هـل دخـل الـيـمـن فـي مـعـادلـة (الـقـبائـل والـقـاعـدة) فـي مـواجـهـة (الـحـوثـيـين وبـقـايـا الـدولـة) ؟

> صنعاء«الأيام» فرانس 24:

> خُلطت أوراق الشرق الأوسط وهُزت خريطته التي رسمها الاستعمار الأوروبي وضُربت تحالفات ومواقف عمرها عقود بعرض حائط المصالح الوجودية لأنظمة الحكم القائمة. هذا الوضع المُستجد أعاد خلط التوازنات المحلية في بلاد ما عرف بـ “الربيع العربي” وآخرها اليمن. وإذ برموز الأنظمة القديمة تعود إلى الساحة السياسية من باب مكافحة الإرهاب القديم - الجديد مستفيدة من أجواء الحرب الأممية على تنظيم “الدولة الإسلامية”.
التقارب بين قطبي المنطقة، إيران والمملكة العربية السعودية، فضلا عن المواقف الواضحة من تنظيم “الدولة الإسلامية” أُطلق العنان للحوثيين في اليمن. فمن ناحية تظهر الأقلية الشيعية في المنطقة كالقوة الوحيدة المستعدة لمجابهة تمدد الفكر الجهادي الذي يهدد فعلا وليس قولا الأنظمة العربية القائمة. ومن ناحية أخرى فإن فرع القاعدة اليمني هو بمثابة الفرع شبه الوحيد الذي يشكل تهديدا حقيقيا لمصالح الغرب في المنطقة وخارجها وإرباكه في حرب داخلية سيشغله ويشغل الحوثيين معه. على غرار ما نراه من انهماك الفصائل بحرب استنزاف مع “حزب الله اللبناني” في سوريا. فعلى مثال العراق بات المكون السني اليمني غير متحمس لوعود السلطة التي لا تحقق له أبسط حقوقه وطموحاته. فينتقل شباب هذا المكون، وبحكم الأمر الواقع، إلى صفوف الفصائل الجهادية. ومع استفحال الصراع نجد العشائر في العراق والقبائل في اليمن وهي التي قاتلت الجهاديين تحت مسمى الصحوات أو اللجان الشعبية ، تلحق بالركب.
بدورها تواصلنا مع أحد المقربين من تنظيم “القاعدة” في شبه الجزيرة العربية لاستيضاح تطور الصراع على الأرض والدور الذي يلعبه التنظيم في مواجهة الحوثيين. فقال إن بالنسبة للتنظيم ساحة الاشتباك تمتد على طول اليمن وعرضه واصفا المعركة بـ “المفتوحة بعد تسليم مقاليد البلاد للحوثيين، بمباركة أمريكية - خليجية”.
وبحسبه “يتركز عمل القاعدة على العاصمة كما على الجوف والبيضاء ومدينة رداع خاصة باعتبارها مفتاحا للمحافظة ككل وسبيلا لكسر شوكة القبائل السنية من قبل الحوثيين على غرار ما حدث في صعدة وعمران”. لكن مصدرنا لم يستحسن الدخول في تفاصيل العلاقة المُستجدة مع القبائل “لأسباب أمنية”.
وعندما سألناه عن آخر التطورات في رداع كان مقتضبا للغاية نظرا للحساسية الميدانية للمدينة. إلا أنه أكد لنا ما ورد ببيان عن أنصار الشريعة حول انسحاب الجهاديين كما عدد من السكان بسبب الاشتباكات.
ويقول لنا مصدرنا إن “انسحاب مجاهدي القاعدة والقبائل من منطقة المناسح مساء السبت ومعهم النساء والأطفال إلى مناطق آمنة، جاء بعد اشتداد القصف الجوي والمدفعي من قبل الجيش اليمني وبمشاركة طائرات بدون طيار الأمريكية التي تكثفت بعد فشل الحوثيين في التقدم على الأرض طوال ما يزيد عن عشرة أيام”.
مضيفا أن “القاعدة قبل انسحابها فخخت عددا من المنازل لتفجيرها إذا دخلها المقاتلون الحوثيون”. وهذا فعلا ما تناقلته عدة وسائل إعلام محلية ودولية في الأيام الفائتة حول وقوع الحوثيين في ما وُصِف بـ “فخ المناسح”.
استوقفنا كلام مصدرنا عن تدخل للطائرات بدون طيار، لأنه وإن كان هذا الأمر مشهدا بات اعتياديا في اليمن، فهذه أول مرة تتدخل فيها هذه الطائرات إلى جانب الحوثيين وإن كان العنوان دعم القوات الحكومية في سياق الحرب على تنظيم القاعدة. كما أكد لنا مصدرنا أنه “منذ اندلاع القتال في المناطق الوسطى بولايتي إب والبيضاء؛ كان للطائرات الأمريكية من دون طيار دور ملحوظ في مشاركة ودعم الحوثيين في الحرب.

وأتكلم هنا تحديدا عن مشاركة هذه الطائرات في مراقبة تحركات القبائل والقاعدة في مدينة العدين بولاية إب” التي دخلها المقاتلون مرتين خلال أسبوع واحد، وكذا لعبت هذه الطائرات نفس الدور في جبهات القتال في رداع.
مؤكدا لنا أن “شهادات متواترة من السكان تفيد بكثافة تحليق غير مسبوقة وعلى مدار الساعة في سماء تلك المناطق”.
وهنا يربط مصدرنا أحداث اليمن بسياق الحرب المشتعلة في كل من سوريا والعراق قائلا “أود الإشارة إلى أن تدخل الأمريكيين على خط القتال بهذا الشكل الفج يؤكد حقيقة رضا وتأييد ودعم الأمريكيين لجماعة الحوثي الشيعية التي تحاول تضليل الناس بادعاء عداوتها لأمريكا من خلال شعارات جوفاء تنطق بها الحناجر دون أي أثر فعلي لها على الأرض، وهو دعم أمريكي رأيناه وما زلنا في العراق، حيث تساند واشنطن الشيعة في حكمهم للبلاد”.
علما أن شعار الحوثيين هو كالتالي “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”.
وانطلاقا من هذه المقارنة أردنا تبيان رأي مصدرنا بموقف ونظرة التنظيم للقوات المسلحة اليمنية والتي اصطف عدد من ضباطها وجنودها في صف الحوثيين، خصوصا المحسوبين على نظام الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.
فعاد وأكد لنا مصدرنا الموقف العام للقاعدة من القوات المسلحة اليمنية التي برأيه “تساعد الجيش الأمريكي عبر إعطائه الإحداثيات العسكرية أو غيرها من المساعدات العملانية”، مضيفا أن التنظيم يصف “الجيش اليمني بالمتحوّث منذ أشهر ومنذ بداية الحملة العسكرية على مناطق أبين وشبوة وحضرموت جنوب البلاد تزامنا مع تسليم عمران شمالا للحوثيين، فبينما يتم توجيه البندقية نحو الجنوب بذريعة مكافحة الإرهاب يسلم وزير الدفاع المدن واحدة تلو الأخرى في الشمال وصولا إلى تسليم العاصمة صنعاء”.
نهاية بعد أشهر من المراوحة والأخذ والرد والحلول الوسط والتخبط السياسي في اليمن، ها هي البلاد تدخل معادلة جديدة. معادلة تُذكر بالمعادلة العراقية بعد احتراق ورقة الصحوات، كما بعودة عقارب الساعة إلى الوراء في كل من مصر وليبيا، حيث عادت رموز الأنظمة القديمة لتطل برأسها مُظهرة نفسها كالسد المنيع أمام الجهاديين بعد فشل تجربة الديمقراطية مع الإسلاميين.
لكن للأمر تداعيات فالساحة اليمنية كما الساحة العراقية قبلها باتت أكثر قربا من مكونها الجهادي بسبب اتخاذ الصراع في المنطقة ككل طابعا طائفيا تستسهل الأنظمة القائمة أو العائدة مواجهته وكبح جماحه بالقوة. ما قد يؤدي لنتائج عكسية فالزمن زمن اصطفاف حاد ودموي.. وما بدأ بصناديق الاقتراع ها هو ينتهي بصناديق الذخيرة في بلد تلو الآخر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى