تلميحات حول مشاكلنا الاقتصادية الراهنة

> عياش علي محمد:

>
عياش علي محمد
عياش علي محمد
السياسيون في اليمن والمحتكرون للسلطة لا يفهمون أن مجتمعنا مجتمع تجاري، عرف التجارة الحرة والاستثمار منذ القرن الثامن عشر، والنشاط التجاري هذا جلب لنا الوظائف والنجاح في الموانئ وتكرير النفط، والبيع بالتجزئة، وصيد الأسماك والتصدير وإعادة التصدير.. وأكسب هذا النشاط التجاري مرونة فائقة للمنتجات الأجنبية، وخلق توازنا بين هويتنا الوطنية والانفتاح مع الخارج، وبين التنافس في السوق الحرة، والتماسك الاجتماعي، هذه كانت لها أهميتها القصوى في التطور والنمو.
ومجتمعنا ليس مجتمعاً أيديولوجياً، بل على الأرجح هو مجتمع واقعي، إذ لم يحدث فوارق بين القطاع العام والقطاع الخاص، بل اعتبرهما قطاعين يتمتعان بدورهما الشرعي في الحياة الاقتصادية.
ولا أفضلية للقطاع الخاص على القطاع العام، بل كلاهما مكملان لبعضمها، وتقبل مجتمعنا السوق الاقتصادية باعتبارها نموذجا فعَّالا في تحديد الاستثمار والإنتاج، وتوزيع البضائع والخدمات، بالإضافة إلى الأسعار.
لقد اختلطت الأمور في الوقت الحاضر عند السلطات اليمنية بين السوق الاقتصادية والسوق الاجتماعية، ومجتمعنا يريد أن يعيش في السوق الاقتصادية، ويكره أن يعيش في السوق الاجتماعية، لأن السوق الاجتماعية كل شيء فيها مسّخر للمال وحده، باعتبار أن المال مفتاح ومؤشر للنجاح في كل من القطاع العام والخاص، لكن كما تقول الأمثال فإن حب المال أساس كل الشرور، فالسوق الاجتماعية كل شيء فيها للبيع.
اليوم مجتمعنا معَّرض للخطر لدخول بلادنا في التجارة لبيع كل شيء، فمعظم قطاعاتنا الصناعية والخدماتية والسمكية والطيران تعرضت للبيع، وهذا أسوأ حدث جعل من مجتمعنا مجتمعا فقيراً.
وأول شيء يمكن أن يحجم مشاكل فقرنا هو حل هذه المتناقضات بين السوق الاقتصادية، التي يمكن للحكومة أن تتدخل في حالة الفشل كي تضمن العدالة والإنصاف، وبين سوق اجتماعية كل شيء فيها معرض للبيع، وهذه السوق خلقت أثرياء يعيشون حياة مرفهة، ويودعون أموالهم في الخارج، ولا يمنحون إلا القليل منه لمجتمعنا.
هذه العقليات منحت امتيازات لغير المؤهلين، وأهلتهم كي يصحبوا أثرياء من خلال منحهم القروض التي لا يرجعونها، ومن خلال المرتبات المتعددة الأوجه، والتي أضّت بالنمو الاقتصادي، ثم التراكم النقدي، وأصبحت الموازنات تعيش عجوزات سنوية.. ومخجلة، لبلد لم ينهض باقتصاده لاعتماده على المنح الخارجية، التي إذا أنفقها فإنه ينفقها ببذخ، وبطريقة غير اقتصادية.
وخلقت هذه السياسة قلقاً واسعاً، وعدم رضا، بحيث وفقاً لهذه السياسة، فإن الموظفين من الأسر المتواضعة لا يجدون فرصاً للترقية إلى أعلى المؤسسات.
ومجتمعنا لا تزال لديه الرغبة في تمثيل الحكومة للمجتمع بأسره، وفي دورها لضمان التوعية الجيدة للشباب والرعاية للأطفال، وتقديم تعليم متقدم لكل المجتمع، وليس فقط لأغنيائه.
وأسوأ شيء تعرض له الاقتصاد الوطني أنه تقبل دخول الأيديولوجيا في التجارة، ففي الجنوب استأثر القطاع العام بالحياة الاقتصادية، وتم إقصاء القطاع الخاص، ولكن بدون تدمير لأصوله، بينما في الشمال استأثر القطاع الخاص الطفيلي بالحياة الاقتصادية، وتم تدمير أصول القطاع العام.
مجتمعنا يريد أن يرى توكيدا عظيما للعدالة والمساواة، وإدارة حكومية تدير وظيفتها بمهنية عالية لرفع مستوى الحياة المعيشية في البلاد، ومحاربة التضخم والفساد.. وهنا سيقول مجتمعنا للدولة أهلاً وسهلاً بك، وهذه دولتنا التي نرحب بها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى