مكتب التجارة: هناك تفتيش وغرامات ستفرض على المخابز المخالفة.. ومواطنون يعتبرون القرار حبرا على ورق : رغيف الخبز اليمني .. لا يغني ولا يسمن من جوع

> تحقيق / بشرى العامري

> في ظل تأزم الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد وازدياد أسعار جميع السلع الحياتية التي يحتاجها المواطن المغلوب على أمره بدأ قرص رغيف الخبز بالتقلص والانحسار حتى أصبح ينافس في حجمه قرص الدواء المسكن.
ورغم صدور قرار من أمانة العاصمة مؤخراً برفع سعر الخبز من 180 ريالا إلى 240 ريالا للكيلو الواحد كنتيجة لقرار الحكومة برفع الدعم عن المشتقات النفطية إلا أن هذا القرار لم يلقَ أي اهتمام ملحوظ من قبل أصحاب المخابز الذين يصرون على بيع الخبز باحتساب القطعة وليس بالوزن.
وكانت أمانة العاصمة قد أقرت لائحة تنفيذية في شأن تحديد إنتاج الخبز بمختلف أنواعه (المسطّح والروتي والكدم) وبيعه وفق قرار مجلس الوزراء رقم (111) لعام 2007، والمحاضر الموقعة مع شعبة المخابز والأفران في الغرفة التجارية والذي حدّد سعر بيع كيلوغرام الخبز بأنواعه للمستهلك بـ 240 ريالاً، إلا أن أصحاب المخابز لم يلتزموا بهذا القرار الذي رآه الكثيرون لا يمت للواقع بصلة.
**تكثيف حملات التفتيش**
المحامي صالح وخالد الغرافي وعلي غالب
المحامي صالح وخالد الغرافي وعلي غالب

خالد الخولاني المدير العام لمكتب الصناعة والتجارة في العاصمة أكد أن “قرار أمانة العاصمة الذي استند إلى قانون حماية المستهلك رقم (46) ولائحته التنفيذية رقم (272) لسنة 2010م أقرّ تحديد سعر بيع الخبز بأنواعه (إنتاج المخابز والأفران الشعبية والآلية) من الفرن ومنافذ البيع للمستهلك بالسعر الجديد، بحيث لا يزيد الحد الأعلى لسعر قرص الرغيف بحجم بوزن (75) غراماً على 18 ريالاً من الفرن إلى منافذ البيع، و20 ريالاً من الفرن ومنافذ البيع للمستهلك في حال الشراء بأقل من أجزاء الكيلوغرام”.
وأشار الخولاني إلى أن “القرار يلزم منافذ البيع (مطاعم وكافتيريات وسوبرماركت وبقالات ومقاصف ومستشفيات وغيرها) بشراء الخبز من إنتاج المخابز الشعبية والآلية بحجم لا يقل عن 75 غراماً للرغيف”.
مؤكدا أن “قرار أمين العاصمة ألزم المخابز والأفران بـ (توفير الموازين والبيع للمستهلك بالكيلوغرام وأجزائه في مكان بارز في واجهة المحل أمام المستهلك، بناءً على السعر المحدّد)”.
وأعلن أن “المجالس المحلية في المديريات وفروع مكاتب الصناعة والتجارة ستكثّف من الحملات الرقابية للأفران ومنافذ البيع لتطبيق القرار واتخاذ العقوبات ضد المخالفين من الأفران، وحدّدتها بـ 10 آلاف ريال للمخالفة الواحدة، فيما ستتضاعف الغرامات عند التكرار إلى حد الإغلاق النهائي، وسحب التراخيص من المخابز والأفران المخالفة”.
**أفكر ببيع المخبز**
يوضح المواطن عبدالله محمد قاسم - صاحب مخبز - أن أصحاب المخابز عادة يوزنون الخبز فيعرفون كم يحتوي الكيلو من قطع خبز، وعلى ضوئها يكون البيع بالقطعة وليس بالوزن، وهو مقارب جدا للوزن المطلوب.. مشيرا إلى أن قرار رفع سعر الخبز كان مناسباً إلى حد ما مع ارتفاع سعر (الديزل) الذي يعتمدون عليه في تنضيج الخبز، ويتناسب أيضا مع بقية المصروفات التي ينفقها ويحصل على عائد مناسب له وللبائعين بشكل عام.

فيما يرى المواطن جميل الشرعبي ـ صاحب مخبز أيضاً ـ أن “قرار أمانة العاصمة غير مناسب إطلاقا، وقال: “كان سعر الكيلو في السابق 220 ريالا وزاد الآن عشرين ريالا فقط، فيما ارتفعت جميع أسعار المستلزمات الأخرى، وبالتالي هذا ليس لصالحنا نحن أصحاب المخابز”.
وأضاف بسخط: “أنا مستأجر المخبز بمائة ألف ريال، وكان لدي 6 عمال واضطررت تقليصهم إلى عاملين خلال الأزمة النفطية الأخيرة لأن العائد لا يستطيع تغطية كل النفقات المطلوبة للعمل، ومع هذا فالسعر الجديد لا يتناسب مع ارتفاع بقية الأسعار، ما يجعلني أفكر أحياناً في إغلاق المخبز، والعمل بأي مجال آخر، فالوضع يزداد سوءا ولا أدري إلى أي مدى نستطيع الصمود”.
واعترف المواطن محمد صالح - صاحب مخبز - أنهم ينقصون من وزن الخبز بمختلف أنواعه، معللاً ذلك بقوله: “نضطر إلى إنقاص وزن الخبز، لأنه إذا كان بنفس الوزن السابق المحدد فسيكون خسارة كبيرة علينا في ظل ارتفاع بقية الأسعار وغلاء المعيشة”.
**عدم وجود رقابة**
يؤكد علي غالب الابارة - وهو صحفي في مؤسسة “الثورة” ـ أن قرار رفع سعر الخبز بحسب الكيلو سيظل حبراً على ورق ولن ينفذ على أرض الواقع لعدة أسباب، أهمها عدم وجود رقابة قوية على أصحاب الأفران من قبل الجهات المعنية، وعدم جدية الجهات التي تصدر القرار بمتابعة تنفيذه.
المواطن عصام الحاج طالب الحكومة بتنفيذ قرار سعر بيع الغاز بـ1200 ريال أولاً، ومن ثم مراجعة بقية قراراتها المرتبطة بمعيشة المواطن، وقال: “أيش عرَّف المواطن بالكيلو، نحن قبل كنا نعرف أن 7 أقراص روتي بمائة، والآن 5 أقراص بمائة هذا ما نفهمه”.
وقال المواطن زيد المقطري: “سوريا في حالة استنزاف منذ أكثر من ثلاث سنوات والكيلو الخبز مازال يباع بـ 25 ليرة أي ما يعادل المائة ريال يمني”، مشيرا إلى أن “هذا القرار يدل على تخبط الحكومة، وعجزها في تدارك آثار الجرعة التي أكدت في تصريحاتها سابقا بشأن عدم تأثر بقية السلع بالجرعة.
**حسبة المصاريف**
وفي حسبة دقيقة أشار المواطن خالد سعيد الأصبحي إلى أن “صافي ربح أصحاب المخابز في ظل التسعيرة الجديدة يصل إلى 55 % من الكلفة، وهي بحسب وصفه كالآتي: الكيس الدقيق (50 كجم) سعره 5700 ريال، يعطي 65 كجم خبز، ويعطي عائد مقداره 15,600 ريال، إضافة إلى كلفة بقية المستلزمات والمصروفات إلى سعر الدقيق حيث لا تتجاوز الكلفة 10,000ريال (خميرة وملح وماء تشكل 70 % من الكلفة + قيمة أجور محل وأجور عمال + كهرباء ووقود وأكياس وضرائب ومواصلات وخلافه 30 %) ليصبح صافي الربح 55 % من الكلفة)، فلولا أن صاحب الفرن أنتج 10 أكياس يومياً ـ كمتوسط للإنتاج ـ فسيكسب 56,000 ريال يوميا، وهو ما يعادل راتب خريج جامعي طوال شهر كامل”.
وطالب الأصبحي بـ “أن تحدد وزارة الصناعة ـ المعنية بهذا الموضوع ـ نقاط تبليغ ومراقبة تمكن المستهلك من التبليغ بالمتلاعبين، حيث يمكن للمواطن عند شرائه للخبز إذا ما شعر أن وزنه ناقص التبليغ عبر رقم مجاني يفترض تخصيصه، وحصر عدد البلاغات للنزول الميداني واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة”.
وفي حسبة لما سيصرفه المواطن من أجل شراء الخبز وفق الأسعار الجديدة يرى خالد الغرافي وهو - موظف حكومي - أنه بهذا “سيصبح سعر حبة الخبز أو الروتي (وزن المائة جرام) أربعة وعشرين ريالا، يعني اللقمة بخمسة ريال، وفي حسبة لكل واحد منا كم لقمة سيأكل هو وأطفاله وبقية أفراد الأسرة في الوجبة الواحدة فسيرى ـ خصوصا صاحب الأسرة الكبيرة ـ أن أكثر راتبه يذهب في شراء خبز حاف فقط.. فماذا عن بقية المصروفات الأخرى؟!”.
**زيادة مستمرة**

يقول المواطن الغرافي: “عندما تم رفع قيمة الخبز في العام 2011م، ورفع أسعار المشتقات النفطية في حكومة مجور وباسندوة وعاودت في الانخفاض لم تنخفض أسعار المواد الغذائية كالدقيق والخبز وكذا المواصلات وغيرها، بل ظلت بنفس الأسعار الزائدة”، ويرى أنه “حتى الآن مع تخفيض سعر المشتقات خمسمائة ريال إلا أن الأسعار ستظل كما هي مرتفعة ولن تنخفض”.
ويرجع المحامي صالح علي جناح أسباب التلاعب في وزن رغيف الخبز إلى “تخاذل المواطنين في الإبلاغ عن هذه المخالفات وكذلك تغاضي الجهات المعنية بالرقابة الفعلية ومتابعة تنفيذ القرارات، بالإضافة إلى عدم اهتمام المنظمات المحلية وخصوصا المعنية بالأوضاع الاقتصادية للمواطنين وحقوقهم المعيشية، ومراقبتها لعمل تلك المخابز والضغط عليها من أجل الالتزام بالتسعيرة وفق الوزن وليس العدد، ولا يقتصر الأمر فقط على سعر بيع الخبز وإنما حتى في جودته وضبط المعايير الصحيحة في إعداده ومستوى النظافة”.. مشيرا إلى أنه “في بعض الدول يتم تدعيم الخبز ببعض المواد المكملة أو الفيتامينات الهامة لبناء الجسم ونحن نفتقر إلى نظافة الخبز وخلوه من الشوائب”.
ويظل المواطن اليمني يسعى بكد متواصل لتوفير لقمة العيش التي تثقل كاهله إلى حد كبير، فيما تنشغل الحكومة في مزيد من الصراعات السياسية والأمنية وتتخبط بعدد من القرارات التي يذهب ضحيتها هذا المواطن المنكوب وتجبره الحكومة على تحمل فشلها الذريع ودفع فواتير الفساد الذي استشرى في كافة مفاصل الحكومة كالسرطان المستعصي استئصاله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى