القصف العنيف يجلب الموت إلى منطقة في غزة ويؤدي لحالة نزوح

> الشجاعية «الأيام» وكالات :

> شهد قطاع غزة امس الاحد يوما داميا سقط خلاله 97 شهيدا فلسطينيا ضحايا القصف الاسرائيلي المتواصل لليوم الثالث عشر على التوالي، في حين مني الجيش الاسرائيلي بضربة قاسية ليلة السبت/ الاحد حيث سقط له 13 قتيلا من لواء غولاني الشهير.
وارتفع بذلك العدد الاجمالي للشهداء الفلسطينيين منذ بدء الهجوم العسكري الاسرائيلي في الثامن من يوليو الى 436 شهيدا وأكثر من ثلاثة آلاف جريح.
وسقط غالبية الشهداء أمس الأحد في حي الشجاعية شرق مدينة غزة والقريب من الحدود مع اسرائيل، حيث استشهد 62 شخصا على الأقل في القصف الكثيف الذي بدأ منتصف ليل السبت/الأحد والذي يعد الاكثر دموية منذ عملية الرصاص المصبوب اواخر عام 2008.
واصيب ايضا 250 شخصا على الاقل في الشجاعية.
ونزح آلاف الفلسطينيين المصابين بالهلع إلى شوارع مدينة غزة أمس الأحد فرارا من قذائف إسرائيلية أمطرت الرعب والموت على ضاحيتهم التي تحفها الأشجار.
وتشبثت الأمهات الباكيات بأطفالهن الملفوفين بأغطية وسار صبية صغار حفاة وحمل الآباء القلقون أطفالهم الصغار في حي الشجاعية.
وركبت بعض الأسر عربات تجرها الحمير وتكدسوا في سيارات. وجلس سبعة أشخاص في شوكة جرافة ضخمة تسير بهم ببطء خروجا من الدخان والدماء المراقة.
وملأت جثث مشوهة لرجال ونساء وأطفال المشرحة في المستشفى الرئيسي في غزة بينما أفادت أنباء أن جثثا أخرى ما زالت تحت الأنقاض في منطقة الشجاعية الواقعة على الأطراف الشمالية الشرقية لقطاع غزة.
وقال أحمد منصور (27 عاما) وهو ممدد على بطنه بينما كان ظهره وذراعه يقطران دما على محفة المستشفى “لقد قتلوا شعبنا.. بل قصفوا شعبنا وهم يغادرون منازلهم. أي نوع من البشر يمكن أن يفعل ذلك؟”.
وقال مسعفون إن أكثر من 60 شخصا استشهدوا في الهجوم الذي جاء في اليوم الثالث عشر لحملة عسكرية إسرائيلية هدفها وقف إطلاق الصواريخ التي يطلقها نشطاء فلسطينيون بشكل متواصل على جنوب ووسط إسرائيل.
وقال عامر الصقالي وهو والد لعشرة أطفال يمسك بيد ابنه الصغير “هل رأيت ما تفعله إسرائيل بنا؟ هل ترى كيف تسمح القوى العظمى في العالم لها بمهاجمة المدنيين دونما تمييز والآن لم يعد لدينا شيء... هم يعتقدون أنهم فوق القانون ومسموح لهم بأن يفعلوا ما يحلولهم”.
وسار الصقالي صوب وسط غزة أملا في أن يجد الملجأ والهدوء.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه حث جميع أهالي الشجاعية على ترك المنطقة قبل يومين متهما نشطاء حماس بإطلاق 140 صاروخا من تلك المنطقة منذ الثامن من يوليو، وباستخدام المدنيين كدروع بشرية.
وأظهرت لقطات مصورة مهزوزة قدمها لرويترز أحد السكان جثثا مقطعة الأوصال بينها جثث لثلاثة أطفال ممددة في عرض الشارع بدا أنها قتلت بفعل القصف.
وتصاعد دخان أسود في الهواء في تذكير ماثل بحالة النزوح عن الشجاعية.
وقال سامح حمادة (40 عاما) وهو يسير مع زوجته وأطفاله دون أن يحملوا شيئا “كانت ليلة صعبة جدا.. قصف طوال الوقت.. كل دقيقة. أدركنا أخيرا أنه لا يوجد شيء يمكن فعله سوى الفرار”.
وقاطعته زوجته وهي تبكي “كانت جثث وأوصال بشرية في الشارع”.
وتوقفت مجموعة من الشباب عن السير للجلوس على زاوية في شارع حينما انطلق قصف مدفعي أصاب مبنى على بعد مربعين سكنيين ففروا على غير هدى.
وأظهرت صور فوتوغرافية من حي الشجاعية أكواما من الحطام على جانب الطريق بينما واجهات المباني مدمرة والنوافذ مهشمة بفعل قوة الانفجارات.
وتقول إسرائيل إنها لا تستهدف إلا المتشددين وإنها وجهت نداءات وتحذيرات إلى نحو نصف سكان غزة البالغ تعدادهم 1.8 مليون شخص تدعوهم لإخلاء أحيائهم المختلفة.
وطالبت حماس الأهالي بالبقاء في بيوتهم، ويقول كثير من السكان إنه لا يوجد مكان يذهبون إليه. وحدود القطاع مع غزة ومصر مغلقة ما يعني أن الأهالي لا يمكنهم إلا التحرك في حدود القطاع الضيق.
ولاقى مستشفى الشفاء المكتظ بالحالات بعد 13 يوما من العنف صعوبات شديدة في التعامل مع هذا السيل الجديد من القتلى والمصابين. وكانت ثمة جثتان لامرأتين محروقتين ممددتين على الأرض إلى جانب طفلين بلا رأس وثالث مشطور إلى نصفين.
وأحضر أسطول من سيارات الإسعاف الضحايا ومنهم جثة صحفي يرتدي الدرع الواقي الأزرق وبدت عليه كلمة “صحافة” بخط كبير. وحمل إلى المستشفى أيضا جثمان مسعف يرتدي الملابس الخضراء المميزة.
وفي جناح العلاج من الصدمات لم يكن هناك مكان يضع فيه الأطباء كل المصابين.
وقال طبيب امتنع عن ذكر اسمه “لا يمكننا تقديم المساعدة.. هؤلاء المصابون يموتون.. نحن نحاول إجراء عمليات لهم.. ولكن أيا كان ما نفعله.. سيموتون أيضا”.
من جهته، اعلن الجيش الاسرائيلي مساء الاحد ان 13 جنديا اسرائيليا قتلوا ليل السبت/الاحد في قطاع غزة، بحسب ما اعلنت متحدثة عسكرية.
وقالت المتحدثة لوكالة فرانس برس “قتل 13 جنديا من لواء غولاني للمشاة الليلة الماضية” في اطار العملية الجارية في قطاع غزة، دون الادلاء بمزيد من التفاصيل.
وبهذا يرتفع عدد القتلى في صفوف الجيش الاسرائيلي منذ بدء العملية البرية ضد قطاع غزة مساء الخميس الى 18 جنديا.
وكانت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس قالت ليل السبت/ الاحد انها قتلت 14 جنديا إسرائيليا في “كمين شرق التفاح” شرق غزة، وقالت الاحد ايضا انها قتلت جنديين اسرائيلين على الحدود الشرقية لوسط قطاع غزة و“قنصت” جنديا اخر شمال القطاع وفقا لبيانات صحافية.
عائلة فلسطينية قتلت في منزلها أثناء القصف على الشاجعية أمس
عائلة فلسطينية قتلت في منزلها أثناء القصف على الشاجعية أمس
واتهم الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي الاحد اسرائيل ب“ارتكاب جريمة حرب ضد المدنيين” في حي الشجاعية بغزة، داعيا الى “الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين” مؤكدا ان “اسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة الرهيبة”.
ودانت حكومة الوفاق الوطنية الفلسطينية في بيان ما حصل في الشجاعية ووصفته بانه “جريمة حرب” تستدعي التدخل الدولي العاجل.
وجددت الحكومة الفلسطينية “مطالبتها المجتمع الدولي للتحرك بسرعة لوقف العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني”.
كما دانت الرئاسة الفلسطينية في بيان نشرته وكالة وفا الرسمية للانباء “المجزرة الجديدة التي ارتكبتها الحكومة الاسرائيلية فجر الاحد في حي الشجاعية شرق مدينة غزة”.
وطالب الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل ابو ردينة الحكومة الاسرائيلية بـ“ايقاف عدوانها على القطاع فورا وحذرها من استمراره”.
وكانت اسرائيل وافقت على هدنة انسانية لساعتين في حي الشجاعية شرق مدينة غزة بطلب من اللجنة الدولية للصليب الاحمر، ثم عادت ومددتها لساعتين اخريين بحسب الجيش الاسرائيلي.
وبعد الاعان عن الهدنة، توجهت اجهزة الطوارىء لاخلاء القتلى والجرحى والاشخاص المذعورين الذين بقوا داخل الحي بعد ليلة من قصف الدبابات الاسرائيلية الذي لم يتوقف.
وتناثرت الجثث في الشوارع، وكان بعضها محترقا لدرجة تجعل من الصعب التعرف على اصحابها.
وكان من بين الشهداء الصغار والكبار، ومن بينهم اكثر من جثة لطفل حملها موظفو عربات الاسعاف الذين عثروا كذلك على بقايا احدى عرباتهم في المكان وقد تطاير زجاج نوافذها واخترقت الشظايا هيكلها بالكامل.
وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس الاحد في مقابلة مع شبكة “سي ان ان” ان العملية التي تستهدف تدمير شبكة الانفاق التي يستخدمها المسلحون الفلسطينيون في غزة قد تنتهي “سريعا نسبيا”، الا انه لم يكشف عن تفاصيل.
وقال نتانياهو “نحن نتحرك للقضاء على الانفاق، وسناخذ الوقت اللازم للقيام بذلك”.
وردا على سؤال حول الفترة التي سيستغرقها تدمير الانفاق قال نتانياهو “سريعا نسبيا”.
واضاف ان “المهم الان هو عدم البدء في وضع شروط. اعتقد انه من المهم انهاء الاعمال العدائية وبعد ذلك الوصول الى وضع نتوصل فيه الى وقف اطلاق نار مستدام”.
ودعا نتانياهو الى ازالة اسلحة غزة.
من ناحيته، القى وزير الخارجية الاميركي جون كيري اللوم على حركة حماس في استمرار النزاع في قطاع غزة، مؤكدا انها ترفض جميع الجهود لوقف اطلاق النار.
وقال كيري لتلفزيون اي بي سي “عرض عليهم وقف اطلاق النار الا انهم رفضوه”، مشيرا الى ان حماس رفضت “بتعنت” جهود وقف النزاع “برغم ان مصر وآخرين دعوا الى وقف اطلاق النار”.
وقال ان حماس تسببت بذلك في “مزيد من التحركات” من قبل الاسرائيليين لوقف اطلاق الصواريخ من قطاع غزة على جنوب اسرائيل.
واعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) في بيان بان عدد النازحين الذين لجؤوا الى المراكز التابعة لها في قطاع غزة وصل الى 81 الف نازح ويتم ايواؤهم في 61 مدرسة.
دبلوماسيا وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى الدوحة أمس الاحد لاجراء مباحثات مع رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل تتركز حول التوصل الى وقف لاطلاق النار في غزة.
شارك في التغطية: نوح براونينج ونضال المغربي وسيف الدين حمدان/ رويترز/ا.ف.ب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى