الآلاف من عمالها سرحوا قصراً.. تعاونية الشط بالصبيحة مؤسسة جنوبية تم القضاء عليها بعد الوحدة

> استطلاع/ معين الصبيحي

> تعاونية الشط الاستهلاكية بمضاربة الصبيحة بمحافظة لحج إحدى مؤسسات الدولة الجنوبية التي تم القضاء عليها بعد حرب صيف 94م بشكل تدريجي، وصولاً إلى مصادرة والسطو على كل ممتلكاتها المتنقلة والثابتة، من أراضٍ وغيرها في عموم المحافظات لاسيما في محافظة عدن، والتي تحولت الأراضي الخاصة بها إلى أسواق كبيرة بعد أن سطي عليها، بدعم مباشر من الجهات الحكومية.
التدمير والقضاء التام على هذه التعاونية والتي كانت في مرتبة المنافسة على مستوى الوطن، تحت ذرائع واهية وغير منطقية سرعان ما تم كشف زيفها وكذبها، وبلجان رسمية، غير أن المعاناة مازالت مستمرة، وآلاف الموظفين يقاسون مرارة الحياة بعد أن تم تسريحهم من حرب صيف 94م.
تأسست تعاونية الشط الاستهلاكية أثناء زخم العمل التعاوني والنقابي في الجنوب عقب ثورة الـ 14 المجيدة تحديداً عام 70 بمساهمة شعبية واجتماعية من أبناء الصبيحة في تلك الفترة بمركزي المضاربة وراس العارة بمديرية طور الباحة، وقد جمعت المساهمة عبر لجان خاصة من عقلاء وثقات المنطقة ووفقاً لروايات الأهالي فإن المساهمة الاجتماعية والشعبية تلك كانت غير مشروطة، ساهم كل مواطن منهم بما لديه من دنانير وشلينات ورصاص وبنادق وأغنام وغيرها من المساهمات التي تقدم بها المواطنون في سبيل إنشاء هذه التعاونية لما فيها من مصلحة عامة لأبناء المنطقة، وبرغم من القضاء عليها إلا أن إدارة التعاونية ما تزال تحتفظ بكشوفات المساهمة الشعبية المادية والمعنوية في إرشيف خاص كما تحوي على لوحة اسمنتية طويلة عريضة بمقرها الأصلي بمنطقة الشط مكتوب عليها أسماء المساهمين والمؤسسين الأوائل.
**مراحل تأسيسها**
وفقاً للمعلومات فقد مر تأسيس التعاونية بثلاث مراحل ، كانت المرحلة الأولى خاصة بالتأسيس في عام 70م، في حين كانت المرحلة الثانية 87 م والأخيرة بعد الوحدة 90م مباشرة وقدرت المساهمة بحوالي 50 ألف شلن وهو مبلغ باهظ آنذاك تم من خلاله تأسيس تعاونية الشط الاستهلاكية وفتح عدة فروع ومحلات تجارية لها بمناطق الشط والمضاربة السفلى والعلياء وتربة أبو الأسرار في إطار المنطقة ومقر رئيسي لها بمحافظة لحج منطقة صبر تحديداً.
من هناك انطلقت تعاونية الشط الاستهلاكية بمضاربة الصبيحة بمحافظة لحج ومارست نشاطا تجاريا و استثماريا عاما
أبرزه في التجارة العامة والمقالاوت، وذلك في الجمهورية قاطبة لاسيما مناطق الصبيحة بلحج الأمر الذي ارتقى بها إلى احتلال صدارة التعاونيات الاستهلاكية النموذجية في الجمهورية على الإطلاق قبل وبعد الوحدة بل ومنافسة كبرى الشركات والموسسات الإنتاجية والاقتصادية في اليمن خصوصاً بعد الوحدة اليمنية، ومنها مجموعات هائل سعيد أنعم والمؤسسة الاقتصادية العسكرية سابقاً المؤسسة الاقتصادية اليمنية حالياً الأمر الذي جعلها عرضة للتهميش المتعمد وصولاً إلى القضاء التام عليها حسب قول الأهالي في المنطقة.
**اتساع نشاطها**
صورة عامة من السوق
صورة عامة من السوق

شعدت تعاونية الشط في تلك الفترة ازدهاراً كبيراً في مناطق الصبيحة لاسيما لأبناء الصبيحة في طور الباحة، وكرش، والمضاربة، وراس العارة بالمحافظة، حيث أسهمت في إيجاد كثيراً من الخدمات والمشاريع العامة في مجالات مختلفة كالصحة، والتعليم، والزراعة وغيرها من الخدمات بالإضافة إلى مساعدت الفقراء، والعجزة، والأرامل، والأيتام، والدارسين بالداخل والخارج من طلاب الجامعات، فضلاً عن استيعابها المئات من العاطلين عن العمل، غير أن ما تعرضت له هذه المؤسسة أحرم كل تلك الفئات من مصدر أرزاقهم التي كانوا يتحصلون عليها منها.
**بداية ونهايتها**
عمليات النهب والسطو التي تعرضت لها تعاونية الشط بعد حرب صيف 94م طالت أيضاً جميع فروع، ومحلات، ومزارع، وآليات التعاونية المتحركة، وممتلكاتها الثابتة من الأراضي والمبان، مع تحويل العهد الخاصة بالتعاونية كالآليات ووسائل المواصلات والعهد المالية إلى ملكيات خاصة.
وعلى الرغم من أن هذه التعاونية عاودت نشاطها التجاري والاستثماري بشكل جزئي بعد حرب صيف 94م مباشرة في مناطق الصبيحة على أمل استنئاف مواصلة نشاطها، إلا أنها سرعان ما تعرضت كغيرها من المؤسسات الجنوبية إلى القضاء ومصادرة ممتلكاتها وتسريح موظفيها، بالإضافة إلى حظر نشاطها التجاري، والاستثماري، مع تجميد الأموال الخاصة بها في البنوك، مع مصادرة ممتلكات كثيرة لها لا سيما في عدن كالمزارع والأراضي في مخالفة واضحة للقانون.
**2 مليون دولار قيمة ممتلكاتها**
بررت السلطة ما تعرضت له هذه التعاونية وإحالة ملفها إلى اتحاد التعاونيات الاستهلاكية في الجمهورية، ووزارة الشؤون القانونية بأنها تريد التأكد من عدم وجود مخالفات عليها، وللبحث عن حقيقة ما تعرضت له هذه التعاونية نزلت لجنة ثلاثية من وزارة الشؤون القانونية، واتحاد التعاونيات الاستهلاكية بالجمهورية، وممثليين عن التعاونية الشط، لحصر ممتلكات الشط.
وقد قدرت تلك اللجان ممتلكاتها بحوالي 2مليون دولار ونصف و450مليون يمني ما بين أصول ثابتة، ومتحركة، وأرصدة مالية، كما تم التأكد من عدم وجود أي مخالفات قانونية أو شرعية عليها طيلة ممارسة نشاطها التجاري والاستثماري، إلا أن ذلك لم يشفع لها ولم يمكنها من مواصلة مشوارها في مخالفة واضحة وصريحة للقانون، في حين تحولت أراضيها وخاصة التي في عدن إلى ملكيات خاصة مبنى عليها متاجر أسواق كبيرة.
**مسؤولون مدانون**
المواطن صلاح محمد أحمد أكد أن “ما تعرضت له تعاونية الشط يتحمل النصيب الأكبر منه المسؤولون عليها”، مطالباً في الوقت نفسه بالكشف عن الأموال والممتلكات الخاصة بالشط، كما طالب أحمد من المواطنين ـ خصوصاً المساهمين ـ إلى سرعة تشكيل لجان خاصة جادة من الوسط الشعبي والاجتماعي لمناقشة القضية والاطلاع على تفاصيلها.
**ضحايا تعاونية الشط**
كثر هم الضحايا بعد أن تم القضاء على هذه التعاونية بعد حرب صيف 94م، حيث أصبح موظفوها بين عشية وضحاها بلا عمل أو مصدر دخل يعيلون به على أسرهم وأطفالهم، وبعد معاناة وطول متابعة من إدارة التعاونية لحل قضية الموظفين الذين حرموا من مرتباتهم ومحاولة استعادتها لهم، إلا أنها لم تتوصل لحل سوى اعتماد مرتبات زهيدة للمؤسسين الأوائل، في حين أن العمال الآخرين والمقدرين بآلاف لم يتم تسويتهم حتى الآن، رغم وصول مظالمهم إلى اللجان الرسمية الأخيرة ولكن دون جدوى.
**عدم السكوت**
الشيخ سيف محمد
الشيخ سيف محمد
الشيخ سيف محمد أحمد الكعلولي أحد مشائخ ووجهاء الصبيحة بمديرية المضاربة بلحج أوضح رويته عن ما تعرضت له مؤسسة الشط وما يجب العمل به لاستعادة نشاطها بالقول: “إن الخطوة الأولى لحل قضية تعاونية الشط الاستهلاكية يتمثل في انتخاب هيئة إدراية جديدة، وحصر كل ممتلكات وأصول التعاونية الموجودة حتى الآن بوثائق رسمية، ومن ثم متابعة إجراءت القضية الأخرى، والبحث عن فك حظر نشاطها التجاري، والاستثماري، وكذا التعويض الرسمي جراء ما تعرضت له، أما أن تظل الأمور غامضة فهذه جريمة، يجب عدم السكوت عنها”.
وأضاف “عندما نعرف ما الذي تبقى من هذه التعاونية حينها سنعرف ما الذي يجب أن نفعله”، مضيفاً “هناك ممتلكات عظيمة موجودة من أراض في عدن وعموم الجمهورية، وإهمالنا لها يغري الآخرين بالسطو عليها ومصادرتها”.
**تفعيل القضية**
أحمد عبد الكريم
أحمد عبد الكريم

مدير إدارة المشاريع بتعاونية الشط السابق أحمد عبد الكريم التربي تحدث عن هذه القضية بالقول: “قضية تعاونية الشط قضية كبيرة كونها تُعد من أكبر وأهم مصالح الجنوب المصادرة عقب حرب صيف 94م، ولهذا يجب تفعيل هذه القضية على كافة المستويات خصوصاً في الوقت الراهن الذي يعتزم فيه العالم على حل قضية الجنوب”.
بدوره طالب فتحي قويهر هو أحد موظفي تعاونية الشط المسرحين قصراً منذ حرب صيف 94م بضرورة حل قضية موظفي تعاونية الشط، وإعادتهم للخدمة مع تعويضهم عن كل الخسائر المادية، والمعنوية التي لحقت بهم طيلة سنوات الفصل القسري عن العمل.
فتحي قويهر
فتحي قويهر

**مناشدة الأهالي**
وجه أهالي مناطق الصبيحة مناشدة إلى كل أبناء الرموز القيادية من أبناء الصبيح والذين نالهم نصيب من خيرات هذه التعاونية بالإسهام في حلها وإعادتها إلى عهدها القديم وفي مقدمتهم محافظ المحافظة أحمد عبدالله المجيدي، وقائد المنطقة الرابعة اللواء محمود الصبيحي ، والدكتور ياسين سعيد نعمان وغيرهم من الشخصيات القيادية التي تمتلك المقدرة على إيجاد ولو جزء بسيط من حل قضية تعاونية الشط.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى