«الـشـفـافـيـة» و «الـذمـة الـمـالـيـة» بـيـن حـكـومـتـي الـوفـاق والـشـراكـة

> «الأيام» تقرير/ مرزوق ياسين

> غادرت حكومة الوفاق برئاسة الأخ محمد سالم باسندوة وجاءت حكومة الشراكة برئاسة المهندس خالد محفوظ بحاح، وما بين الحكومتين تغيب المساءلة وتبقى إقرارات الذمة المالية لكبار مسؤولي الدولة في توابيت هيئة مكافحة الفساد لا أحد يعلم عنها شيئا.
لا يعرف الكثير من المواطنين معلومات مالية لكبار مسئولي الدولة ومرشحي الانتخابات البرلمانية، ويتعمد مسئولو الحكومات المتعاقبة إخفاء ثرواتهم وحجب أرقام ومعلومات حول ممتلكاتهم ودخلهم الشهري والسنوي وإلى غير ذلك من الأمور التي غيبت في السير الذاتية للحكومات المتعاقبة وتحديدا في حكومتي الوفاق والسلم والشراكة.
الـحـكـومـة الـمـشـكـلـة
الـحـكـومـة الـمـشـكـلـة

تعاطت الكثير من وسائل الإعلام الرسمية والحكومية مع مؤهلات وزراء الحكومة والقيادات العسكرية والإدارية خلال السنتين الأخيرتين، وحتى المركز الوطني للمعلومات في موقعه الإلكتروني على الإنترنت نشر معلومات عن مسئولي الدولة السابقين والحاليين، غير أنها مفرغة من معلومات يفترض أن تقدم لتعزز من دور المجتمع المدني والشعب في محاربة الفساد واستغلال السلطة لتحقيق منافع شخصية.
**ضرورة تعديل القانون**
وتحدثت القاضية أفراح بادويلان رئيس الهيئة العليا لمكافحة الفساد لـ «الأيام» عن «ضرورة تعديل قانون الذمة المالية لإغفاله دور الرقابة الشعبية في محاربة الفساد ومبدأ المشاركة الشعبية في الإبلاغ عن الفساد، وأكدت أنه لا يتيح إحاطة الشعب بإقرارات الذمة المالية لمسئولي الدولة التي قدمت إلى الهيئة».
ويتعمد قانون الذمة المالية إخفاء معلومات الذمة المالية لمسئولي الدولة في أدراج قطاع الذمة المالية ويتوجب أن تكون إقرارات مسئولي الدولة بممتلكاتهم خلال شغل الوظيفة العامة متاحة للشعب ليتسنى للمواطنين المشاركة في محاسبة كل من زور أو قدم معلومات مضللة عن حقيقة دخوله أو ثرائه غير المشروع خلال أداء وشغل الوظيفة العامة».
**منع الوصول إلى المعلومات**
وعلى الرغم من أن مضامين المبادرة الخليجية والتي تشكلت بموجبها حكومة الوفاق والتقاسم بين حزب المؤتمر وحلفائه والمشترك وشركائه نصت على النزاهة والكفاءة والحكم الرشيد إلا أن معطيات الواقع أكدت أن الحكومة شهدت فسادا غير مسبوق بالمقارنة بالحكومات التي سبقتها.
ويرى مراقبون أن بقاء إقرارات الذمة المالية حبيسة أدراج قطاع الذمة المالية في الهيئة يشكك في مصداقيتها في مكافحة الفساد، وإغفاله حق الشعب في الحصول على المعلومات الدقيقة الخاصة بشاغلي الوظيفة العامة ومبدأ الرقابة الشعبية.
**دعوة لمحاربة الفساد**
تبدو مواقع التواصل الاجتماعي نافذة لعدد من وزراء حكومة بحاح للتواصل مع المواطنين تجلى ذلك في تجربة رئيس الوزراء خالد محفوظ بحاح في إشراك المواطنين بترشيح وزراء لحكومة الشراكة الوطنية وهي وسيلة إلى جانب وسائل الإعلام الأخرى لمحاربة الفساد وتعزيز دور المجتمع في الرقابة الشعبية.
وبعد ساعات من تعيينها وزيرة للإعلام كتبت نادية السقاف في صفحتها على الفيس بوك مؤكدة على محاربة الفساد المستشري في مرافق الدولة: «الشعب لا يستطيع أن يصبر فنحن بحاجة إلى حلول سريعة».
واضافت: «الذي أتمناه هو مشاركاتكم من أجل أن نحقق لليمن مكتسبا في محاربة الفساد ومقترحاتكم مطلوبة».
**قانون يمنح البراءة**
ويقول الدكتور سعيد عبد المؤمن أستاذ العلوم الإدارية المساعد بجامعة صنعاء لـ«الأيام» إن «قانون براءة الذمة المالية ليس أكثر من تعبئة استمارة لكبار موظفي الدولة يتم تعبئتها من قبلهم ووضعها في صندوق الهيئة وإغلاق الأقفال عليه ولا يتيح للهيئة تقييم الاستمارة لمعرفة صحة البيانات من عدمها كما لا يتيح للمجتمع معرفة ثروات مسئوليه».
وأضاف عبد المؤمن وهو رئيس مركز الأمل للشفافية وقضايا العمل: «قانون براءة الذمة المالية لا يجيب عن سؤال هل هذه الممتلكات التي أقرها المسئولون شرعية أم أتت عبر الفساد وأن العملية تحولت إلى براءة الذمة المالية، وكان يفترض أن تكون إبراء لذمة هذا المسئول أو ذاك».
ويتابع أستاذ العلوم الإدارية توثيق ممتلكات المسئولين في قانون الذمة المالية القائم وفي هيئة مكافحة الفساد «يتم منحهم شرعية إذا تمت محاسبتهم أو مساءلتهم خلال المراحل المقبلة، والمؤكد أن أي مسئول سيتم محاسبته لاحقا سيقول اذهبوا إلى هيئة مكافحة الفساد هناك إقرارات ذمتي المالية، وبالتالي الأمر يتحول إلى إعطاء شرعية لأية ثروات جرى إقرارها في قطاع الذمة المالية».
ويواصل الدكتور عبد المؤمن حديثه بالقول: «ماذا لو قدم مسئول ما معلومات وهمية تفتح له أبواب الفساد خلال إقراره بذمته المالية، وأمر محاربة الفساد في اليمن يحتاج إلى إرادة سياسية وقوى مجتمع مدني حية تراقب وتوثق ونخب تدفع إلى تعزيز المساءلة والمحاسبة وتقييم شاغلي الوظيفة العامة وحاملي الحقائب الوزارية».
ودعا الدكتور عبد المؤمن وسائل الإعلام إلى تبني قانون حق الحصول على المعلومات ومراقبة إداء المسئولين.
**ذاكرة مثقوبة**
وتعاني وسائل الإعلام من ذاكرة مثقوبة تجاه محاربة الفساد وتقول ساندرا جادسان محرر الأخبار الأول في جريدة Tamba bay times بولاية فلوريدا الأمريكية إن «دور الصحافة محوري في توثيق كل شيء عن المسئولين الحكوميين وأعضاء الكونجرس وحتى تمويلات نفقات حملاتهم الانتخابية».
وأشارت جادسان خلال زيارتي إلى مقر الجريدة في مارس الماضي إلى أن دور الصحافة استقصاء وتعقب تصريحات وسلوكيات وأموال السياسيين وأعضاء الكونجرس وإتاحة معلومات وافية عنهم للناس لاتخاذ قراراتهم الانتخابية وفقا لمعلومات دقيقة.
لعبت Tamba bay ttimes دورا كبيرا على مستوى الولايات المتحدة في تقييم نزاهة ومصداقية المسئولين ووزراء الحكومة وقيادات الأحزاب، وتقدم تقارير للمواطنين تقول فيها هذا الرجل «بنطلونه احترق» أي «كرته احترق»، حتى الرؤساء المتعاقبون.
ووزراء حكومة الشراكة الجديدة بالاطلاع على سيرهم الذاتية نجدها خالية من معلومات حول ثرواتهم وممتلكاتهم. يقول الدكتور سعيد عبد المؤمن «على الحكومة الجديدة أن تعمل بشفافية وتنتمي للمواطن ويخرج الوزراء فيها من أبراجهم العاجية، وأن يقدموا سيلا من المعلومات حول الموارد العامة للدولة، الإيرادات والنفقات، وتحديدا في مجالات قطاع النفط والمؤسسات الإيرادية كالضرائب والجمارك.. متسائلا: لماذا لم نحقق موارد مثل الدول الأخرى من هذه القطاعات، أين مكمن الخلل؟.
الخبير المختص في مجال الشفافية د. عبدالمؤمن قال في تعليقه لـ«الأيام»: «أدعو وزراء حكومة بحاح إلى نشر بياناتهم وممتلكاتهم المالية ومصادر دخلهم عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ليقدموا تجربة في إقرارهم للذمة المالية إذا كانوا جادين فعلا في محاربة الفساد، ولا ينبغي أن نضيع مزيدا من الفرص.
**لامجال للأخطاء**
من جهته يقول البروفسور أيوب الحمادي «لا ينبغي أن نحكم مسبقا على حكومة الشراكة الوطنية، فالوضع الذي تشهده البلد لم يعد فيه مجال للأخطاء التي لا تنتهي، وإن فشل الحكومة هذه المرة هو نهاية النظام».. وتابع قائلا: «لم يعد هناك حجة أو سبب للفشل وفي الـ100 يوم الأولى يجب أن نصمت جميعا حتى لا نشتت تركيزهم وعملهم ونعطيهم حجة للفشل والتبرير».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى