الحكومة تسحب الثقة عن مجلس النواب!

> إسكندر شاهر:

> بعد متابعتي لمجريات ما سميت (زورا وبهتانا) جلسات استجواب الحكومة من قبل مجلس نواب يعاني من أزمة شرعية مزمنة، تضاعفت حالتها بعد تلك الجلسات البهلوانية، أدركت أن الحكومة استطاعت سحب الثقة من هذا المجلس غير الشرعي وغير الممثل للشعب جملة وتفصيلا .
لا أبالغ إن قلتُ إن الحكومة ذات العامين ونيّف هزمت البرلمان العتيق ذي العقد ونيف من السنوات التمديدية، التي اكتسبها دون أن يبالي عبر صفقات سياسية مهينة للشعب وطبخات حزبية مُفسدة لـ (القُـبة) التي يفترض أنها مقام السلطة التشريعية، وهو مقام لا وجود له في بلادنا ..
معايير سحب الثقة تحوزها الحكومة أكثر مما يحوزها مجلس النواب، ذلك لأن الحكومة منتج سياسي شديد الوضوح وتشكيلها تمّ وفقا لإرادة واختيار الأحزاب الممثلة بما تسمى (كتل برلمانية)، وهذه الكتل تمثل أحزابها فقط ولا تمثيل حقيقي لها عن الشعب، الذي نسي تاريخ انتخابها، والذي تدعي زورا وبهتانا أنها تتحرك لتحقيق مطالبه، فيما المحرك الحقيقي والذي لا يخفى على جاهل أو مغفل هو التناقض الذي تعيشه هذه الأحزاب وحجم المصالح المتصارعة، وهوامش المناورة التي أتيحت لها في ظل غياب وازع من ضمير أو رادع من جماهير أو سيف للقانون يسلط على رقاب المفسدين سياسيا قبل الفاسدين اقتصاديا والمفلسين أخلاقيا.
ألا يدرك مجلس النواب أنه محصلة فساد سياسي، والفساد السياسي أُس وأساس كل فساد يعاني منه البلد، بما في ذلك الفساد المالي والإداري الكبير الذي اعترف به باسندوة وهو يومئ للفساد السياسي، بوصفه أصلا وليس فرعا، فكل فساد فرع للفساد السياسي وليس العكس.
ولئن كان تفكيك المعادلة القائمة على الخطأ يقتضي الإقرار بأن نصف ثورة ١١ فبراير كان أولى وأهم مطالبها (إسقاط النظام) فإن من جملة تعبيرات سقوطه (حل مجلسي النواب والشورى)، ووقتذاك لم تكن حكومة الوفاق موجودة قبل أن تولد من رحم مشروع الإجهاض السعودي للثورة اليمنية، وكان إيجادها وفقا للمبادرة الخليجية سببا من جملة أسباب إنقاذ النظام المتهالك، وتبعاً لذلك إنقاذ البرلمان غير الشرعي.
وعليه فإنّ الحكومة الحالية المغضوب عليها من قبل (أشباه السيناتورات) أو هكذا يدعي (البرمائيون) - بصرف النظر عن غضب الشعب (الحقيقي) - هي من منحت الثقة لمجلس النواب وليس العكس، وادعاء الأخير إسقاط الحكومة أو سحب الثقة عنها بلغة أكثر لياقة سياسيا بمثابة تعبير ضمني عن توجه الطلب إليها (الحكومة) لتسحب الثقة عن البرلمان بانقضائها ورحيلها، وهو ما يعيدنا إلى المربع الأول مربع (الشعب يريد إسقاط النظام)، ومما لا شك فيه أن "البرمائيين" لا يستطيعون إلى ذلك سبيلاً .. وللسّحب بقية !!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى