح بأنظمة لها عقود من الزمن شاخت، وهي تمتص رحيق دماء شعوبها حتى وصلت إلى خريف عمرها الافتراضي وتكدست بها أمراض الشيخوخة.
كنا نقلب قنوات التلفزة وتسبق مسامعنا أنظارنا المحملقة بشاشات التلفزة، وتفرحنا كلمة (ارحل)، والتقاء الجموع من غير موعد في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، وتتعدد أحلام الشباب العربي بالتغيير، وإعلام كما كان له اللعب كثيرا على أوتار أعصابنا.. أوتار عقولنا أدمغتنا التي ما كان لها أن تستوعب الحدث الذي طال.. إنه الربيع الذي لم يأتِ بعد، لذلكم الشاب الذي افترش الأرض من بطالة البحث عن العمل، أو الجلوس في ركن الزاوية من العمر، وهاهي سنوات عمره الأربعة والعشرون عاما تمر.. تتآكل.. تصدى، ولم يجد أمامه غير كيس صغير فيه وريقات نبت خضراء يمتص رحيقها، يتعاطى سلوكها عاداتها اليومية بطعمها المر مرارة الوضع الذي يعيشه.. الوضع الذي لم يتغير بعد!!
وقد شاهد كيف سقط الشباب في عمر الورد أقرانه في ساحات التغيير، وكيف بكت الياسمين لموت أبيها الذي لم يشترِ لها هدية عيد ميلادها العاشر، وكيف ترنحت أغصان فتاة الجامعة وهي تسقط تحت وابل من رصاص الربيع، أو الخريف أو الشتاء.. سموّه ما شئتم فقد انتهت فصول السنة وأيام الانتظار، لتعود صورة الحاكم .. نفس الحاكم!! وبنفس البدلة العسكرية والأطقم العسكرية، وأمنيات الأمس، ولم تستقر الحال بعد، فكيف لهذا الشباب في وطن تعددت خياراته، أو يمنًا اختلفت مساراته أن يحلم بوظيفة ومسكن وزوجة وأولاد يرتقي بعمله والوطن!!
ما أتعسنا، وما أتعس عروبتنا عندما سرقت منا (ثورة الشباب للتغيير) كما سرقت بالأمس منا فلسطين!! وما أكذب الإعلام الذي فينا وهو يملّس على جرح جراحنا بوحدة كاذبة مرة أخرى أو أقاليم الولايات التي ربما منها تفرقت أيدي سبأ وباعدت بينهم الأسفار!! ولم يكن لذلكم الشاب إلا أن يربط على رأسه ومعصمه راية بألوان أخرى أو كتابات أخرى للمجد حينا أو الحرية أو الشهادة تحت معتقد ديني، أو رأي ما، يتطرف إليه حتى الثمالة .. آه يا وجع السنين الباقية من عمر الشعوب.. آه من كرامة الأرض عندما تموت الأوطان، و آه مني أن كتبت، وإن قرأت عني أيها القارئ العزيز خيارات لوطن لم يأتِ بعد لنا أو لأبنائنا أو لأحفادنا، فكيف لفصول السنين فيه أن تأتي متأخرة أو تأتي قبل الميعاد.
عذرا أيها القارئ فلتمسح من وجه هذه البيضاء أسطرها.. كلماتها.. حروفها.. حتى النقاط والفواصل وكل العلامات، وتفاءل تفاءل فأنت لا زلت تستنشق هواء من ريح التغيير الذي قد سرقناه.. سرق منا أو بعناه.. أو باعوه عنا!! اختر لك ما شئت، وقل معي فقط (لا حول ولا قوة إلاّ بالله) وكفى!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى