حرية التعليب!

> آزال مجاهــد:

>
الشعور بالخطر هو من دفع باسندوة إلى وصف نفسه بــ "القوي" أمام مجلس نواب (الشعب) الذي لا يتابع مطلقاً - حتى عبر التلفاز - من انتخبهم ليتحدثون باسمه إلا في حالات نادرة تحكمها المصلحة المشتركة، وكذلك الحاجة التي تجعل منك في بعض الأوقات ابن عم (الكلب) كما يقول المثل الشعبي الأكثر نجاسة مع الأسف!
لم يكن باسندوة "قوي" هذا الأسبوع فقط، فمن قبل باسندوة كان هناك صالح سميع، ومع سميع مسؤولي محافظة عدن، الذين لم يصبروا سوى 24 ساعة - على حديث العم باسندوة ليبرهنوا هم ايضاً على وجود حكومة "قوية"، وليس فقط رئيس حكومة قوي وذلك من خلال البذخ (الكهربائي) الذي عشناه يوم الأربعاء الماضي متزامناً مع تجمع أصحاب "ثورة ثورة يا جنوب" في شارع مدرم بالمعلا.
دولة (مازنجر) المعطوب، والفاقد للكثير من هيبته كشرت عن أنيابها في عدن! بل وأبرزتها أخيراً غير مبتسمة حينما أحست بصعوبة موقفها، وربما بعد أن أيقنت بأن الموت الذي يصاحبه عادةً (خراب ديار) يجعل الوضع يبدو في عيون المسئولين (هوبليسكيس) أكثر من أي وقت مضى! فما بالكم بالقارئ، والمتابع الذي غالباً ما يكون هو المواطن البسيط.
ثمة حقيقتان ثابتتان في هذا الوطن.. سأقول إحداهما هنا قبل الأخرى لأهميتها: "المسئولون في اليمن لا يقرؤون سوى المعوذات ذرئاً للعيون، وخوفاً من الحسد! ولا شأن لهم بما يكتب هنا، أو هناك إلا من باب حرية (التعليب)! من رحمة ربي ولم يشأ له القيام بتعليب احتياجات وأمنيات "عبيده"، قبل استثمارها فيهم استثماراً شيطانياً أسوداً فقد فلح".
ربما نكون في مدينة عدن؛ مدينة (النار) كما هي اليوم، والنور كما كانت بندراً يُشير إليه العابرون عليه ببنانهم قد عشنا يوم أمس الأربعاء أفضل 24 ساعة في حياتنا منذ زمن دون أن يشعر بعضنا بذلك! وإن لم تكن أنت، فغيرك بكل تأكيد قد شعر بما لم تشعر به.
تشعر وأنت تستند بظهرك إلى جدار هذه الدولة بدلاً عن (الماطور) في ساعات الظهيرة بالأمان حقاً، بل وأكثر؛ نزولاً عند رغبة من يستحلفني بالله، ويتكوم بداخلي غير مكتفٍ بما قلت - ضميري - وهو الذي يعلم بأننا في عدن لم نعرف كهرباء كهذه في فصول الصيف إلا في ذكرى احتفالات شعبنا بعيد (وحدته) التي تجاهد منجزاتها للظهور حتى وأن كان ليوم واحد فقط يصادف ذكراها قبل إعادة تعليبها، الأمر الذي جعلني استغل تلك الذكرى بأن أنام نومتي الاحتفالية تلك بعيداً عن الشارع الرئيسي، وأحداثه، وفك ارتباط، لربما يمنحنا هو الآخر يوماً (كهربائياً) إضافياً في قادم الزمان! وهو اليوم الذي يجتمع فيه دائماً آلاف مؤلفة، بأعلامهم، وبرسوماتهم، وبلوحاتهم وحتى بأولادهم جميعاً لتتناولهم أخيراً إحدى الإعلاميات في أربع نشرات على إحدى قنوات (سنفروا) بحياتكم قبل أن يعود كلاً إلى بيته حاملاً حلمه على كاهله - وهم الأكثر صدقاً من غيرهم - وإلى بوتقته، وخزانته، واسترزاقه - وهم أحقر من ذكرناهم هنا - بنفس الهمة التي كان عليها من قبل! وكأن شيئاً لم يحدث.
هناك من يتعامل مع هذا الشعب دوماً وكأنه ليس أكثر من (جائزة)! تلك الجائزة لا يفوز بها إلا (الأغبى) دائماً.. "تلكم هي الحقيقة الثانية التي حدثتكم عنها سلفاً" ليست سيناريو لفيلم رديء غير مشوق.. إنها الحقيقة كما هي.
بالنسبة لمن تملكهم الشعور بأنهم (الأقوى) والأكثر تذاكياً علينا، فليس أمامنا سوى أن نمرر لهم (فورتهم) تماماً كما فعلوا معنا حينما اعتادوا أن يمرروا لنا (نتوئات) حياتنا التي نعيشها بهم في صورة أنيقة ومعلبة إكراماً للوحدة التي منحونا من أجلها (شعرة) من ظهرها ليس إلا! فكانت حملة (إطلاق) التيار الكهربائي للجميع يوم الأربعاء ليس حُباً بالوحدة، ولا احتراماً لها، ولا تخليداً لذكراها؛ بقدر ما كانت كُرهاً بمن يقفون على مقربة من مبنى المحافظة متكومين ومطالبين باستعادتهم لـ "حياتهم"، قبل مطالبتهم للدولة بأن تمنحهم دولتهم!؟
[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى