الشباب والعزوف عن الإبداع

> جمال محمد الدوبحي:

> دائماً أحب الصدف التي تقودني إلى اللقاء بشخص عزيز أو شخصية مثقفة أحترمها، فكيف إذا كانت هذه الصدفة تجمعني بالكاتب الحصيف الدكتور سميرعبدالرحمن الشميري في مطار عدن الدولي يوم الأربعاء الماضي.
أنا والأستاذ الشميري أثناء انتظارنا لرحلتنا إلى صنعاء والتي منها غادرت إلى العاصمة الماليزية كوالالمبور تبادلنا أطراف الحديث عن الألم والأمل والواقع المر الذي تعيشه (عدن) وبلادنا بشكل عام، وانتقلنا نتحدث عن التقارير التي نشرتها صحيفتنا "الأيام" الغراء عن ظاهرة الغش في الامتحانات، وتفشي هذه الظاهرة بشكل مخيف في قلاع التعليم وحصون التربية والتي قامت وزارة التربية والتعليم -مشكورة- على (إلغاء 6 من امتحانات الثانوية العامة عقب انتشار الفوضى وأعمال الغش التي فاقمها تجمهر المواطنين، واعتماد نماذج مختلفة لأسئلة الامتحانات) كما جاء ذلك في عدد "الأيام" الصادر يوم الخميس 19 - يونيو - ٢٠١٤.
وتحدثنا كذلك عن ثروة لاتقدر بثمن ألا وهي (الشباب) كيف لا؟، وهم روح الأمة وعماد نجاحها وأساس أمنها واستقرارها وركيزة بناء أمجادها وحضارتها، والأمل يعقد عليهم في المحافظة على هويتها؛ فهم المضغة في جسدها بعمقهم وعطائهم تندفع عجلة تنميتها، وبخمولهم وكسلهم يعطل النماء والإعمار فيها وجمود في حركتها يصيبها و يشل أركانها.
وتطرقنا خلال حديثنا كيف تستنفر حكومات الدول المتقدمة قطاعاتها لوضع استراتيجيات مختلفة لتشجيع الشباب على الاندماج في العمل، وتتبنى في الوقت نفسه مبادرات تؤهل الشاب لعالم يستعد فيه ليضع بصمته ويحدد موقعه ويختار فرصته العادلة في الحياة التي يحددها عمله وجهده وليس مايرسمه له الآخرون، كما هو الحال في عالمنا النامي.
ووجدنا أنه في ظل المتغيرات المتسارعة وتحديات الحياة ومسؤولياتها المختلفة تنصب مشانق للمبدعين، وتبنى سدود منيعة في طريق الشباب، فإن استطاع هذا الشاب المبدع أن يتجاوز ذلك وأن يحمل هذه الأثقال مع أثقاله وجد أمامه مقابر لتقبر فيها مواهبه وقدراته، فيستوطن حينها العجز في نفسه وترخو عزيمته فيعكف على جهازه الذكي ليكون كالشاة العائرة في تخلف فكري، وانحطاط عقلي، وغلو وتطرف في ظل اتساع هائل في رقعة تأثير الكلمة وتصدر ممن خانوا الأمانة مواقع التواصل الاجتماعي ممن نصبوا أنفسهم مراجع في الرأي والموقف، فيتأثر بهم ويغدو معول هدم لكل معاني الجمال والوسطية والاعتدال.
خرجنا في نهاية المطاف بحصيلة أن شبابنا اليوم ليس بحاجة إلى المجالس المفتوحة بقلوب موصدة، وعقول متحجرة تتصيد عثراتهم، وتتبع هفواتهم، بقدر ماهم بحاجة إلى أن يعطوا فسحة لطاقاتهم، وأن ننظر لجهودهم بعين الإنصاف ليذهلونا بالبناء والنماء والمشاريع العظيمة التي ستظل فخر لنا وشرف أبدي للأمة.
وهذا لن يتحقق إلا في ظل الأجواء الصحية والثقة الممنوحة للشباب، حينها فقط سنرى تزايد نسب النجاح في تحقيق الأهداف وإنجاز المشاريع النبيلة.
في الأخير بقي أن نشكر الخطوط (اليمنية )-التي تأخر إقلاع رحلتها لأكثر من نصف ساعة عن موعدها المحدد وإرباك المسافرين بنقلنا بالحافلة المخصصة إلى الطائرة، ثم إعادتنا مرة أخرى إلى صالة المغادرة في المطار، مما أتاح لي أن استمتع بالحديث مع الدكتور الشميري لفترة أطول.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى