التفاصيل الكاملة لقضية الطفلة شيماء بعدن..اعترافات المتهم الثاني أكدت تورط المتهم الرئيسي الذي مات داخل زنزانته

> تحقيق / أحمد الدماني:

> شيماء لم تكن سوى طفلة في سن الزهور خرجت من بيتها في مساء عمه الظلام بعد انقطاع الكهرباء لتجد نفسها بين فكي ذئب بشري اختطفها مستغلا الظلام الدامس الذي كان يخيم على حي فقيرٍ في إحدى مديريات محافظة عدن اسمه حي (البوميس).
قصة الطفلة شيماء والقاتل (موسى)، الذئب الذي سولت له نفسه خطف الطفلة وأخذها إلى منزله لاغتصابها بمعية صديقه (عبدالله) في نزوة لم تعرفها القيم الإنسانية جمعاء.
مؤسسة (إنصاف) للحقوق تبنت القضية منذ البداية، وكان لرئيس المؤسسة إيهاب باوزير الدور في كشف غموض اختفاء شيماء، وبالتنسيق مع مجموعة حقوقيين ومنظمات المجتمع المدني بدأت الانطلاقة في قضية الطفلة شيماء.
بداية القصة كانت ببلاغ تقدمت به عائلة الطفلة إلى قسم شرطة كريتر في 23 يونيو 2014 م، أفاد باختفاء الطفلة (شيماء مهيوب الزبيري) التي تبلغ من العمر 8 سنوات وتدرس بالصف الابتدائي الثاني بمدرسة الطويلة للتعليم الموحد.
وصلت جدتها أنيسة أحمد كداف (والدة أمها المتوفاة) إلى مركز الشرطة بكريتر وأبلغت باختفاء حفيدتها، ومن جهتها قامت الشرطة بالتحرك وباشرت في البحث والتحقيق عن اختفاء شيماء، ومرت أيام ويصل من أهالي المنطقة بلاغ عن وجود رائحة كريهة ونتنة تخرج من منزل المتهم الأول موسى.
من هنا بدأت خيوط القضية تتضح وبدأت الرؤية تتجلى أين ذهبت (شيماء)،ومن قام باختطافها، وظلت الشكوك تحوم حول منزل المتهم، ووجود أدلة تكشف تورطه مع غياب الجثة.
المحقق توفيق
المحقق توفيق
** المحقق يكشف أسرار القضية **
في اجتماع نظمه رئيس مؤسسة (إنصاف) للحقوق المحامي إيهاب باوزير،حضر المحقق توفيق أحمد ناجي ليروي قصة اختطاف شيماء ويشرح تفاصيل القضية التي هزت أرجاء الشارع العدني والرأي العام.
يقول المحقق توفيق: “تلقينا بلاغا من أهل البنت المخطوفة شيماء في تاريخ 23 يونيو 2014 م، وقمنا بعمل تحريات مكثفة وبعد أيام وصلتنا معلومات من أحد الأهالي بوجود رائحة كريهة كانت تخرج من منزل المتهم الأول موسى.. فذهبنا إلى منزله بتعليمات من رئيس البحث وأُحضر عاقل حارة (البوميس)، ومن هنا بدأت الخيوط تتجمع حول الجاني وبدأت المؤشرات تؤكد أن موسى هو المختطف”.
ويضيف المحقق: “وجدنا في منزل المتهم ملابس كانت مطابقة للوصف الذي وصفته خالة الطفلة أثناء خروجها من البيت، وبعد التأكد من الملابس اتضح لنا أن شيماء كانت ضحية تم الاعتداء عليها في منزل (موسى)، حيث كانت كل هذه الدلائل كافية لاعتقال المتهم موسى عوض راشد، ونقله إلى مركز الشرطة حيث باشرت السلطات التحقيق في الواقعة بعد العثور على ملابس الطفلة، والعثور على معوز المتهم ملطخا ببقع دم”.
** العثور على الجثة بمنزل مهجور **
في الـ 27 من يونيو 2014 م، قام مجموعة من الأهالي بإبلاغ مركز الشرطة أنهم عثروا على جثة فتاة صغيرة متعفنة داخل أحد المنازل المهجورة، فنزلت قوة من الشرطة إلى المكان حيث تبين أن المنزل الذي عثر بداخله على جثة الطفلة هو لأحد الأشخاص المغتربين ولايزال قيد التشطيبات.
كانت جثة الطفلة التي تم العثور عليها متحللة، ومليئة بالديدان، ولم يتم التعرف على ملامح الطفلة، وظل الغموض يسود الموقف هل تعود لـ(شيماء)، حتى جاءت خالتها لتؤكد أنها ابنتهم بعد تعرفها على ضفائر الشعر التي كانت بجانب الجثة والربطة المستخدمة، فخالتها آخر من لف شعرها قبل اختفائها بنصف ساعة. هنا تأكد الجميع أن شيماء اختفت وماتت مقتولة على يد ذئب بشري، وكان غموض كثيف يحوم حول القضية قبل أن تبدأ خيوط القضية تتكشف، ويبدأ الاعتراف من المتهم الثاني (عبدالله عمر) صاحب المتهم الأول (موسى).
شعر الطفلة
شعر الطفلة
** المتهم الأول يعترف بالجريمة **
بعد القبض على المتهمَين وأخذهما إلى شرطة كريتر باشرت الجهات الأمنية عملية التحقيق معهم داخل مبنى الشرطة،وكان المتهمان ينفيان أمر شيماء منذ بداية التحقيق، وبعد ضغوط من الجهات الأمنية تم نقلهما إلى مركز إدارة البحث الجنائي بخور مكسر خشية من الأهالي وغضبهم الذي بلغ إلى مستوى الاحتجاج أمام مقر الشرطة.
ويكشف المتهم الثاني عبدالله عمر حقيقة مفجعة للمحققين، بالقول: “إن المتهم الأول موسى أحضر طفلة صغيرة أثناء تواجده في منزله، وكان يمسكها من خصرها ويده على فمها - أي كاتم لها- وقام بوضعها على السرير وبدأ بعملية اغتصابها بالقوة حتى ماتت وموسى مستمر بجريمته”.
ويشرح المتهم عبدالله للمحقق تفاصيل القصة: “كنا مخزنين أنا وموسى، وكانت الساعة الثامنة مساءً تقريبا، وكانت الكهرباء حينها مقطوعة، خرج موسى من المنزل وبعد دقائق من خروجه دخل وهو يحمل الطفلة شيماء”، مؤكدا للمحقق أنه “لم يقم إلا بممارسة (الاغتصاب) بحق الطفلة بعد أن توفيت عقب قيام المتهم الرئيسي (موسى راشد) بقتلها”.
ويضيف: “ألبسناها ثيابا لبنت موسى بعد انتهاء عملية الاغتصاب، وقمنا بلفها في (طربال أزرق)، كان موسى يستخدمه لتغطية الغسالة من الشمس، وبعد لف الجثة قام موسى بوضعها في دولاب لمدة ثلاثة أيام قبل أن نقوم بنقلها إلى المنزل المهجور، فالرائحة التي كانت تخرج من الجثة زادت من مخاوفنا”.
خصلات مبعثرة من شعر الطفلة
خصلات مبعثرة من شعر الطفلة
** التحقيقات مستمرة **
استمرت التحقيقات وبدأ المحقق يستدعي كل أقارب المتهم الأول لكي يصل إلى أدلة أخرى، وفي نطاق الأسئلة التي وجهها المحقق لأسرة المتهم الأول: “أين كنتم طيلة هذه المدة التي ظل فيها موسى يخبئ جثة الطفلة؟ وحول الملابس التي وجدت على جثة شيماء ولم تكن الإجابات مقنعة، حيث كان الرد: إن زوجة موسى كانت في منزل أهلها، تضع مولودا جديدا، وكان التحفظ في بعض الأسئلة سيد الموقف لعائلة موسى”.
وفي إحدى الإجابات قالوا: “إن الملابس التي وجدت على جثة الطفلة المغدورة شيماء لا تخصهم ولا يعرفون عنها شيئاً، مع أن المتهم الثاني اعترف بأنهم بعد انتهاء عملية الاغتصاب قام موسى بإحضار ملابس طفلته وألبسها جثة شيماء”.
** موسى يصعق بعد سماعه الاعترافات **
بعد جمع الدلائل، وجمع اعترافات المتهم الثاني، شرطة كريتر تحضر المتهم الأول (موسى) من إدارة البحث الجنائي بخور مكسر إلى مقرها ويبدأ التحقيق معه، وتسلم موسى كل الاعترافات الخطية التي اعترف بها (عبدالله عمر)، فينكر كل شيء ويظل متمسكا بقوله: “أنا أحضرت شيماء بعد أن وجدتها بجانب برميل القمامة”.
ويواصل المحقق: “قمنا بإسماع المتهم موسى كل ما اعترف به شريكه، وهو مسجل،وفجأة انهار المتهم وبدأ يضرب برأسه الجدار وهو يصيح وكأن به مسا.. وقتها بدأ موسى يرضخ وبدأ يعرف أن القضية تم كشفها من كل النواحي، فالدلائل والقرائن تؤكد أن موسى هو المتهم الأول، وعبدالله عمر المتهم الثاني.
جزء من الحبل
الذي قيدت به
الطفلة شيماء
جزء من الحبل الذي قيدت به الطفلة شيماء
** غموض يخيم بعد موت موسى **
لم تمض سوى ساعات فقط على مواجهة المتهم موسى باعترافات شريكه الذي خر مغشياً عليه إثر حالة نفسية وعصبية انتابته ليلقى حتفه بعدها.. فصعق المحققون بخبر وفاة المتهم الأول موسى عوض راشد.
هنا لف الغموض مجددا وبدأ النظر في القضية هل مات موسى؟ أم قُتل؟ فجهات أمنية في شرطة كريتر قامت بتسريب عدة أخبار كانت كلها غير صادقة، ولكن في الاجتماع الذي نظمته مؤسسة (إنصاف) قام المحقق ناجي بشرح القصة حيث قال: “بعد انتهائنا من مواجهة المتهم موسى باعترافات شريكة بدأ موسى يثور وبدأت علامة الاعتراف بالواقعة تظهر على وجهه فبعد سماعه الاعترافات صعق وبدا عليه الجنون”.
ويضيف: “قمنا بوضعه في أحد المكاتب في مقر الشرطة ووضعنا عليه ثلاثة حراس خوفا من أن ينتحر، وبعدها وضعناه في زنزانة انفرادية، وقمنا بربط يديه ورجليه تحسبا من تهوره”.
ويشير المحقق ناجي: “في تمام الساعة الثالثة وصلنا خبر أن موسى لا يتحرك داخل الزنزانة، وأنه في حالة إغماء، فذهبت إلى الزنزانة ووجدته مستلقيا وشبه جثة، فقمنا بنقله إلى مستشفى الجمهورية، ولكن لم يسعفنا أي طبيب هناك، فقد كان المستشفى في حالة إضراب كلي، ومن ثم توجهنا به إلى مستشفى بابل، وهناك أكد الأطباء أن المتهم الأول في قضية الطفلة شيماء قد فارق الحياة”.
هنا تم العثور على جثة شيماء
هنا تم العثور على جثة شيماء
** السلطات الأمنية في حرج **
بعد وفاة المتهم موسى ظلت الأجهزة الأمنية في وضعية حرجة، فالتعليمات التي قام بها أفراد شرطة كريتر أثارت شيئا من شكوك الرأي العام، فمتهم يتم إحضاره من إدارة البحث الجنائي ومواجهته باعترافات شريكه تؤدي إلى وفاته في ظروف غامضة.
البحث الجنائي كان متحفظا إزاء المتهمَين وكان باستطاعتهم مواجهة المتهم الأول باعترافات المتهم الثاني داخل الإدارة بدلا من أخذه إلى مقر شرطة كريتر التي توفى فيها. وبمتابعه اللجنة الحقوقية حول القضية المحامي إيهاب باوزير والمحامية أقدار مختار لملابسات موت المتهم موسى تم الإشارة إلى أن الطب الشرعي لم يصرح بشيء.
وبعد يومين من عدم نشر التقرير الكامل للطب الشرعي تم تداول معلومات تشير إلى: “أن المتهم الأول في قتل الطفلة شيماء تعرض لضرب داخل شرطة كريتر، تسبب بكسر أربعة أضلع وفقرتين بالرقبة فتوفي إثر ذلك”.
وتعتزم منظمات مجتمع مدني بالتنسيق مع مؤسسة (إنصاف) للحقوق تدشين حملة إعلامية وعمل وقفة أمام نيابة عدن والضغط على الأجهزة الأمنية والقضائية بسرعة إعلان القصاص بحق المتهم الثاني (عبدالله عمر) وجعله عبرة لكل من يفكر أن يقدم على أو يكرر ذات الجريمة البشعة.
تحقيق / أحمد الدماني

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى