يـهـون.. لأجـل الـوطـن

> أمينة علي حزام

> أوطاننا هي أغلى ما نملك وهي المكان الوحيد الذي نشعر فيه بالانتماء رغم قساوة الظروف وكثرة الخلافات والنزاعات داخله، فلكل منا وطن ينتمي إليه ويتغنى به ويتعايش معه بكل ما فيه من أيام حلوة ومرة، ويختلط بالبشر الذين يتواجدون فيه مهما كانت طباعهم وصفاتهم، فالكل فيه يحمل نفس الروح ونفس ملامح الوطن.
ولا يوجد أصعب من أن نجد هذا الوطن جريحا ويعاني من الحروب والخلافات الداخلية التي تكاد تدمره وتدمرنا معه، وتحطم كل أحلامنا وآمالنا التي كنا نريد تحقيقها فيه، وطموحنا في إعادة بنائه وإعماره من جديد كي يقف على رجليه وتعود له الحياة مرة أخرى.
فأصبحت المشاهد المدمية كثيرة فكثرت التفجيرات وعمليات الاغتيالات المتكررة والقتل والثأر، ولم يعد أي شخص يأمن أن يعود لمنزله سالما من شدة هول ما يراه ويسمعه، فغاب الأمان وغابت معه أرواحنا التي أصبحنا نراها تتساقط على الأرض كأوراق الشجر يوما بعد يوم دون أن نحرك ساكنا، فلم يعد باليد حيلة سوى الدعاء ومحاولة الهروب من الواقع بأساليب مختلفة علها تنسينا وجع ما يحدث داخل الوطن.
ولكن لو سألنا أنفسنا عن سبب كل هذا سنجد أن جميع المواطنين هم الذين تسببوا به، فالكل أصبح أنانيا لا يفكر سوى نفسه ومكانته الاجتماعية، وكيف سيصل إلى المراتب، وكل مسؤول أصبح يدوس على موظفيه كي يصل إلى كرسي القيادة أو البقاء فيه، فغابت ملامح الحب والإيثار التي وصى بها الإسلام منذ القدم، وأصبحت الأخلاقيات مجرد حبر على ورق نقطعه بأيدينا ليطير في الهواء، وأصبحت الأنانية هي سمة البشر، وحتى الخيانة والغدر أصبحا من طبعهم، فلا غرو أن نجد الأخ يقتل أخيه والابن يعصي أبويه والصديق يطعن صديقه، فما نجنيه اليوم هو من زراعة أيدينا بالأمس، فقد عمت قلوبنا الكراهية وظلل عقولنا الحقد وابتعدنا عن الطريق الصحيح لنعرج إلى الهاوية، رغم أننا على يقين أننا سنهلك فيه، وهذا دليل قلة وعي عقولنا وغشاوة أعيننا والجهل الذي أصبحنا نتجرعه كل يوم لأننا ابتعدنا عن ديننا والتهينا في هذه الحياة وملذاتها، واتبعنا شهواتنا دون التفكير للمدى البعيد لما سنتوصل إليه جراء كل هذا.
حقا أصبح حالنا مؤسفا ومحزنا لم نعد نفكر سوى بالحصول على لقمة العيش، وكيف سنكمل يومنا وننام بعد أن كنا نبني أحلاما تصل لعنان السماء.
فلنقف مع أنفسنا قليلا ونحاسبها كثيرا فإذا عرف كل منا ما هو خطأه وقام بتصحيحه سنتخلص من هذه الغمامة السوداء التي غطت سماء الوطن وحجبت عنه ضوء الشمس، شمس الحرية، ولو تبادلنا الحب والاحترام مع من حولنا وفكرنا فيهم كما نفكر بأنفسنا سنجد أن جبال الثلج سوف تزول وتتحول إلى مياه ليشرب منها الجميع ويرووا ضمأ السنين العزاف التي عشناها من قبل.
فمن أجل الوطن علينا أن نعيد النظر في كثير من الأمور، ومراجعة حساباتنا، ومن أجل الوطن علينا أن نجد أنفسنا التي تاهت وسط زحام الحروب والمشاكل والصراعات الداخلية، وإعادتها لتحلم وتحب وتبني وتعمر وطنها الذي أصبح هشيما تداوله الرياح.. فمن أجل الوطن يهون كل شيء حتى أرواحنا.
**أمينة علي حزام/ عدن**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى