محــميــة حــوف .. منطقـــة سياحيــة طالتها يد الاهمــال والنسيــان

> استطلاع / ناصر الساكت

> كنت على الموعد لتلبية دعوة صديقي عوض حامد بن ياسر لزيارة حوف الخضراء وإجراء استطلاع صحفي عن جمال الطبيعة فيها ومقوماتها السياحية الفريدة.
غادرنا مدينة الغيظة واتجهنا شرقا صوب حوف بسيارته “البرادو” كان الوقت ظهرا والحرارة تشوي الوجوه، انطلقنا يسبقنا الاشتياق واللهفة للاستمتاع بأجواء الخريف الرائعة هناك، مررنا بمنطقتي يروب والفيدمي ثم الفتك، وما أن دخلنا منطقة دمقوت حتى بدأت درجة الحرارة تنخفض شيئا فشيئا، وزخات المطر الخفيفة تزداد تساقطا، والمدرجات الجبلية تزداد اخضرارا، فيما نسمات بحر العرب المنعشة وأمواجه وزرقته تزيد الرحلة متعة والمنطقة روعة وجمالا، أجواء جميلة وبديعة وممتعة جدا جعلتنا نتخلى على “مكيّف” السيارة، وفي حوف المدينة والجبل تتألق روائع الطبيعة الساحرة وتكتمل متعة الزائر.
مائة وعشرون كيلو متر مربعا قطعناها من الغيظة إلى حوف، لم نشعر بها، حوف تحولت هذه الأيام إلى قبلة للزائرين والهاربين من نار الصيف لقضاء أجمل اللحظات بين أحضان الطبيعة الساحرة والاستمتاع بأجواء الخريف الرائعة ومناخاته الجميلة ومناظره الخلابة.
**حوف .. سحر الطبيعة**
حوف تعيش هذه الأيام أجواء موسم الخريف، وترتدي حلة قشيبة، تأسر المحبين وتفتن الناظرين بجمالها الطبيعي وتجلياتها السياحية النادرة ومدرجاتها الخضراء.. حوف سحر الطبيعة، وروعة المكان، وجمال الأرض والإنسان، حوف جنة ربانية خضراء حباها الله بمزايا طبيعية ساحرة وآسرة.. وبهذا تُعد حوف واحدة من أجمل المناطق السياحية وأروع المحميات الطبيعية في البلاد، لكنها للأسف تظل رهينة للإهمال والتناسي من قبل الدولة وكأنها ليست من اليمن.
**تجليات موسم الخريف**
في موسم الخريف تهب الرياح الموسمية على منطقة حوف فتهطل الأمطار الخفيفة التي لا تفسد متعة الزائر ويحف الضباب المكان وتتدفق المياه في الأودية، وترسم خيوط الشلالات أجمل صور الإبداع الرباني، تنخفض فيه الحرارة، وتكسو الخضرة المدرجات الجلية والتلال وكل شبر فيها بالحشائش النادرة والزهور الملونة، فتتألق بذلك الطبيعة سحرا ومتعة وجمالاً، فتهدأ النفس العاشقة للطبيعة الآسرة وتكتمل متعة الزائر وسعادته وانتعاشه.. هذه هي تجليات الطبيعة في حوف المهرة. وتقع حوف على بحر العرب في أقصى الشرق بمحاذاة منطقة صلالة العُمانية، وتتأثر بنفس المناخ والأجواء التي تعيشها صلالة أثناء موسم الخريف.
وتضم حوف عددا من المناطق أهمها: رهن، جاذب، حوف، ومنطقة صرفيت التي يقع فيها المنفذ الحدودي مع سلطنة عمان.
**نطالب بإحياء مهرجان حوف**
بدر سالم
بدر سالم
وعن هذه المنطقة وروعت جمالها الخلاب قال لـ«الأيام» بدر سالم كلشات، عضو مؤتمر الحوار: “حوف منطقة جميلة ورائعة، ولكن تنقصها الخدمات الضرورية والمهمة، إذ تفتقر هذه المنطقة إلى الفنادق والمطاعم والاستراحات والمساجد والحمامات، وهذا شيء مؤسف ومحزن حقا”.. ويتساءل كلشات: “ألا تستحق حوف الرعاية والاهتمام ولو بتوفير الخدمات الأساسية؟”.
كما أوضح أن “هذه المنطقة ينقصها الرعاية والاهتمام من قبل السلطة المحلية كمحمية طبيعية ضمن المحميات المعتمدة في البلاد، ولهذا نتمنى من الدولة الاهتمام بهذه المحمية لكونها محمية طبيعية ومنطقة حدودية ومنفذ عبور دوليا، ومنطقة سياحية فريدة”. ويتابع بالقول: “مع الأسف لم تلق هذه المحمية أي اهتمام سواء من السلطة المحلية أو الإعلام الذي بات غائبا عنها بعد أن سخر جلَّ اهتمامه بتغطيات الحروب والأزمات”. وأشار كلشات في سياق حديثه إلى أن هذه المنطقة قد تم التطرق إليها في مؤتمر الحوار الوطني للاهتمام بها كونها منطقة سياحية.. كما ناشد السلطة المحلية ووزارتي السياحة والثقافة العمل الجاد على إعطاء حوف الاهتمام والدعم اللذين تستحقهما، وإعادة إحياء مهرجان حوف السياحي السنوي الذي توقف عام 1999م حيث كانت تقدم فيه الفعاليات التراثية والثقافية والرياضية والسياحية، ويحضره كبار قيادات الدولة كنائب رئيس الجمهورية بغرض الترويج السياحي لهذه المنطقة السياحية وتنشيط السياحة الداخلية فيها.
وفي ختام حديثه قال كلشات: “ما هي أسباب توقف مهرجان حوف؟!.. إن حوف تستحق أن يقام فيها وباسمها مهرجان سياحي لأنها مؤهلة لذلك على غرار مهرجان صيف صنعاء ومهرجان إب، وكذا مهرجان البلدة وغيرها، ولهذا نقول للجهات المعنية: حوف تستحق الاهتمام إن كنتم تقدرون المسؤولية وتحبون الوطن وتسعون إلى تنميته ونهضته”.
**افتقار الخدمات السياحية**
حسين المراني
حسين المراني
جمال الطبيعة في هذه المنطقة جعلها قبلة للزائرين، لاسيما في هذه الأيام للتمتع بجمال الطبيعة والترويح عن النفس.. المواطن حسين المراني (أبو مؤيد) أوضح لـ«الأيام» جانبا من الجمال الطبيعي لهذه المنطقة بالقول: “أنا من المحبين والمتيمين بجمال الطبيعة التي تحظى بها منطقة حوف، الأمر الذي جعلني أزورها مع أسرتي باستمرار في مثل هذه الأيام من كل عام أثناء موسم الخريف الذي يشهد تساقطا للأمطار واخضرارا للطبيعة، وذلك للاستمتاع بروابيها الخضراء وزخات المطر الخفيفة”.. وأضاف: “أحيانا أمكث فيها مع أسرتي لعدة أيام حال تمكنا من الحصول على منزل فيها للتمتع بجمال الطبيعة، ولهذا أتمنى من السلطة المحلية والجهات ذات العلاقة الاهتمام بها كونها منطقة سياحية جميلة تسحر الألباب”.
ويتابع (أبو مؤيد) بالقول: “رغم كل ما تملكه حوف من مقومات سياحية وطبيعة خلابة إلا أنها تفتقر إلى أبسط الخدمات السياحية كالفنادق وغيرها من الخدمات التي يمكن أن تقدم للزائر أو السائح، ولهذا نتمنى من الجهات المختصة أن ترفع عن هذه المنطقة السياحية الإهمال غير المبرر كونها واحدة من أبرز المناطق السياحية في البلاد”.
**حوف.. محمية مهملة**
خويدم ربيع
خويدم ربيع
المواطن خويدم ربيع نصيب عبر عن جمال محمية حوف بالقول: “حوف جنة خضراء تتميز بمزايا ذات تنوع سياحي وبيئي فريد، أجواء خريفية رائعة، ولهذا أحرص على زيارتها كل خميس وجمعة وسبت بصحبة العائلة أو مع زملاء العمل للاستمتاع بأجوائها الخريفية المنعشة”.
وعن ما تعانيه حوف من إهمال من قبل الجهات ذات العلاقة قال نصيب: “رغم كل المميزات التي تتمتع بها هذه المنطقة كونها محمية طبيعية تحتوي على الكثير من الأشجار والنباتات والحيوانات والطيور النادرة إلا أنها تعاني الإهمال في جميع مناحيها الخدمية كغياب الفنادق والخدمات السياحية، الأمر الذي يجبر الزائرين على العودة إلى مناطقهم بمجرد حلول المساء وهو ما يكلف الزائر لهذه المنطقة الكثير كونها تبعد عن الغيظة 120 كم مما يفسد للزائر متعته”.
**موسم مربح**
عوض محمود
عوض محمود
عوض محمود صالح - سائق سيارة تاكسي - يرى أن موسم الخريف الذي يضم أشهر يوليو، أغسطس، سبتمبر يشهد حركة نشطة من قبل الناس لزيارة حوف بغرض السياحة والتمتع بجمال منظرها الطبيعي وهو ما يمكنني من تأجير سيارتي للعائلات والزوار والسياح الأمر الذي يعود علينا بالرزق الوفير، وذلك لما تشهده حوف في هذا الوسم من إقبال كبير من قبل الزائرين”.
ويختم بالقول: “إنه موسم مربح وممتع ولكن حولته جرعة الوقود إلى معاناة لدى سائق وسائل الأجرة التي تعد المصدر الوحيد لهم”.
**ضرورة التوعية لحماية المحمية**
أحمد بن رعفيت
أحمد بن رعفيت
بدوره عبر الإعلامي أحمد بن رعفيت عن ما تحظى به حوف من مناظر سياحية وطبيعية لـ«الأيام» بالقول: “تعد حوف واحدة من أجمل المناطق السياحية في اليمن، حباها الله جمالا طبيعيا وموقعا جعرافيا هاماً في أقصى الشرق من الوطن على حدود سلطنة عمان، لتجمع بذلك ما بين السياحة البرية والجبلية والبحرية، وهذا تفرد نادر”.. ويتابع: “في الخريف تتحول حوف إلى قطعة خضراء يغطي سماءها الضباب والسحب الماطرة، وبهذا تصبح ملجأ للهاربين من حر الصيف في المناطق الأخرىن حيث يقصدونها من كل مكان من محافظة المهرة والمحافظات الأخرى، وذلك لقضاء ولو سويعات من الزمن بين الماء والخضرة وروعة المكان”.
ويستطرد بالقول: “وهنا أجدها فرصة لأنقل بعض ما تحتاجه منطقة حوف من مقومات وخدمات، كالخدمات الفندقية والمطاعم وحاجتها الضرورية إلى إقامة دورات توعوية للسكان المحليين بغرض الحفاظ على التنوع الحيوي كمنع الاصطياد الجائر للحيوانات والطيور وكذا قطع الأشجار ما من شأنه أن يهدد المنطقة والمحمية برمتها”.
وشدد رعفيت على ضرورة الترويج الإعلامي لمنطقة حوف كونها منطقة سياحية، وضرورة التعريف بمزاياها الطبيعية لتشجيع السياح على زيارتها.
**خلو المحمية من السلاح**
أحمد عبدالله
أحمد عبدالله
من جهته أوضح الإعلامي أحمد عبدالله بلحاف بالقول: “خلال موسم الخريف ننظم رحلات سياحية ترفيهية للشباب إلى حوف للاستمتاع برؤية المناظر الخلابة والمرتفعات الخضراء وروعة الطبيعة الآسرة”.. ويضيف: “تتضمن هذه الرحلات فعاليات رياضية وثقافية وشبابية وتوعوية، بالإضافة إلى القيام بحملات نظافة للمواقع لاستعادة جمالية ورونق المنطقة، وهذا من شأنه أن يزيد من متعة الزائر لهذه المحمية”. ويتابعك “إن الشيء الجميل أيضاً هنا خلو المنطقة من مظاهر السلاح، الأمر الذي يشجع على زيارتها والتعرف على مزاياها الطبيعية والسياحية وكذا تنشيط الجانب الاقتصادي لتنميتها وتطويرها في حال تم الاهتمام بها بشكل جدي من الدولة والسلطة المحلية”.
**محمية فريدة**
أماالمواطن أحمد بن علي مصدع من أبناء حوف فأدلى بدلوه عن ما تتميز به هذه المحمية وأبرز المعاناة التي يواجهها الزائر بالقول: “خلال موسم الخريف لا نرى قرص الشمس نتيجة لتساقط الأمطار وتلبد السماء بالغيوم باستمرار، حيث تكتسي فيها الطبيعة باللون الأخضر الجميل”، ويضيف: “إنها محمية طبيعية رائعة وهي عبارة عن سلسلة جبلية فريدة في شبة الجزيرة العربية، ومع هذا تفتقر إلى أبسط الخدمات الأساسية كانقطاع التيار الكهربائي باستمرار وغياب الخدمات الأخرى”.
**محمية حوف.. بيئة متنوعة**
بدوره أوضح مدير مكتب الثقافة بمديرية حوف عامر سيلام سعيد جانبا مما تزخر به هذه المحمية بالقول: “تعد محمية حوف الطبيعية المحمية الوحيدة من نوعها في اليمن من حيث تميزها بطبيعتها ومناخها الجبلي الفريد، وكذا نظامها الموسمي والبيئي الجاف بعد موسم الأمطار، كما أنها وغابة ظفار بسلطنة عمان تعتبران الغابتين الوحيدتين من نوعهما في الجزيرة العربية، خاصة أنهما غابتان تمثلان مركزا للتنوع الحيوي بالجزيرة العربية الجافة”.
ويضيف: “ “وتبلغ مساحة هذه المحمية أكثر من 30 ألف هكتار، وترتفع عن سطح البحر بحوالي 1400 متر، كما أنها تعد موطنا للعديد من النباتات والحيوانات النادرة المهددة بالانقراض وكذا النباتات الاستوائية الموسمية”.. ويتابع سعيد بالقول: “يوجد فيها حوالي 220 نوعاً من النباتات موزعة إلى 65 عائلة و165جنساً، بالإضافة إلى احتوائها على نحو 45 نوعا من الأشجار و49 نوعا من الشجيرات و88 نوعا من الأعشاب العطرية، وأنواع كثيرة من النباتات المتسلقة والأعشاب والنباتات الزراعية، وأنواع متعددة من الضواري والثديات البرية كالنمور والذئاب العربية والضباع والقنافذ والثعالب والوعول والغزلان والوبران والقطط البرية وغيرها من الزواحف والحشرات المختلفة والطيور النادرة، كما تربى فيها الأبقار والجمال والأغنام”.
ويختم بالقول: “منطقة حوف جمعت بين البيئة البحرية والبيئة البرية، فهي غنية بثروة سمكية كالثمد والقرش والديرك والروبيان والشروخ الصخري والسردين وبكميات كبيرة، وتمتلك شواطئ ذهبية رائعة فيها مناطق خاصة بالدلافين والسلاحف النادرة والشعاب المرجانية والنورس، وهذا التنوع الفريد سيساهم في إنعاش السياحة البيئة المعتمدة على الطبيعة لو توفر الدعم والاهتمام من قبل الدولة الذي ما يزال غائبا”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى