قـلاع وحـصون الـحـجـريـة شـواهـد تـاريـخـيـة مـنـسـيـة

> استطلاع/ محمد العزعزي

> تعتبر القلاع والحصون البنيان الأثري في الحجرية بتعز، وهي واحدة من عناصر التراث المادي الذي طالما اعتزت به هذه المحافظة قديما وحديثا، وتعمدت الرسمية في بلادنا إهمال هذه المآثر والشواهد التاريخية فلم تعتن بها ولم تحافظ على هذه الآثار والاعتناء بها لتحافظ بلادنا على رموز قوتها في عصور مضت، وهي شاهدة على القوة الدفاعية التي كانت تتمتع بها في عصور قد خلت.

والحجرية في محافظة تعز تميزت في بناء تلك القلاع والحصون التي توزعت على أرجاء مختلفة في الماضي، بالإضافة إلى طبيعتها الجبلية الخلابة التي تسهم في جذب السائح جنبا إلى جنب وموروثاتها الحضارية المادية.
جدير بالذكر أن الموقع الجغرافي الذي تحتله ناحية الحجرية من حيث الطبيعة الجاذبة والتي يدلل عليها بالحركة السياحية التي تشهدها في أوقات متفرقة من العام، بالإضافة إلى الإرث التاريخي الذي تحظى بها وتحتاج هذه القلاع والحصون إلى لفتة للحفاظ على صورة التراث الجميل الأصيل.
**قلعة المقاطرة (قلعة سودان)**

اشتهرت قلعة المقاطرة بأنها حصينة قاومت الغزاة وعرفت بتاريخها البطولي والنضالي ضد الأتراك والإمامة، الاعتزاز بالنفس والشموخ من سمات أهلها فلا يساومون من أجل مصلحة، مقاومون، مقاتلون بشراسة ومعارضون أقوياء، ولاتقلُ النساء بطولة عن الرجال في مواقف الحسم، دافعن عن القلعة أثناء انتفاضة حميد الدين ضد الإمام يحيى وقاتلن باستماتة إلى جانب الرجال، وحملن السلاح دفاعا عن الكرامة، أبناء المقاطرة ثورة شعبية في سياقها التاريخي.
أهمية القلعة قال عنها عماد السقاف: “تكمن أهمية القلعة كونها معلماً سياحياً، إلا أن صعوبة الوصول إليها، وعدم شق طريق يصل الآخرين بها جعلها معزولة ومنسية، وساهم في إيقاف أي مشاريع استثمارية يمكن أن تقام فيها.. لذلك تقتصر زيارتها على مَنْ نَدَرَ من الناس، ممن يأتون إليها، وغالبيتهم من أبناء الحجرية، باعتبارها سقف المنطقة بأكملها”.
يمكن الصعود إلى هذه القلعة عبر درج من ناحية الغرب وبها بوابة حراسة، كما أن هناك سدا في القلعة يستخدم لسقي الماشية في موسم الحصاد وبها أيضا مسجد يعود بناؤه إلى 800 عام بناه الشيخ العالم عمر بن محمد المسن الطيار.
**حصن جبل العشة**

يقع في الشمايتين بالجهة الغربية من التربة مركز المديرية على بعد 8 كيلو متر تقريبا، يطل على قرى السويقة في بني شيبة من الغرب والشرق ودبع الداخل، يبعد الحصن عن مدينة تعز ب70كم، استخدمه الأتراك قلعة عسكرية لموقعه الإستراتيجي وارتفاعه الشاهق عن ما وراه من قرى وعزل المنطقة، وفي وسط الحصن يقع قبر الولي “عبد الرحمن صالح البرعي” الذي قدم ملتجئاً من تهامة واستقر في قمة جبل العشة لأكثر من عام حتى وافاه الأجل وبنى فيه المسجد، كما يوجد في الحصن كريف ماء طبيعي، وهو من مزارات الصوفية في المنطقة.
**حصن يمين**
يقع جبل يمين في العزاعز وبه بقايا حصن تاريخى من العصر الحميرى وهو أحد الحصون الأثرية ويقع على قمة جبل (يُمَيْن ) في عزلة العزاعز الشمايتين، ويشرف على المناطق المجاورة كالأصباح والقريشة والمقارمة والزكيرة، ويعد الحصن من المعاقل الدفاعية التي سيطرت عليه دول متعاقبة لدولة بني زريع، ثم الدولة الصليحة، والأيوبيون، وحكام بني رسول وغيرهم، استخدمه الأتراك موقعا عسكريا وبه بقايا سدود ومخازن للحبوب، ولم تعد به آثار ونقوش لتعرض الحصن للدمار الشامل.

يُمَيْن يُعدُّ من أحصن المعاقل الدفاعية التي سيطرت عليه دول متعاقبة لدولة بني زريع، ثم الدولة الصليحية، والأيوبيون ، وحكام بني رسول وغيرهم ، نال من الشهرة والذكر في العديد من المصادر التاريخية مثل: العقود اللؤلؤية، والعسجد المسبوك يمكن إعادة الأسوار والاهتمام به واستغلاله في تنشيط صناعة السياحة في المنطقة.
**حصن بيحان (بذبحان)**
جبل بيحان المطل على التربة من الحصون الشهيرة وتسميته حميرية يقال بأن به مغارة تهبط إلى حيب بالأصباح، وبه كهف يطل على ذبحان منحوت في جسم الجبل، واشتهرت الحجرية بتشييد القلاع والحصون عبر حقب من الأزمنة، وهي لا تعلن عن قيام كيانها السياسي إلا بعد إقامة مقر دولتها على قمة حصن، وفي موقع إستراتيجي.
هذا الحصن امتدت إليه يد العبث ودمرت كل ما فيه من آثار وكان آخرها دخول قوات النظام البائد عام 1978م بقيادة علي عبدالله صالح عندما دخلت قوات كبيرة لمتابعة قائد المظلات وتمركزت في سفح الجبل، ودمرت كل محتوياته، وجرفت المقابر والقصور التي تعود إلى عصور قديمة ولم بقَ فيه سوى أساسات المنازل التي بها النقوش الحميرية.
**حصن السمدان**
بفتح السين المهملة، حصن شامخ في منطقتي دبع والرجاعية من بلاد المعافر غربي مدينة التربة على بعد حوالي 15 كم ذكره الأكوع بالقول: “إن الحصن منحوت في الصخر الأصم وليس له إلاَّ باب واحد ومنه يصعد في درج منحوتة حتى تدخل إلى ساحته، وكان في قمته القصور الزاهرة والمباني العجيبة بفن معماري رائع، وفيه مخازن المياه ومستودعات الحبوب”، ولا تزال آثارها باقية تمثل غاية في الروعة والإعجـاب، وكان يضرب به المثل في المناعة والحصانة سيطر عليه “آل الكرندي” كما استخدمه الرسوليون عام 734هجرية، والأتراك والأئمة لأغراض عسكرية، وتعرض الحصن كغيره من المعالم للعبث والنهب، ولم يبق منه سوى الأساسات للمباني ومخازن الحبوب الغذائية والسدود.
**حصن الجاهلي**
يقع في عزلة شرجب بالشمايتين على بعد 5كم شرق التربة ويأتي ضمن سلسة الحصون الدفاعية التي تقع في الحجرية ويعتقد أن هذه المنطقة كانت ضمن نفوذ الدولة السبئية .. تعرض الحصن للدمار الشامل ولم تبقَ به آثار تذكر سوى موقعه الحصين، والجدير بالملاحظة أن هذا الحصن هو الأقرب إلى قلعة المقاطرة ومركز المديرية، حيث تتوفر بعض الخدمات الأساسية.
**حصن منيف (الشمايتين)**
من الحصون الشهيرة التي وردت الإشارة إليه في المصادر التاريخية خلال العصر الإسلامي كالعقود اللؤلؤية للخزرجي وخاصة في فترة الدولة الصليحية والدولة الرسولية، حيث تسلم الحصن الملك المجاهد علي بن داود عام 725هـ ، واتخذه مركزاً لحماية المناطق الجنوبية، منها: لحج وعدن ومناطق الصبيحة، لأن منيف طود شامخ مطل على وادي الزريقة وإرف والعزاعز والقريشة والمقاطرة، وهذا الحصن استخدمته القوات العسكرية لصنعاء لمراقبة عدن ولحج، ودمرت كل محتوياته ولم يبقَ منه سوى الأطلال، ويوجد فيه حاليا أبراج لشركات الاتصالات.
**حصن العرمة**
يقع في بني حماد بمديرية المعافر في محافظة تعز وهو من الحصون اليمنية المهملة يتعرض للكوارث الطبيعية كل عام جراء الأمطار والبرق رغم أن الأهالي يقومون بترميم ما يمكن ترميمه بالطرق البدائية، لكن الإمكانات البسيطة لم تساعدهم على الحفاظ على أسواره العتيقة .. يعتبر هذا المعلم الأثري من التراث الإنساني المحلي والقومي والعالمي ولا يقل أهمية قلعة الدملئوة بالصلو، ويحب المحافظة عليه كونه من أقدم الحصون التاريخية.
وأكد الأهالي أنه “يقع على خط مستقيم مع قلعة المقاطرة وقلعة القاهرة.. ما أن تصل إلى هذا الحصن المنيع حتى تشعر بأنك في سقف عالي يشرف على كل المناطق المجاورة، وهو بهذا يمثل مركز مراقبة وموقع عسكري هام استخدمه الأقدمين لهذا الغرض”.
**خـاتـمـة**
بات من الضرورة أن تقوم الدولة بتبني إستراتيجية وطنية بالشراكة المجتمعية للحفاظ على التراث من النهب والتدمير والاندثار لنشر الوعي بأهمية التراث الإنساني، والحفاظ على ما تبقى من الآثار، وعلى جهات الاختصاص القيام بواجبها تجاه المعالم الأثرية التي تعرضت للتدمير والعمل على استغلال المواقع الأثرية التراثية، والتعامل معها كصناعة بمواصفات خاصة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى