وبـا يـقـع للـشـام يـوم أعــوج !

> عياش علي محمد

>
عياش علي محمد
عياش علي محمد
الشام من الناحية الجغرافية تعني (الشمال) وشمال لحج هي بلاد الصبيحة الواقعة جنوب البحر الأحمر، وكانت القوافل التجارية تمر من بلاد الصبيحة المتجهة نحو تعز الشمالية لتبيع تجارتها هناك وتعود من طريق الصبيحة عند عودتها بعد بيع تجارتها وأخذ ما يلزم لبيعه في لحج وعدن.
هذه القافلة التجارية تعرضت للاعتداء والنهب من قبل قبائل الصبيحة، ومعها قتل السيد (مسج) مسيِّر تلك القافلة.
حدث هذا عندما كان الأمير أحمد فضل القمندان يؤلف أغنيته الجديدة (جاهل لعب بالقلب) التي يقول مطلعها:
“دار الذي تهواه وقلبك في الهوى مرجوج رج
واصبر على نار الهوى والصبر مفتاح الفرج
حس الكبد تشعل وحس القلب مدحوس احتلج
وخاطري سافر توكل في الهوى مدن رحج”
وبعد إكمال تأليف قصيدته بدأ بتلحينها وبينما كان يقوم بتلحين القصيدة جاءه صوت يناديه من خارج بيته يعلمه أن القافلة التجارية تعرضت للسلب والنهب وقتل معها السيد مسج، وكان ذلك في الساعة الواحدة فجراً، حيث نزل عليه ذلك النبأ نزول الصاعقة لأن السيد مسج كان أحد السادة المقربين إلى قلبه.. عندها ختم القمندان قصيدته (جاهل لعب بالقلب) بقسم عظيم أن يلقن قتلة السيد مسج درساً قاسياً فقال في قسمه وتهديده:
“حلف قومندان العساكر بالوثائق والحجج
يا ابن شاهر تصنجها مدافعنا صنج
وبا يقع للشام يوم أعوج نسمح به العوج
باننصف المظلوم والمسكين والسيد مسج”
تعرضت قافلة السيد مسج للنهب وقتل أفرادها بينهم السيد مسج، الأمر الذي دفع حكومة عدن والسلطان عبدالكريم فضل لضرورة ملاحقتهم وإنزال العقاب الصارم بهم ليكونوا عبرة للآخرين.
حلقت الطائرات البريطانية فوق اراضي (المناصرة) ورمت منشورات تدعوهم فيها الحكومة للإسراع في إعادة المنهوبات ودفع الغرامة المفروضة من أسلحة ومواشي قبل التاريخ المحدد وإلا قصفتهم الطائرات بالقنابل.
وفي 25 أبريل عام 1938م توجهت قوات لحجية قوامها 400 جندي بقيادة الأمير القمندان للاستيلاء على أكبر حصون قبيلة المناصرة، تؤازرها قوة من جيش محمية عدن الذي كان شيخ قبائل المناصرة محمد شاهر وقبيلته قد أخلوها وتوجهوا نحو الجبال.
وفي 26 أبريل 1938 أرسلت حكومة عدن إلى قبائل المناصرة كتاباً يدعوهم فيه للحضور لمقابلة ضباط حكومة عدن، إلا أن الرسول عاد موضحاً أنه ليس بين المقاتلين المناصرة أحد يحسن القراءة، وطلبوا إرسال شخص آخر يقرأ الكتاب لهم، وتبرع أحد الجنود العوالق بالذهاب إليهم، وعاد الجندي مع فريق من مشايخ المناصرة، واجتمعوا بضباط الحكومة وأبلغوهم رفضهم الانصياع لأوامر الحكومة وأكدوا لهم أنهم لن يعطوا البنادق والمواشي المطلوبة، وأنهم سيقاتلون حتى النهاية.
وقد أدى رفض المناصرة تسليم أسلحتهم والمواشي إلى قيام الطيران الملكي البريطاني بقصف عاصمتهم (المشاريج) ومواقعهم الرئيسية، إضافة إلى بيوتهم ومزارعهم ومواشيهم، ورغم كل ذلك لم تبد قبائل المناصرة أية بادرة للاستسلام.
وفي 30 أبريل 1938م وصلوا فجأة إلى مقر القيادة الميدانية للقوات الحكومية، حيث سلمت القبيلة وشيخها محمد شاهر للبريطانيين وهم في حالة يرثى لها بعد أن فقدوا كل شيء.
ونفذ القمندان قسمه، وعاد الهدوء إلى الصبيحة فدخل قسم القمندان في ختام أغنيته العاطفية مسجلاً بذلك حدثاً تاريخياً ضمن قصائده المغناة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى