ليفربول .. ولد ليكون عملاقًا

> «الأيام الرياضي» متابعات:

> أسس الفريق شخص يدعى جون هولدينج، وكان عضوًا في البرلمان البريطاني، وعمدة المدينة ومالك أكبر مصانع للمشروبات الروحية، وأيضًا كان مالك ملعب (أنفيلد)، فقبل العام 1892 كان إيفرتون النادي الاحترافي الوحيد في مدينة ليفربول، وكان ملعبه الرسمي هو (أنفيلد) الذي يملكه هولدينج، لكن خلافات نشبت بين الطرفين في العام 1890 قادت إلى رحيل إيفرتون من الملعب، بعدما أراد هولدينج رفع إيجار استخدام الملعب، وفرض بيع المشروب الذي كانت تصنعه مصانعه فقط في الملعب، ما قاد إلى استياء أعضاء إدارة إيفرتون، رغم أن هولدينج كان لا يزال منقذ الفريق ماديًا عندما كان بحاجة لشراء لاعبين جدد أو تحسين ظروف مركز التدريب، ورفع هولدينج الإيجار مجددًا من (100) جنيه سنويًا كان يدفعها إيفرتون منذ العام 1884 إلى (250) جنيها بحلول العام 1892.
وبتفاعل المشكلة عرض هولدينج حلولاً على إدارة الفريق منها شراء ملعب (أنفيلد) وبعض الأبنية المحيطة التي قد تكون مفيدة للنادي، لكن (الإيفرتونيين) لم يعجبهم سعر البيع، والذي كان حينها مبالغًا فيه !!، واحتدمت المشكلة ورفض هولدينج التفاوض على السعر رغم أنه منح إدارة النادي فرصة الدفع المؤجل إلى حين بدأ الحصول على أرباح، قررت غالبية أعضاء الإدارة واللاعبين الرحيل وتأسيس ملعب آخر خاص بهم، وفعلاً في عام 1892 رحل إيفرتون عن (أنفيلد) فتأزمت مشكلة هولدينج الذي سرعان ما قرر تأسيس فريق خاص به واسماه في الأصل (إيفرتون) أيضًا، لكن بعد اعتراضات ومشادات، قرر في 15 مارس 1892 تسمية الفريق (ليفربول)، على اسم المدينة كاملة وليس فقط على اسم المحافظة، وفي العام التالي انضم إلى أندية الدوري الإنجليزي.
وبذلك تأسس الفريق بين ليلة وضحاها، فالملعب جاهز وأعضاء النادي الجديد موجودون، وهم من وقفوا إلى جانب أعضاء هولدينج في صراعه المرير مع الإيفرتونيين، لكن نقص شيء واحد .. اللاعبون، فجلب سكرتير النادي جون مكينا الذي كان وفيًا جدًا لهولدينج وظل يلعب دورًا رئيسًا في النادي لثلاثين عاماً لاحقه.
مجموعة من اللاعبين من أسكتلندا بين (12) و(15) لاعبًا، حتى بات الفريق يعرف باسم (فريق الماك) نسبة إلى أن غالبية أسماء العائلات الأسكتلندية تبدأ بـ(ماك)، ومع ذلك لم يكسب الفريق عضوية الالتحاق بركب فرق الدوري، فخاض موسمه الأول في دوري مقاطعة لانكشاير، وفي حين خاض مباراته الأولى في 1 سبتمبر ضد روذرهام، كان إيفرتون في اليوم نفسه والساعة ذاتها يلعب مباراته الأولى على بعد أمتار قليلة في الجهة الشمالية من (ستانلي بارك) على ملعبه الجديد (جوديسون بارك)، لتعلن ولادة نوع من الكراهية بقيت حتى يومنا هذا، لكن محبي الكرة في المدينة وقعوا في حيرة من أمرهم، لمن يكون ولائهم ؟! ومن يشجعون ؟! وسرعان ما استهلت إدارة ليفربول الجديدة حملة الغيرة واستمالة المشجعين بإصدارها بيانًا نشرته في الصحف المحلية تقول خلاصته : (لن تشاهدوا كرة قدم أفضل في أية بقعة في المدينة عما سيقدمه الفريق الجديد (ليفربول) في أنفيلد)، لكن في نهاية اليوم لم يحضر المباراة على ملعب (أنفيلد) سوى العشرات فيما حضر (10) آلاف متفرج مباراة إيفرتون الأولى على ملعبه الجديد الذي كان بدائيًا قياسيًا في الوقت الضيق الذي كان في حوزتهم لإنشائه.
وكانت بداية ليفربول نارية في دوري المقاطعة فبدأ القلق يعم إيفرتون المحترف، خصوصًا أن ليفربول أصبح عضوًا في دوري المحترفين في الموسم التالي 1893، لكن البداية الحقيقية كانت 1896 عندما عين توم واتسون مدربًا للفريق، والذي كانت له عين خبيرة في اكتشاف المواهب الصغيرة، فجلب نخبة من النجوم، أبرزهم أليكس ريزبيك الذي بنى واتسون حوله فريقًا نجح في إحراز بطولة الدوري في العام 1901، وأضاف إليها أخرى في العام 1906.
وفي الحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية وتحديدًا في العام 1947 أحرز ليفربول بطولة الدوري للمرة الخامسة بفارق نقطة عن مانشستر يونايتد، وزار الفريق (ويمبلي) للمرة الأولى في تاريخه عام 1950، ما يعني تأهله إلى المباراة النهائية لكأس إنجلترا للمرة الأولى في تاريخه، لكنه خسرها أمام الآرسنال، ولكن الأهم إنها عكست توجه الفريق الصحيح، وكان نجم الفريق المميز في تلك الحقبة المهاجم الأسكتلندي بيلي ليدل، لكن التوقعات باستمرار النجاح وتحقيق البطولات لم تتحقق، والأسوأ حدث، إذ في العام 1954 هبط الفريق إلى الدرجة الثانية قبل أن يأتي (المنقذ) بيل شانكلي بفريق مكون من الصغار الواعدين والشباب الموهوبين ويعود بالفريق إلى الدرجة الأولى في العام 1962.
**** الحقـبـة الذهـبيـة ****
كان تعيين شانكلي مدربًا للفريق في العام 1959 بداية حقبة ذهبية بكل معنى الكلمة، فشانكلي كان داهية في التعامل مع اللاعبين والإداريين، كان خبيرًا في الحرب النفسية مع مدربي الفرق المنافسة، وخبيرًا نفسيًا من الطراز الأول في شئون لاعبيه، فبات للاعبيه اليد الطولى في إبراز الثقة بالنفس في أكمل صورها والتي كانت العلامة المميزة لفرق ليفربول على مدى ثلاثة عقود.
وفي غضون عامين من تأهل الفريق إلى الدرجة الأولى، حقق شانكلي وعده بالفوز ببطولة الدرجة الأولى، وفي الموسم التالي فاز الفريق بكأس إنجلترا، وفي العام الذي تلاه 1966 فاز ليفربول ببطولة الدوري ووصل إلى المباراة النهائية لمسابقة كأس أبطال الكؤوس الأوروبية، لكنه خسرها أمام بروسيا دورتموند، وشمل الفريق مهاجمي المنتخب الإنجليزي والمنتخب الأسكتلندي حينذاك روجر هنت وإيان سانت جون، وصخرة الدفاع رون ييتس وصانع الألعاب أيان كالاجان.
وبحلول العام 1973 فاز ليفربول بكأس الاتحاد الأوروبي بعدما تغلب على إيك أثينا في اليونان ودينامو برلين وتوتنهام ليصل إلى المباراة النهائية ضد بروسيا مونشجلادباخ.
وتقاعد شانكلي بعد هذا الإنجاز بعام واحد، واثقًا من أن الفريق الشاب الذي بناه سيتمكن من تكملة المشوار وتحقيق الإنجازات تحت قيادة خلفه ومساعده السابق بوب بايسلي، ولم تخب ثقة شانكلي وتوقعاته؛ إذ قاد بايسلي الفريق في التسع سنوات إلى الفوز بست بطولات دوري وثلاث كؤوس لأبطال الدوري الأوروبي وكأس الاتحاد الأوروبي.
وبعدما أحرز ليفربول كأس أبطال أوروبا للمرة الأولى بفوزه على مونشنجلادباخ ضم بايسلي الأسكتلندي كيني دالجليش ليحل محل كيجان ويرتدي الفانيلة رقم 7 الشهيرة، وكان خير بديل، وربما فاق موهبة كيجان بصنعه اللعب والأهداف بيسر وحرفنه وتوج موسمه الأول مع الفريق بتسجيل هدف الفوز ضد كلوب بروج البلجيكي في المباراة النهائية لكأس أبطال أوروبا في العام 1978.
في العام 1983 تقاعد بايسلي، وجاء جو فاجان من هيئة التدريب وخلفه لعامين أضاف خلالهما (بطولة دوري وكأس أبطال أوروبا وكأس المحترفين)، وفي العام 1985 استلم دالجليش المهمة من فاجان كلاعب ومدرب، وفي الموسم الأول تحت قيادته أحرز الفريق الثنائية بفوزه ببطولتي الدوري والكأس.
بينما كان يتمتع ليفربول بانتصاراته الساحقة والأسطورية تعرض لهزتين شلتا عزيمته وشهيته لممارسة كرة القدم، هما كارثتا ستادي هيسيل وهيلزبرو.. فالكارثة الأولى حلت في المباراة النهائية لكأس أبطال أوروبا في العام 1985 ضد يوفنتس في ستاد هيسيل البلجيكي، حيث خلفت (38) قتيلاً و(454) جريحًا عندما تحطم حائط على مشجعي يوفنتس جراء تدافع مشجعي ليفربول الذين حكمت عليهم محكمة بلجيكية على (14) منهم بالسجن لاحقًا. والكارثة الثانية في 15 أبريل 1989 عندما توفي (96) من مشجعي ليفربول وجرح (170) خلال مباراة في نصف نهائي كأس إنجلترا بين ليفربول ونوتينجهام فورست في ستاد هيلزبرو في مدينة شيفيلد الإنجليزية، وقبل المباراة فتحت أبواب المدرجات المخصصة لمشجعي ليفربول من دون اعتبار لسعة المدرج، فتدافع الداخلون على الموجودين ما قاد إلى اختناق وهرس الموجودين في الصفوف الأمامية بالحاجز السلكي!!!.
وكلفت هاتان الكارثتان استمرارية نجاحات ليفربول، وقادتا تلقائيًا إلى استقالة دالجليش في العام 1991 بإعلانه أنه لم يعد يتحمل الضغط المتواصل ورؤية وجوه جماهيره التي تذكره دائمًا بالكارثتين، وحل محله مدافع الفريق السابق جرايام سونس الذي كان إنجازه الوحيد في ثلاثة مواسم هزيلة ومخزية مقارنة مع الإرث الليفربولي السابق، هو الفوز بكأس إنجلترا في العام 1992، وترك سونس النادي بعد أن أرهق خزينة النادي بشراء لاعبين مغمورين بمبالغ كبيرة فشلوا في التأقلم مع أجواء (أنفيلد) والوصول إلى المستوى الفني الذي وضع أساسه شانكلي قبل أكثر من ثلاثة عقود، وعاد النادي إلى جذوره لإيجاد بديل ناجح، فوقع الخيار على ابن النادي الخجول روي ايفانز الذي أعاد العمل بسياسة النادي في الاعتماد على الشباب والصاعدين، فأعطى الفرص لستيف ماكمانمان وروبي فاولر، وظل الفريق رديفا مقارنة بفرق ليفربول في الثمانينيات والسبعينيات.
فارتأت إدارة النادي في العام 1996 تكليف مساعد لإيفانز في إدارة شئون الفريق، فجاء الفرنسي جيرار هولييه الذي أزاح إيفانز من الطريق وأدار شئون الفريق على طريقته الخاصة منذ عام 1998، وحقق نجاحًا كبيرًا في العام 2001 بإحراز ثلاثية فريدة بالفوز بكؤوس إنجلترا والمحترفين والاتحاد الأوروبي، ليتسلم الأسباني رافائيل بينتييز المهمة الصعبة في الموسم 2004 بعد أن جاء من نادي فالنسيا الأسباني، وقد عمل بينتييز جيدًا في موسمه الأول وأرضى الجميع بعد حصول ليفربول على دوري الأبطال الأوروبي للمرة الخامسة بعد مدة طويلة من الغياب في التتويج بها، وأيضًا وصوله إلى نهائي المحترفين بعد أن خسر من الفريق اللندني تشيلسي.
وبعد رافائيل بينتييز جاء صانع الإنجازات السابقة لليفربول دالجليش، لكنه لم يحرز أي لقب ليقال لتتعاقد إدارة ليفربول قبل عامين من هذا الموسم 2014 مع بندن رودجرز الذي وصل بالفريق الموسم الماضي إلى المركز الثاني بعد أن كان قاب قوسين من اللقب الذي تحلم به جماهير ليفربول منذ عام 1990.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى