عندما قال الأمير القمندان للفنان اللحجي: “بذمتك ليه تحرمني من النوم”

> عياش علي محمد

> أصيب القمندان بمرض الخامج (الجذري) وانتشرت حبات النفط على طول وعرض جسمه مملوءه بالصديد، تضايقة وقت النوم وترفع درجه الحرارة في جسمه، فلا يستطيع مقابلة الزوار ولا يستطيع ان يحظى بالاستقرار.
وفي هذا الوقت أنتشر هذا المرض في لحج، وأصيب الكثير من أهالي لحج به، فكان ملجؤهم وادي طير، وهو الوادي المحاذي لبستان الحسيني شرقًا، حيث مثل هذا الوادي مستوصفًا طبيًا للمصابين بهذا المرض حيث يرقد العشرات من المرضى على حجارة الحارة بفضل حرارة الشمس ويظلون يتقلبون بين الحجارة الحارة حتى تختفي حبات النفط وتزول.
وأشتهر هذا الوادي بعلاج مرضى الخامج الذي تحولت تسميته مؤخرا من وادي طير إلى وادي خير شرق بستان الحسيني.
ولما كان الأمير احمد فضل القمندان لا يجرؤ على الذهاب الى وادي طير والتمدد بين حجاره الحارة كبقية العامة من الناس كانوا يحضرون الحجارة إليه من وادي طير ليرقد عليها لتزيل حبات الخامج من جسده، وهكذا استمر القمندان بمعالجة نفسه من هذا المرض بحجارة وادي طير.. وشفي القمندان من مرضة ولم تظهر على وجهه أي علامات لهذا المرض تشوهه كما يشوه الجدري وجه المريض به.
بعدها سافر القمندان الى القاهرة طلبا للاستجمام والترويح عن النفس، وقضى هناك ثلاثه أشهر، ثم عاد إلى لحج لتستقبله لحج بالأحضان ومعها أعيانها وقبائلها وساداتها الذين جاءوا إليه مهنئين له بسلامة الوصول.
ولما سأل الأمير احمد فضل القمندان عن الفنان فضل محمد اللحجي لم يجبه أحد ولم يجرؤ أحد على اخباره بأن الفنان فضل محمد اللحجي قد سافر إلى المملكة العربية السعودية، مكث فيها قرابة ستة أشهر.. فلم تطب له الحياه هناك بعيدا عن أهله وذويه ومحبيه وبعيدا عن استاذه الامير أحمد فضل القمندان، فوجد الفنان فضل محمد اللحجي نفسه وقد عاد الى لحج بدون ارادته، وقد لبس عمته ومعوزه السعيدوني وقادته أقدامه الى المكان الذي يجب أن يكون فيه، ودخل الفنان فضل محمد اللحجي حجرة السكرتير الأول للأمير القمندان ليخبر القمندان بأنه عاد من سفره وأنه في غرفة سكرتيره (الجمل).
تلقن السكرتير (الجمل) للأمير أحمد فضل القمندان، وقال له إن الفنان فضل محمد اللحجي يتواجد عنده، وطلب منه أن يخبره فيما اذا كان يسمح له بالطلوع إلى خلوته.. فرد عليه القمندان قائلاً: لا تسمح له بالطلوع أنا بنفسي سأنزل إليه. ولم تمضي لحظات حتى التقى الاستاذ بتلميذه وتعانقا وتسارعت دقات نبضات القلوب، وسالت دموعهما.. فقال القمندان بيته الشعري المشهور بعد لقائه الفنان فضل محمد اللحجي: “بذمتك ليه تحرمني من النوم”.
ثم أخذ فضل محمد اللحجي وركبا الحنطور وذهبا إلى استراحة الرمادة ليقضيا وقتا طيبا بعد غيابهما عن المشهد الفني، هذا في مصر العربية وذاك في السعودية.
وظل هذا البيت من الشعر محط فضول الفنان فيصل علوي الذي سافر الى السعودية قاصدا الأمير عبده عبدالكريم كي يكمل له هذا البيت في قصيدة غنائية.. وألح عليه وأعاده لكتابة القصيدة الغنائية بعد أن كان قد أعلن إضرابه عن كتابة الشعر والتلحين.
أستجاب الامير عبده عبدالكريم الطلب الفنان فيصل علوي واكمل هذا البيت بأبيات أخرى تحمل نفس نقاوة الكلمة، فكتب يقول:
بذمتك ليه تحرمني من النوم
قلبي من البعد يا سيد مهموم
عسى تلاقي وحب بيدوم
ياذي عمدت الحسيني بامعك يوم
وهي اغنية جميلة غناها الفنان فيصل علوي ونالت إعجاب المستمعين في كل مكان، وكان الفنان فيصل علوي يغني هذه الاغنية كلما شاهد الأمير عبده عبدالكريم حاضرا في مجلس أو ملتقى.
والقصيدة التي كتبها الأمير عبده عبدالكريم كانت مستوحاة من قصيدة الأمير علي بن أحمد العبدلي، التي يقول فيها:
نسنس نسيم الأحبة
من بعد ما نامت الناس
وأمسي من الهم سالي
سالي كما حاسي الكاس
نشوان من حركه الناس
وخوفا من ضياع اللحن كما ضاعت القصيدة المتعلقة بالقمندان قام الامير عبده عبدالكريم باستكمال كتابة القصيدة لتلتحق بالموروث الغنائي اللحجي.
**عياش علي محمد**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى