الانتشار الأمني يطغى على ملامح صنعاء..سياسيون يحذرون من انسداد أفق الحوار بين الدولة والحوثي

> تقرير/ بليغ الحطابي

> لايزال الوضع في صنعاء معقدا في ظل عدم التوصل إلى رؤية وصيغة حلول مشتركة تمنع الانفجار وتحد من التهديدات التصعيدية التي تمثلها عودة مخيمات الاعتصام داخل وفي منافذ العاصمة.. فيما بدأ الانتشار الأمني في الشوارع بالظهور كثيرا هذه الأيام بعد توجيهات للرئيس هادي وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن برفع الجاهزية القتالية واليقظة العالية للتصدي لما يشاع عن نوايا لجماعة الحوثي باقتحام صنعاء والسيطرة عليها واندلاع أعمال عنف ونهب وسلب من خلال استدعاء القبائل التي كانت نفذت عملية مماثلة لصنعاء في سبعينيات القرن الماضي.
** تحركات مكثفة **
وفي محاولة لردم الهوة في المطالب التي خرجت لأجلها المسيرات ويزيد عليها التصعيد والتحشيد وبين ما طرحته الدولة مقابل إسقاط تلك المطالب ورفع الاعتصامات وسحب المسلحين من منافذ العاصمة والالتزام بتنفيذ مخرجات الحوار وعدم الخروج عن الإجماع الوطني تحركت الدولة والأوساط الديبلوماسية الدولية والقوى السياسية لمناقشة الوضع لإخراج اليمن من المأزق السياسي والاجتماعي المحتدم والمهدد بانزلاق البلاد إلى الحرب الأهلية.. إذ يجري المبعوث الأممي لليمن جمال بنعمر مباحثاته مع قيادة الدولة والقوى السياسية ومع جماعة الحوثي للتوصل إلى رؤية مشتركة لإخراج اليمن من التعثرات الحالية واستكمال عملية الانتقال السلمية التي بدأها اليمنيون في انتخابات فبراير 2012 م.. كما أجل مجلس الأمن جلسته الخاصة باليمن إلى جلسة لاحقة.
متظاهرون يؤيدون الاصطفاف الوطني
متظاهرون يؤيدون الاصطفاف الوطني
** فرصة أخرى **
وفيما فشل وفد لجنة المفاوضات الوطنية في إقناع الحوثي برؤية الدولة وواجباتها ومسؤوليتها في حماية المواطنين وتأمين حياة المجتمع في ربوع الوطن كلف الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية نائب رئيس الوزراء وزير الاتصالات أحمد عبيد بن دغر أمس بالذهاب إلى صعدة لتسليم زعيم جماعة الحوثي عبدالملك الحوثي رسالة تتضمن فرصة أخيرة للخضوع إلى خيار الأمن والاستقرار وتجنيب البلاد مزالق الحروب الأهلية المتعددة طائفيا ومذهبيا وفئويا. كما كثف الرئيس هادي اجتماعاته منذ إعلان فشل لجنة المفاوضات الوطنية مع الحوثي وعقد اجتماعا خاصا باللجنة كما التقى سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية والتسوية السياسية.
وأطلع هادي السفراء على طبيعة الوضع وما أسماها تجاوزات من قبل جماعة الحوثي سياسيا وشعبيا خارجة عن الإجماع والصف الوطني ومهددة لأمن واستقرار اليمن.
** مبادرات سياسية **
وفي ضوء التحركات الوطنية والإقليمية والدولية لإيجاد معالجات موضوعية للمطالب المطروحة بما يضمن ويحقق الرؤية الوطنية ظهرت عدد من المبادرات الحزبية التي تتضمن مقترحات لحلول ومعالجات.. ورغم التقاء وتقارب كثير منها إلا أنها تظل رؤى خارجة عما تريده الدولة.
جنديان يضبطان عملية دخول المتظاهرين
جنديان يضبطان عملية دخول المتظاهرين
** خيبات أمل **
وتسود الشارع خيبة أمل واسعة نتيجة انسداد أفق الحوار والحلول الممكنة، وتتسع دائرة القلق لدى سكان العاصمة. وعبر مراقبون سياسيون عن خيبة أملهم من تعاطي اللجنة الوطنية التي أوفدها الرئيس إلى جماعة الحوثي مع مهمتها بتلك الطريقة التي وصفوها ب “المستهترة وغير الواعية” لخطورة انسداد أفق الحوار والحل بين الدولة وجماعة الحوثي.
يأتي ذلك في ظل استمرار الاحتشاد ونصب الخيام من قبل جماعة الحوثي في الساحة الجديدة بطريق مطار صنعاء الدولي.
واعتبروا استدعاء الحوثي للقبائل وحشدهم بأسلحتهم في مخيمات بمحيط العاصمة عملا استفزازيا وغير سوي، وينم عن رؤى ونوايا وأجندات أخرى بعيدة عن أفق الحل الوطني القائم على الشراكة الوطنية.
وقالوا في أحاديثهم لـ«الأيام» إن “تجاهل الدولة لاتساع نطاق التظاهرات والاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة والمطالبة بإسقاطها وإلغاء قرار الجرعة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل”.
وأضافوا: “كما أن من شأنه أن يفاقم الوضع ويزيده تعقيدا وتأزيما.. كما أن التمادي في تطويل الأزمة وعدم الإسراع بوضع معالجات مناسبة تخفف من وطأة الإجراءات والقرارات الحكومية الظالمة قد يصعب من عمل الدولة مع ما يمكن أن تسفر عنه تلك الحالة من تداعيات خطيرة على أمن واستقرار ووحدة اليمن.
متظاهرات يؤيدن الاصطفاف الوطني
متظاهرات يؤيدن الاصطفاف الوطني
** انضمامات خطيرة **
وفيما شهدت ساحات الاعتصام انضمام عدد من الاتحادات والنقابات العمالية والمهنية وعدد من منتسبي الأمن والجيش.. ولاتزال المئات من النقابات تنتظر اللحظة المناسبة لإعلان مواقفها وفق ما يراه محللون - إلا أن تحذيرات شديدة للدولة بأن مماطلة الحلول والعلاج السريع قد يدفع بكثيرين من قيادات الدولة إلى الانشقاق وإعلان انضمامها إلى الساحات وإلى جانب الجماعات القبلية المسلحة على النحو الذي شهدته أزمة العام 2011 م، الأمر الذي يكون قد دق آخر مسمار في نعش نظام الرئيس هادي السياسي .. كما سيضع حدا لتطلعات التغيير وإمكانية إنشاء الدولة اليمنية الحديثة القائمة على نظام اتحادي يكفل للجميع حق الشراكة في السلطة والثروة.
ويقول المحلل السياسي يحيى الصورعي في ذلك إن “عدم تفهم الدولة لتداعيات الوضع الحالي يصعب من مهمة وضع الحلول والمعالجات المناسبة”.
وأضاف: “لابد على الدولة أن تعترف أولا بوجود مشكلة حقيقية أنتجتها معاناة الناس نتيجة قرارها الهمجي والاستفزازي في رفع أسعار المشتقات”.
** ربيع مشؤوم **
فيما يرى الأخ عبدالله جميل الخوبري - مراقب سياسي - أن “عدم إنصات الدولة للمطالب التي طرحها الشعب عبر احتجاجات شعبية سلمية ضد حكومة الوفاق وممارساتها تكون الدولة قد قضت على آخر أمل بإمكانية تحقيق مخرجات الحوار الوطني وما يتطلع إليه الشعب من تغيير”.
وأضاف في حديثه لـ«الأيام»: “إن وجود حالة انقسام في الشارع يؤكد فشل القوى السياسية والاجتماعية المختلفة علاوة على الدولة في إنقاذ البلاد وإخراجه من تداعيات الربيع العربي المشؤوم”.
ويؤكد الدكتور توفيق ذمران لـ«الأيام» أن “بإمكان الدولة دراسة وتمحيص المبادرات الحزبية التي أعلنت اليومين الماضيين وبالذات مبادرة الحزب الاشتراكي للخروج برؤية شاملة لتدارك انفجار الوضع .. ووضع حد لأحلام بعض القوى النافذة أو تلك التي ركبت موجة الحاجة الشعبية و تريد الصعود على ظهر الشعب لإعادته الى عهود الطغيان والكهنوت والحكم الامامي المباد”.
** تصعيد من نوع آخر **
ويضيف رئيس ملتقى الفقيه للتنمية السياسية والاجتماعية والمحلل السياسي أحمد الفقيه “إن بإمكان الدولة إيجاد حل لمثل تلك الاحتجاجات التي خرجت دون الحاجة إلى تطويل أو تمديد للأزمة”، متهما بعض القوى السياسية - حزب الإصلاح بالوقوف خلف تصعيد الموقف والاتجاه بالأمور والمفاوضات الحوارية التي يرعاها رئيس الجمهورية إلى حافة الانهيار والفشل..
وقال لـ«الأيام» “إن تبني حزب الإصلاح لما يسمى مسيرات الاصطفاف يعتبر ردا تصعيديا للأزمة”.. ومن خلال الشعارات التي ترفع أو التي معظمها تحريضية ودعوة للدولة بفرض سيطرتها والحرب ومقاومة جماعة الحوثي التي لم تكن سوى جماعة استغلت الوضع وإخفاقات القوى السياسية للوصول إلى المجد السياسي الذي تحققه اليوم..
** تناقضات الفشل **
وفي الوقت الذي شيعت اللجنة الرئاسية فشل مفاوضاتها مع جماعة الحوثي بطريقة تبعث على اليأس وبصورة استفزازية - وفق مراقبين - تغلق معها كل أفق الحوار وما ينبغي أن تكون عليه الحالة من ندية لحلحلة مشاكل الوطن.
وانتقدت أوساط سياسية طريقة وسرعة إعلان اللجنة فشلها في الوقت الذي لاتزال صنعاء في حالة من التوتر والتصعيد الميداني الخطير وبالذات على تخوم العاصمة.. فيما لايزال الشارع غير مدرك بما اتفق عليه وأين نقاط الخلاف والذي كان يفترض على اللجنة إعلانها إذا كان قصدها من تصريحاتها وإعلانها ذاك الشفافية.
** مفاوضات غامضة **
ولا يزال ما دار في المفاوضات قيد التصريحات والتداولات غير المنطقية وغير المسؤولة من الجميع وبالذات اللجنة الوطنية التي كان عليها التزام الحكمة وعدم التصعيد وإعلان أي موقف حتى عرض تقريرها للرئيس.
لكن وحسب يحيى الصورعي يبدو أن هناك هدف من وراء تلك التسريبات التي عقدت الوضع وزادته توترا.
جنديان يترقبان بحذر أي عنف محتمل
جنديان يترقبان بحذر أي عنف محتمل
** تعقيدات **
ويؤكد الدكتور توفيق ذمران أن “الوضع الآن معقد مالم يكن هناك تدخل من الرئيس هادي لتطويق تداعيات التصعيد ومحاولات بعض القوى ذر الرماد على العيون سواء من خلال أهدافها وطموحها أو من خلال استمرار عبثها واستغلال أدوات السلطة لمصالحها”.
وأضاف: “إن استمرار ذلك قد ينجم عنه وضع كارثي للغاية وهي حرب أهلية طاحنة لا تبقي ولا تذر في ظل قياس حالة الاحتقان والشحن الطائفي والمذهبي والتعبئة السياسية المدمرة للبلاد”.
وبحسب الأخ أحمد الفقيه مقدمات الوضع الراهن وحسب محللين هو نتيجة لتجاوز مخرجات الحوار وقفز البعض عليها بتهيئة الأوضاع للعنف ومحاولات فرض السيطرة في إطار مواجهات ثأرية ونزاعات انتقامية بهدف تصفية وإنهاء الآخر.
ويشير السياسي أحمد الفقيه إلى أن “التأخر عن وضع الحلول والمعالجات السريعة وفق مسؤولية وطنية عالية من الجميع سينتج وضعا خطيرا لا يمكن تداركه، على اعتبار أن الوضع لايحتمل كثيرا من المزايدات والمناكفات في التفاصيل في إطار شراكة سياسية وطنية حقيقية تفوت الفرصة أمام من يريد الانزلاق إلى أجواء الحرب والصراعات المسلحة”.
تقرير/ بليغ الحطابي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى