العسل اليمني.. قيمة غذائية يستهلكها الميسورون ويفتقدها الفقراء

> استطلاع/ جهاد محسن - فضل محسن

> يعرف العسل اليمني بأنه عالي الجودة عالمياً، إضافة إلى أسعاره الباهظة والمرتفعة جدا، كما يُعتبر العسل اليمني من أشهر أنواع العسل في العالم لما تمتاز به الأرض اليمنية من اختلاف في التضاريس كالجبال الشاهقة، والوديان الممتدة، والهضاب الواسعة والسواحل الطويلة، مما أعطى اليمن مناخاً فريداً ساعد في جودة عطائه النباتي على مدار السنة، الأمر الذي أدى إلى اختلاف وتنوع الزهور واختلاف أنواع العسل.
ويتميز العسل اليمني عن غيره من أنواع العسل ببناء النحلة لخليتها بنفسها دون تدخل الإنسان في صنعها كما هو الحال في الدول الأخرى،وكذلك من مميزات العسل اليمني الهامة هي احتفاظه بخواصه الطبيعية من حبوب اللقاح، وغذاء الملكات وغذاء النحل، كل هذه الأمور جعلت العسل اليمني ذا قيمة علاجية فائقة، وذا قيمة غذائية عالية أعطته مذاقا لذيذا ونكهة طيبة ولونا داكنا جميلاً.
في هذا الاستطلاع نتناول خصوصية العسل اليمني وأنواعه المختلفة، وهو بالمناسبة يكثر تناوله على موائد الصائمين خلال شهر رمضان، حيث يعتبر بالنسبة للعديد من الأثرياء وجبة أساسية توضع على موائد إفطارهم، فيما يغدو الأمر بالنسبة للفقراء مجرد علاج لا يستخدم إلا عند الحاجة بسبب كلفته الباهظة.
أنواع كثيرة يشتهر بها العسل اليمني،وعلى رغم المكانة العالمية التي يتصف بها إلا أنه مهمش من الناحية العلمية والإعلامية،وكذلك الدراسات العلمية والتجارب المخبرية التي لم تعطه حقه من حيث اكتشاف خصائصه التي تتميز بها عن غيره من أنواع العسل في العالم، ومن حيث شهرته في الاستخدامات العلاجية.
عسل السدر
عسل السدر
* عسل الســـدر
يعد عسل (السدر) من أنواع العسل اليمني الذي يحتل المرتبة الأولى من حيث الشهرة والجودة العالمية، وهو يعرف حالياً باسم (العلب) حيث يستخرجه النحل من زهور أشجار السدر ويمتاز بمذاقه اللذيذ ونكهته الطيبة، كما أنه يمتاز بسمة خاصة هي أنه لا يتجمد أو يتبلور.
وتزهر أشجار السدر في موسمين، الموسم الرئيسي في شهر (أكتوبر) من السنة، ويكون سعر عسل السدر الخالص غاليا جدا، حيث لا يختلط به أي نوع من الأزهار، أما الموسم الثاني في شهر يوليو، حيث يكثر استخلاص هذا النوع من العسل في عمد ووادي بن علي وكذلك في منطقة شبوة مثل وادي جردان، وبيحان وفي مأرب في منطقة حريب وفي العصيمات في منطقة حرف سفيان والعشر والقفلة في منطقة حجة بني قيس والخميس وسارع، إلى جانب مناطق كثيرة في الجبال والوديان، كما أنه يستخدم في علاج عدد من الأمراض.
عسل السُمَر
عسل السُمَر
* عسل السُمَر
يأتي عسل السمر أو ما يعرف شعبياً بـ(الطلح) الذي يستخرجه النحل من زهور أشجار السمر، وهي أشجار شوكيه تنتشر بشكل كبير في حضرموت وبعض المناطق الجبلية مثل(صنعاء، وإب)، يأتي في المرتبة الثانية، ويمتاز عسله بمذاقه الحار ولزوجته المتوسطة وهو ذو لون أحمر يميل إلى السواد وتزهر أشجاره في شهر إبريل من كل عام.
* عسل السلم
عسل السلم أو ما يعرف شعبياً بعسل الشوكة، ويستخرج عن طريق النحلة من أزهار أشجار السلم التي تتواجد غالباً في منطقة تهامة على ساحل البحر الأحمر (غرب اليمن)، وهي أشجار شبه صحراوية وتزهر في شهر مارس من كل عام.
* العسل الجبلي
والعسل الجبلي الأبيض الذي تستخرجه النحل من زهور عدة شجيرات وحشائش جبلية، ويعرف هذا النوع من العسل بتجمده السريع حتى يصبح كالسكر وهو ذو قوة علاجية فعالة ضد الكثير من الأمراض، وتزهر أشجاره في شهر (سبتمبر) من كل عام.
* أنواع نادرة ومجهولة
توجد هناك أيضا أنواع كثيرة من العسل اليمني مثل: عسل (العمق) و(الكلح) و(الصال) و(العَسَق) و(الحبضة)و(الضهية) وبعض هذه الأنواع غير شائعة وغير معروفة نظرا لندرتها.
والأهم من كل ذلك أن أكثر أنواع العسل اليمني يحظى بشهرة واسعة في الداخل والخارج، ويعده الكثيرون دواءً ومقويا ومنشطا حيويا ومغذيا مما جعل سوقه يتوسع يوما بعد يوم.
ويتوقع بحسب بحوث علمية محلية أن يزداد طلب الاستثمار في قطاع تربية النحل وإنتاج العسل اليمني في السنوات العشر القادمة، بعد تزايد الوعي بأهميته العلاجية والاستشفائية، وتأثيراته الفعّالة في تحفيز القدرات والطاقات الجسدية والذهنية والنفسية.
العسل الجبلي
العسل الجبلي
* معاناة النحالين مستمرة
يعاني الكثير من النحالين في مناطق متعددة في اليمن من إشكاليات وتحديات عديدة أبرزها تكمن في عدم اهتمام الدولة بمشاريعهم المتواضعة، وعدم إبداء حرصها بدعمهم ورعايتهم بما يدعم الرافد الاقتصادي اليمني الذي تمثله هذه الثروة الطبيعية.
في هذا السياق نقف أمام عدد من المشكلات التي يعاني منها أولئك النحالون في منطقة دمت بمحافظة الضالع.
يقول ناصر الفضلي أحد النحالين الذين قدموا من محافظة أبين إلى الضالع: “نحن النحّالين نعاني كمعاناة عامة الشعب، لكن أكثر ما تعانيه شريحة النحالين هو ظهور مشكلة أصبحت تهدد مصدر عيشنا بسبب وجود بعض من ينظر إلينا نحن - النحالين - على أننا (إرهابيين) أو مساعدين لهم، وهذه نظرة قاصرة ومجحفة بحقنا”، حد قوله.
ويواصل الفضلي: “نحن نأتي إلى منطقة دمت منذ عشرة أعوام ولم يكن هناك من يتهمنا إلا في هذا العام، والذي وجدنا فيه من يوجه لنا تهمة التعاون مع (الجماعات المسلحة) وهي تهمة باطلة نرفضها بشدة”.
ويضيف مستنكرا: “في محافظة أبين قاتلنا ومازلنا نقاتل الإرهاب وقدمنا في سبيل ذلك تضحيات كثيرة وكبيرة".
* غياب الاهتمام الحكومي
يذكر منيف الصبيحي أهم الصعوبات التي تواجهها فئة النحالين، هذا العام، والذي يرجع إلى ضعف موسم العسل وارتفاع سعر الرحلات بسبب أزمة المشتقات النفطية، بالإضافة إلى عدم تعاون بعض أهالي المناطق التي ينتقلون إليها، حيث إن البعض منهم يرفض أن يستقر النحالون في أملاكهم الخاصة والبعض الآخر يقبلون بالإيجار وهذا لا يوجد في الضالع فقط، بل في مناطق أخرى من اليمن.. وحول ما يتردد من شائعات ضدهم بأنهم موالون للجماعات المسلحة، قال الصبيحي :“إنها شائعات تأتي من المواطن العادي وليس من الجهات الحكومية”.
وطالب النحال الصبيحي:“الجهات الحكومية بمساعدتهم في توفير خلايا النحل وأدوات استخراج العسل، إضافة إلى توفير الحماية".
* مشاكل متعددة
من جانبه قال النحال عبده عبيد السحيري: “نسعى جاهدين وراء طلب الرزق ولا نفكر في التخريب أو صناعة الفتن” ويضيف مؤكدا:“أن تربية النحل والاهتمام بمصدره يمثل لهم المصدر الوحيد للدخل حيث لا يوجد لديهم راتب أو وظيفة".
* كلمة أخيرة
يبقى هناك سؤال نوجهه للجهات الحكومية، أين دوركم في دعم وتشجيع النحالين في هذا البلد، من خلال تشجيع فتح الجمعيات وإنشاء المراكز الخاصة بتربية النحل وتذليل الصعوبات التي تواجه النحالين ومربيي النحل. وإلى متى سيظل اهتمامكم مقتصراً على التفاخر بالعسل اليمني وتصديركم لآلاف الأطنان منه إلى دول العالم، دون إدراك حجم معاناة النحال البسيط الذي هو بأمس الحاجة إلى الدعم والرعاية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى