عزوف الشباب عن القراءة .. مشكلة الجيل الحاضر..الإنترنت والهواتف الجوالة أكبر مسببات العزوف عن القراءة

> استطلاع/ عبدالله مجيد:

> أعز مكان في الدنا سرجُ سابح/ وخيرُ جليس في الزمان كتاب.. بيت من الشعر بيّن فيه الشاعر المتنبي مكانة الكتاب وأهميته في رفعة المرء ورقي أي مجتمع من مجتمعات العالم، كيف لا ؟.. والقراءة هي مصدر الوعي ونماء العقول وبناء للثقافات المتنوعة، وبها تحصل الرفعة والتقدم والازدهار، الأمر الذي باتت (أُمة اقرأ) تجهله، ولم تُعد قارئة في زمن أصبح العالم يُحكم فيه بالعلم والمعرفة.
* قلّة الاهتمام
إن العزوف عن القراءة مشكلة عويصة يواجهها المجتمع في الوقت الحاضربشكل عام، وفي هذا السياق يقول الدكتور مسعود عمشوش (أستاذ جامعي) “من المعلوم أن القراءة وسيلة فعالة للتعليم والنجاح في الحياة، وهناك الكثير من المفكرين والقادة العصاميين الذين اكتسبوا كل معارفهم بواسطة القراءة خارج صفوف الدراسة”.
ويواصل الدكتور مسعود “لذلك فالقراءة وسيلة مهمة للتعلم الذاتي والتعلم التقليدي، وأن نعلّم أطفالنا كيف يقرؤون، يعني أننا نعلمهم كيف يتعلمون.. لكن من الواضح أن الأطفال والشباب أصبحوا اليوم أقل اهتماما بالقراءة من الأجيال التي سبقتهم”.
وحول أسباب عزوف الشباب عن القراءة،قال: “هناك أسباب عدة لعزوف الأطفال والشباب عن القراءة، فمن جهة توجد اليوم الكثير من الهوايات المنافسة للقراءة والتي تستهلك الوقت، منها التلفزيون، والإنترنت،وألعاب الفيديو، والبلايستيشن.
وتُعد هذه الاجهزة وسائل ترفيه وليست مصادر للمعرفة، حيث غدت في متناول الجميع، وأصبحت تستهلك الوقت وتبعد الأطفال والشباب ليس عن القراءة وحسب،وانما حتى عن مراجعة دروسهم وحل واجباتهم”.
ويضيف: “من جهة أخرى، فإن الآباء والأمهات هم أنفسهم قد وقعوا في المصيدة، وأصبحوا لا يستطيعون منع أطفالهم من الإفراط في البقاء طويلا أمام شاشة الحاسوب أو التلفزيون أو التلفون (الجوال) الذي أدخلت فيه تقنيات شغلت عقول الكثير من الأطفال والشباب”.
ومع ذلك أتمنى من الجميع أن يحثوا الأطفال والشباب على مداومة قراءة القرآن والكتب والمجلات المفيدة، وأن تتضمن مناهجنا المدرسية مواد محفزة على القراءة، والاعتناء بالمكتبات العامة ورفدها بالصحف والكتب الجديدة والجاذبة.
* ضعف الإقبال
تقول أُم علاء لطفي (موظفة في مكتبة باذيب العامة) “إن مستوى الإقبال على المكتبة للقراءة ضعف بشكل كبير، بعكس ما كان عليه في الماضي”، موضحة: “كانت المكتبة تشهد بمختلف اقسامها إقبالاً واسعاً من الرواد من محبي الاطّلاع والقراءة أما اليوم فهذا غير موجود”.
وتكمل أم علاء كلامها: “أمة محمد (أمة اقرأ) لم تُعد تقرأ، حيث أصبحت المكتبة تقتصر حاليا على المهتمين وأصحاب البحوث والدراسات العليا، إضافة إلى أن الوضع الأمني الحالي والانطفاءات المتكررة للكهرباء ساعدت على ضعف الإقبال، ناهيك عن الإضرابات التي ينفذها موظفو المكتبة للمطالبة بحقوقهم جعل المكتبة توصد أبوابها باستمرار”.
* تدني مستوى التعليم
ويرجع أحد مرتادي المكتبة الوطنية (باذيب) في عدن، إلى أن عزوف الجيل الحاضر عن القراءة مرده تدني المستوى التعليمي نتيجة ضعف التعليم، وانتشار ظاهرة الغش الذي أوجد جيلا اتكاليا غير مسلح بالمعرفة والعلم.
ويضيف الأخ فضل محمد علي “عدم اهتمام الدولة بمحبي القراءة والاطلاع، وكذا بخريجي الجامعات، وتوفير ادنى استحقاقاتهم من مكتبات ووظائف ساعد على إيجاد حالة من الانكفاء والإحباط في نفوسهم وجعلهم يعزفون عن التعليم والقراءة، ويلجؤون الى البحث عن أعمال أخرى لتوفير سبل العيش”.
وعن سبب عزوف الشباب عن القراءة والاطلاع.. أجاب قائلا: “هناك أسباب أدّت إلى عزوف الشباب عن القراءة، منها إهمال الأبوين والأسرة، وعدم وجود من يشجع الأطفال والشباب على القراءة ويساعدهم في توفير الوسائل والكتب المناسبة لأعمارهم”.
وقال “من الضرورة توفير كل الوسائل الممكنة التي تحفز الطفل على مواصلة القراءة وتغرس مفاهيم حب المطالعة في نفسه”.
* افتقار المكتبات للكتب
ترتيل محمد علي، وهي إحدى مرتادات مكتبة باذيب الوطنية، قالت موضحة: “السبب الرئيس في عدم القراءة والمطالعة، وقلة مستوى الارتياد للمكتبات العامة والخاصة، لاسيما من طلاب الجامعات، يعود إلى افتقار المكتبات للكثير من الكتب والمعارف الحديثة،ما يجعلهم يضطرون للجوء إلى وسائل النت للحصول على المعلومة التي لم يجدوها في كتب المكتبات”.
وأضافت: “كما أن عدم اهتمام الدولة بأوضاع المكتبات العامة، وعدم اهتمامها بالكُتاب وتقدير أعمالهم وانتاجاتهم وحقوقهم الفكرية والأدبية والمالية، ساعد وإلى حد بعيد على إيجاد حالة من الملل والعزوف عن دخول المكتبات ولو حتى من باب إشباع الرغبة بالاطلاع”.
* النت مشكلة أساسية
تحول العالم إلى قرية واحدة بفضل التطور التكنولوجي المتمثل بعالم البرمجيات والانترنت، تطور إيجابي صاحبه جانب سلبي على مستخدمي شبكة الإنترنت. يوضح أحمد كمال (صاحب مقهى انترنت) بكريتر أن “معظم المتعاملين مع النت يستخدمون هذه التقنية لغاية التسلية والألعاب والتواصل الاجتماعي الذي يمكن الجميع من التواصل مع بعضهم البعض”.
ويضيف: “اصبح النت من المشكلات الاساسية التي جعلت الكثير من الشباب يعزفون عن القراءة واللجوء إليه في كل شاردة وواردة، ما يوفر عليهم عناء البحث والتفتيش في المراجع والكتب”.
* المحيط هو السبب
خالد محمد عبدالعزيز، موظف بمكتبة مسواط للأطفال، قال: “إن قصور مناهج التعليم وضعفها واعتمادها على الحفظ، وعدم غرس حب القراءة في نفوس الطلاب منذ المرحلتين الابتدائية والإعدادية، يعد السبب الأول في انخفاض معدل القراءة بين أوساط الشباب وطلاب المدارس والجامعات، فضلاً عن انشغالهم بالألعاب الرياضية، والجلوس لأوقات طويلة في )مقاهي الإنترنت( في مشاهدة أمور لا تعود عليهم بالنفع”.
مكتبة مسواط تخلو من القراء
مكتبة مسواط تخلو من القراء
وأوضح خالد أن “مكتبة مسواط في مدينة كريتر أصبحت شبه مهجورة بسبب عدم اقبال القراء عليها، إضافة إلى أن المكتبة تفتقر إلى الكتب الحديثة، حيث أن بعض الكتب المتوفرة حاليا في رفوف المكتبة تعود إلى سنوات ما قبل الوحدة”.. ويتحدث خالد عبدالله علي (موظف في مكتبة مسواط) قائلاً: “هناك أسباب تقف وراء عزوف الشباب عن القراء، كالظروف المعيشية الصعبة التي تحول بين أفراد المجتمع والقراءة والتعليم بشكل عام، إلى جانب عدم توفر الكادر التدريسي المؤهل، وانتشار ظاهرة الغش وغيرها من العادات الدخيلة على المجتمع العدني، كل هذه الأمور أدّت في الآخر إلى تدني مستوى التعليم ما عكس نفسه سلباً على الشباب وجعلهم يعانون الإحباط واليأس، والنتيجة هي ترك التعلم والعزوف عن القراءة واللجوء إلى بدائل أخرى لا قيمة لها ولا جدوى منها”.

مكتبة باذيب تخلو من القراء
مكتبة باذيب تخلو من القراء

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى