صنعاء .. من حصار الملكيين إلى حصار الحوثيين

> عبدان دهيس:

>
عبدان
دهيس
عبدان دهيس
منذ إعلان ثورة 26 سبتمبر 1962م،وقيام الجمهورية لم تعرف صنعاء ولا مناطق الشمال بأسرها الاستقرار على نحوٍ مرضٍ مطلقاً، وكل الحكام الذين تعاقبوا عليها يدركون هذه الحقيقة المؤلمة، فالتركيبة الاجتماعية في مناطق الشمال معقدة للغاية، والنزعة القبلية هي السائدة، وماتزال.
ولم تستطع الثورة ولا الجمهورية على مدى كل هذه السنين - التي تصل إلى أكثر من نصف قرن من الزمان أن تغير في العقلية القبلية السائدة، رغم تناسل الأجيال تلو الأجيال، فقبائل الشمال، والعقلية المتحجرة بالذات وهذه حقيقة معروفة - كانوا يرون أن الجمهورية (كفر) وخروج عن الدين والأعراف القبلية، وعلى هذا الأساس ينبغي مقاتلتها وإيقاف مدها والانقلاب عليها.. فجرى ما جرى من حروب بين الجمهوريين والملكيين، أنهكت مناطق الشمال والإنسان فيها كثيراً، ووصل الأمر بالملكيين - بعد خروج الجيش المصري من اليمن إثر هزيمة يونيو 1967 م إلى أن يحاصروا العاصمة صنعاء حصاراً مستميتاً وقاتلاً، بل ونهبوا بيوت أهلها وأحرقوها، وهو الحصار المعروف بـ(حصار السبعين).. ودخلت المساومات في المحاورة مع الملكيين، والتي توجت بما عرف بـ(مؤتمر المصالحة الوطنية) بين الجمهوريين والملكيين.. ومنذ ذلك التاريخ البعيد ما تزال التجاذبات بمختلف أشكالها وتوجهاتها السياسية والمذهبية والطائفية تفعل فعلها في الشمال، وكلما استقرت الأوضاع لبضع من السنين عاد مرة أخرى شبح التناحر والتآكل الداخلي، وكأن هذه البلاد قد أصابها (فأل نحس) لا يمكن لها الخلاص منه، حتى وإن امتلكت كل الوسائل لذلك، رغم أن اللاعب معروف في الساحة، وهو نفس اللاعب منذ إعلان ثورة سبتمبر وقيام الجمهورية.
وها هي (تراجيديا الأمس) بمشهدها المأساوي تتكرر اليوم، ولكن بوقائع وشعارات أخرى وشخوص جدد، فالحوثيون باتوا يحاصرون العاصمة صنعاء من كل الاتجاهات والمنافذ بالاعتصامات والتظاهرات المتواصلة، وبالسلاح أيضاً، والدولة بالمقابل استنفرت كل قدراتها وقواها العسكرية والأمنية، وطبول الحرب تدق بين الطرفين، ولا يدري أحد إلى أين ستفضي النتائج، وما الذي سيكون عليه الحال في النهاية.
فمتى ستخلد هذه البلاد وشعبها إلى الراحة؟.. سؤال من الصعب الإجابة عنه الآن، فالأوراق مخلوطة، والأجندة الخارجية ما زالت تفعل فعلها، والأوضاع في أشد الخطورة، وإذا انفجرت الحرب هذه المرة في الشمال ستمتد إلى الجنوب بكل بساطة، ولن تتوقف إلا بمعجزة إلهية.. لأن السائد الآن في معظم بلاد (الربيع العربي) هو التناحر الدموي المستمر.. والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى