حماية لتفاهمات الجمهورية الانتقالية

> حسين زيد بن يحيى

>
أيام وليالٍ21 و22 و23 مايو90 م، لم يرَ الناس في الشمال ولا في الجنوب مثيلاً لها - من قبل ومن بعد على الأقل - حتى اللحظة الراهنة، أيام فرح عاطفي غير مسبوقة جافى فيها النوم جفون كثيرة من الناس الصادقين البسطاء، فرحاً وخوفاً منها وعليها، ومن قال غير ذلك مكابر.
أجمل ما في تلك اللحظات التاريخية النادرة أن الأكثر طرباً وابتهاجاً بها كان معظمهم من معارضي نظامي صنعاء وعدن حينها، ماذا حدث بعد ذلك؟ تحولت الفرحة إلى واقع مرير تتعالى فيه جدران الكراهية باضطراد!
وأوّل ما يمكن تلمّسه من أسباب قادت لفشل مشروع الوحدة بين الدولتين المتحدتين الشمالية والجنوبية أن الدولة الوطنية الناشئة فيهما 1918م، و1967م، قامتا على قوة الشرعية الثورية، كلا النظامين الشموليين في صنعاء وعدن حتى 21 مايو 90م، مارسا كل أشكال العنف الممنهج لتغييب الإرادة الشعبية وسحقها بقوة مفرطة.
لذا جاءت الولادة غير الطبيعية للجمهورية اليمنية على يدي نظامين لا يعبران بأي شكل من الأشكال عن إرادة شعبيهما جعل من النظام الجديد مجرد إعادة إنتاج للأسوأ في النظامين السابقين، وكل ما حصل أن النظامين جعلا الوحدة مخرجا من أزمتيهما الداخلية تمكنا فيه من ترتيب أوضاعهما تكيفاً مع المتغيرات الدولية لكنهما أخفقا في تحقيق وحدة متكافئة ونديّة، أوّل أخطاء عجالة الوحدة تجاهلها واقع أن الجنوب وطن وشعب والإكتفاء بضمة وإلحاقه كمحافظة للجمهورية العربية اليمنية في وحدة 22 مايو 90م، مثلت الخدش الأول للكرامة الوطنية الجنوبية، الذي بعد ذلك عصفت بها كاتيوشا وفتاوى تكفير حرب صيف 94م.
الإشكالية ليس في الوحدة بحد ذاتها، بل في عدم توافر ثقافة الشراكة عند الشريك وغياب مصداقيته والتي سهلت بعد 94م من إزاحت الجنوبيين بقوة الحرب والكراهية كلياً من مربع الوحدة اليمنية، ممارسات النظام السابق بعد انتصاره بحرب صيف 94م، على الواقع في الجنوب كانت بمجملها أفعال (....) ممنهج لاعلاقة لها بأبسط مقومات فكر وسلوك الوحدة، لذلك جاء الرد الطبيعي والمشروع على الجرائم الذي ابتداؤها النظام السابق بانطلاقة الحراك التحرري الجنوبي دفاعاً عن الكرامة المغدور بها، قوة الحراك الجنوبي الأخلاقية والجماهيرية فعلت فعلها بتآكل بنية الطبقة السياسية الحاكمة شمالاً و صولاً الى سقوط النظام الذي توّج بالتوافق الدولي والإقليمي على جمهورية الرئيس هادي الانتقالية.
القوى التقليدية القبيلة العسكرية المتـأسلمة استشعرت خطر رياح التقدم القادمة مع القرار الأُممي 2140 فحركت كل مخزونها من البشمركة والتكفيريين لإعاقة مرحلة الرئيس هادي وإعثارها، مع ذلك القلاقل التي أفتعلتها من كتاف و ضوران وأنس و الرضمة و صولا إلى الفيوش و المحفد وعزان، و ليس بأخير إرهاب مسلحي الشحر التكفيريين كلها لم تستطيع إحداث اختراق يذكر بسبب الإسناد الدولي للجمهورية الانتقالية، ما يبشر خيرا ً أنه رغم قصر الفترة الزمنية من حكم الرئيس هادي استطاع ببساطته المعهودة وتسامحه اللا محدود من إعادة ترميم جسور الثقة مع المواطن الجنوبي البسيط، محسساً إياه أن هنالك من يسمعه ويتفهم معاناته وجعله يبصر نورا بنهاية النفق الذي أدخل الجنوبيين فيه في 90م و94 م الأمين العام السابق للاشتراكي علي سالم البيض، ولم يكن مجرد تآلف وتعاطف مناطقي عابر، ولكنها مصالحة مع موروث الحركة الوطنية و التاريخ و نضالات الشعب في الشمال والجنوب من أجل مستقبل أفضل وأأمن للجميع.
إن أهمية هذه العلاقة الآخذة بالنمو ولصالح انتصار الحراك والقضية الجنوبية تتطلب الحرص على تأمين قنوات التواصل واستمراريتها حماية للتفاهمات المتحققة بين الجنوبيين والرئيس هادي خشية محاولات وأدئها من قبل القوى التقليدية وأمراء حرب و تكفير الجنوب صيف 94 م.
* منسق ملتقى أبين للتصالح والتسامح والتضامن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى