شريط «الدولة الإسلامية» تضمن مستوى فائقا من العنف وسط تراجع ميداني

> بغداد «الأيام» جان مارك موجون

> سعى تنظيم “الدولة الإسلامية” المتطرف في شريطه المصور الاخير الذي اعلن فيه ذبح رهينة أميركي وعسكريين سوريين، إلى إظهار نفسه متمتعا بثقة فائضة وتوسع غير محدود، في ما يعتقد محللون انه رد على تراجعات ميدانية للتنظيم خلال الفترة الأخيرة.
وأظهر الشريط البالغة مدته 15 دقيقة، والذي نشرته “مؤسسة الفرقان” الإعلامية التابعة للتنظيم، رأسا مقطوعا قيل انه يعود لعامل الإغاثة الأميركي بيتر كاسيغ الذي خطف العام الماضي في سوريا. وأكدت واشنطن صحة الشريط الذي أثار موجة السخط والاستنكار عالميا.
كما تضمن لقطات أشبه بمشاهد سينمائية متقنة الإخراج، ومصورة بكاميرا عالية الجودة، يقوم فيها جهاديون بذبح 18 شخصا على الأقل قالوا إنهم ضباط وطيارون سوريون، بطريقة متزامنة ووحشية.
ويعد الشريط الأكثر عنفا ضمن الأشرطة الدعائية للتنظيم الذي أقدم خلال الأشهر الثلاثة الماضية على ذبح خمسة رهائن غربيين، كما نشر أشرطة تظهر تنفيذه عمليات إعدام جماعية بحق جنود ومدنيين في العراق وسوريا.
إلا أن محللين يرون في الشريط دليلا على تضعضع في صفوف التنظيم الذي يتعرض منذ أغسطس لغارات ينفذها تحالف دولي بقيادة واشنطن.
وبحسب تقرير لمركز “صوفان غروب”، فان “تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال خصما قويا لا سيما بالنسبة للملايين الذي يخضعون لسيطرته في سوريا والعراق، إلا أن التنظيم يبدو غير مترابط وفاقدا للتوازن”.
يضيف “تخلى التنظيم عن الرسائل المنضبطة، وبات الآن يرمي برسائل عامة إلى مؤيديه وخصومه”.
ورجح مسؤولون غربيون في أوقات سابقة ان التنظيم بلغ الحد الاقصى لنفوذه، ثم بدأ بالتراجع بعض الشيء، اثر الهجوم الكاسح في حزيران/يونيو الذي سيطر خلاله على مناطق واسعة في العراق، ثم اعلانه اقامة “الخلافة”.
ويقول أيمن التميمي، الباحث في “منتدى الشرق الاوسط” والخبير في شؤون الجماعات الجهادية، لوكالة فرانس برس “اعتقد انه من الممكن ربطه (الشريط) مع التراجعات التي تعرض لها التنظيم” مؤخرا.
ومنذ بدء التحالف تنفيذ ضرباته الجوية في العراق (في اغسطس)، وسوريا (سبتمبر)، فقد التنظيم السيطرة على مناطق كان يسيطر عليها، وتراجع تقدمه في البلدين.
ففي شمال سوريا، يحاول التنظيم منذ منتصف سبتمبر السيطرة على مدينة عين العرب (كوباني بالكردية) قرب الحدود التركية، الا انه يواجه مقاومة شرسة من مسلحين اكراد وسوريين تؤازرهم ضربات التحالف. وقتل اكثر من 700 عنصر من التنظيم خلال المعارك.
اما في العراق، وعلى رغم ان التنظيم وسع سيطرته في محافظة الانبار (غرب)، الا ان القوات العراقية حققت تقدما في انحاء اخرى، ما مكنها من استعادة بعض المناطق خلال الاسابيع الماضية، ابرزها مدينة بيجي الاستراتيجية وفك حصار مصفاتها الاسبوع الماضي.
ونشر التنظيم الشريط المصور بعد ثلاثة ايام من تسجيل صوتي منسوب إلى زعيمه ابو بكر البغدادي، بعد ايام من انباء عن مقتله او اصابته في ضربات جوية نفذها التحالف ضد قيادات للتنظيم في شمال العراق.
وتوجه البغدادي في التسجيل بعبارات “الطمأنة” لمؤيديه، مؤكدا ان الضربات الجوية لن توقف “زحف” التنظيم. كما تطرق إلى اعلان جماعات جهادية في بعض الدول العربية مبايعتها له، للاشارة إلى توسع تنظيمه.
ويعد استقطاب جهاديين جدد جزءا اساسيا من العمل الدعائي للمتطرفين.
وتقول الباحثة في مركز “كارنيغي الشرق الاوسط” داليا غانم يزبك لفرانس برس “العنف الفائق في هذه الاشرطة يخدم هدفين: الاول (...) حشد المؤيدين، تشجيع المترددين وردع الانشقاقات”، اما الثاني “فهو اظهار ان التنظيم يحتفظ بقوته العسكرية القاسية ولا يزال موجودا على الارض وفاعلا حاليا، وقادر على ضرب اي كان، في اي مكان واي زمان”.
ويشير التميمي إلى ان عرض خريطة العالم التي يبدأ بها الشريط الاخير، تظهر توسع التنظيم في الشرق الاوسط وطموحه لتوسيع نفوذه على كل العالم، يهدف إلى التأكيد على اهمية المبايعات التي تلقاها زعيم التنظيم مؤخرا، لا سيما من جماعة “انصار بيت المقدس” في مصر.
ويوضح “وجوه الذين نفذوا عمليات الاعدام في الشريط كانت مكشوفة (باستثناء عنصر واحد كان ملثما)، وتظهر بوضوح انهم من جنسيات مختلفة، وهذه طريقة لاظهار التركيبة الدولية للتنظيم”.
ومن هؤلاء جهاديون اجانب معروفون، يعتقد ان من بينهم استرالي ودانماركي، اضافة إلى فرنسي واحد على الاقل. كما ان العنصر الملثم الذي شارك في ذبح احد العسكريين السوريين وبدا واقفا إلى جانب الرأس المقطوع لكاسيغ، يتحدث بلكنة بريطانية. ويعتقد بانه العنصر نفسه الذي قام في اشرطة سابقة بذبح الرهائن الاجانب، وهما اميركيان وبريطانيان.
وفي مقابلة بثتها الاثنين قناة نروجية مع من قالت انه “منشق” من تنظيم “الدولة الإسلامية”، يعتبر هذا العنصر ان الجهاديين الاجانب يثيرون بعض الشقاق في صفوف التنظيم.
ويقول هذا العنصر الذي تحدث باللغة العربية واجريت معه المقابلة في تركيا “هم مختلفون لانهم يملكون المال وعاشوا في اوروبا... لذا يقنعون انفسهم انهم اتوا إلى هنا ليصبحوا شهداء ويموتوا في سبيل الله”، مضيفا ان “غالبية العمليات الانتحارية للتنظيم ينفذها جهاديون اجانب”.
وتبنى التنظيم خلال الاسبوعين الماضيين تفجيرين على الاقل نفذهما انتحاريان اجنبيان، احدهما بريطاني والآخر هولندي.
وحذر البغدادي في تسجيله الصوتي الاخير ان الدول المشاركة في التحالف سترغم “للنزول إلى الارض” لقتاله.
ويرى مركز “صوفان غروب” ان الدعاية الاحدث للتنظيم تظهر بعضا من اليأس، مشيرا إلى ان “البغدادي لا يهدد بقدر ما هو يتوسل”.
يضيف “الدولة الإسلامية يحتاج إلى الهروب من العلبة التي وجد نفسه محاصرا فيها”.
ا.ف.ب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى