أرجوك يا بابا اشتر لي هذه الطيور!

> علي عمر الهيج

> شكراً لله الذي غمرنا برحمته وفضله، في ظل ظروف معيشية قاسية جداً.. انقطاعات كهربائية أقضت مضاجع الناس في ساعات الليل والنهار.. انقطاعات حاصرت الناس وسط أجواء حارة فاقت كل درجات الحر والرطوبة.. لم تستطع الدولة أن تحترم وعودها المتكررة طوال الأعوام الماضية بتأهيل أوضاع الكهرباء، وتكريس كل طاقاتها لتوفير الكهرباء بشكل معقول، لكنها وكعادتها وبضمير غير مسؤول تركت الحبل على الغارب، الأمر الذي سبب للناس المعاناة والويلات والتعب.
وهناك جانب آخر، امتلأت الأسواق والشوارع والطرقات بالناس والسيارات والباعة المتجولين.. زحام زحام فظيع حتى أن عدن تئن مخنوقة من تلك الفوضى والعشوائية والتخبط.. مساكين أولئك الناس البسطاء الذين حاصرهم الفقر والعوز والحاجة فأووا إلى منازلهم غير قادرين على مواجهة لهيب المعيشة الساخنة.. عائلات وأطفال طحنتهم المعيشة، وأصبح أطفالهم يذرفون الدموع غير قادرين على اقتناء لعبة أو كسوة للمدارس أو حتى لعيد الأضحى القادم.
هكذا هو المشهد في عدن سواء في رمضان الفائت أو حاليا مع حلول موسم المدارس واقتراب عيد الأضحى.. محلات تجارية ضخمة تعرض الملابس والكماليات والعطورات.. أناس تتبضع وتشتري، وأناس في كهوفهم يتلحفون الفقر والعوز.. وفي الزاوية يتزاحم الناس يشربون الليم والعصائر من شدة الحرارة وحبات العرق تسيل على وجوههم.
وفي ركن الشارع يصرخ الشباب عدن.. شيخ.. معلا، وباصات وسيارات ونساء وأطفال ومتسولين وهرج ومرج وصخب وطوابير للسيارات في المحطات طالبين الوقود.. ومواطير تشق بأصواتها سكينة هذه المدينة العتيقة التي كانت في الماضي تنعم بالهدوء والارستقراطية والسكينة والانضباط.. وفي منتصف الطريق سيارة (ليلى علوي) تتبختر ويطل من نافذتها حيوانات كلب وقطة وطيور مزينة بالورود والقبعات.. وطفل في الشارع يشد سروال أبيه صارخاً بابا.. بابا انظر.. انظر اشتر لي هذه الحيوانات، فيسحبه والده من يده ويقول له: هذا يا ولدي إنسان مسؤول مزلط.. هيا امش با نروح نشتري لأمك روتي.. فيبكي الطفل ويذرف الدموع بحسرة.
مشاهد ولقطات ومفارقات.. هناك أناس يعيشون الرفاهية، وأناس يكابدون العناء والمشقة.. كنت في السوق أسجل كل هذه المشاهد، وفجأة ووسط ذلك الزحام انقطعت الكهرباء وانتشر الهرج والمرج والصراخ وأضيئت الفوانيس والشموع والمواطير..و لا تعليق!.
اللهم ارحمنا وبارك لنا وأصلح الكهرباء!
"علي عمر الهيج"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى